أثار إقصاء مهنيي الصحة من أشغال المنتدى الجهوي للحكامة المرفقية، الذي انعقد بمدينة طنجة يوم 12 نونبر 2025 تحت شعار “حكامة المرفق الصحي”، موجة استياء واسعة داخل صفوف النقابة الوطنية للصحة العمومية المنضوية تحت لواء الفيدرالية الديمقراطية للشغل. فقد عبّر المكتب الجهوي للنقابة بجهة طنجة تطوان الحسيمة عن أسفه العميق واستنكاره لهذا “الإقصاء غير المبرر”، معتبرًا أنه يمس بجوهر الحوار المؤسساتي ويشكل تراجعًا عن مبادئ الديمقراطية التشاركية التي ينص عليها الدستور.
النقابة أوضحت في رسالة احتجاجية موجهة إلى وسيط المملكة أن تغييب ممثلي مهنيي الصحة عن هذا اللقاء الجهوي يعد “خرقًا واضحًا للمقاربة التشاركية”، خصوصًا أن الندوة تحمل طابعًا يرتبط مباشرة بالمنظومة الصحية وبالظروف المهنية والإدارية التي يعيشها العاملون داخل المرافق الصحية. وأضافت أن مثل هذا المنتدى كان من المفترض أن يشكل فضاءً لتبادل الرؤى بين مختلف المتدخلين، وفي مقدمتهم الأطر الصحية التي تمثل الطرف الأكثر التصاقًا بواقع القطاع والأقدر على تشخيص إشكالاته.
وأكد المكتب الجهوي للنقابة أن المغرب يعيش مرحلة حساسة تُباشَر فيها أولى خطوات تنزيل الهيكلة الجديدة للمنظومة الصحية، وتعميم التغطية الصحية، وتفعيل مؤسسة الحكامة الجديدة المعروفة بـ“المجموعة الصحية”. وفي هذا السياق، شددت النقابة على أن نجاح أي إصلاح أو نموذج حكامِي يظل رهينًا بإشراك فعلي لمهنيي الصحة باعتبارهم الفاعل الأساسي والمتأثر الأول بكل تحول تنظيمي أو إداري داخل القطاع.
واعتبرت النقابة أن إقصاء المهنيين من محطة جهوية بهذا الحجم “يضعف النقاش ويحد من فعاليته”، ويجعل التوصيات الصادرة عنه “فاقدة لركن أساسي من أركان الحكامة الجيدة”، لكونها تنفصل عن صوت الميدان وتغيب آراء الفاعلين المباشرين في القطاع.
وطالبت النقابة من مؤسسة وسيط المملكة التدخل لتصحيح هذا الوضع وضمان تمثيلية فعلية ودائمة لمهنيي الصحة في كل اللقاءات المتعلقة بالحكامة الصحية، إضافة إلى تبني مقاربة تشاركية حقيقية في النقاشات المرتبطة بالإصلاحات الجارية. كما دعت إلى الاعتراف بالدور الجوهري للهيئات النقابية باعتبارها شريكًا أساسيًا في بلورة أي تصور إصلاحي، مؤكدة أن نجاح الحكامة الصحية يستحيل دون إدماج هذه الأطراف التي تعيش تفاصيل المرفق الصحي يوميًا وتملك معرفة دقيقة بتحدياته.
وختم المكتب الجهوي رسالته بالتعبير عن استعداده الدائم للانخراط الإيجابي في كل المبادرات الجادة الرامية إلى إصلاح القطاع الصحي، محملًا في الوقت ذاته الجهات المنظمة مسؤولية هذا الإقصاء، ومؤكدًا أن تكرار مثل هذه الممارسات يسيء لروح الحوار المؤسساتي ويضعف الثقة في مسارات الإصلاح المرتقبة.





