يشهد معبر باب سبتة مرة أخرى مشهداً من الفوضى التي لم تعد استثناءً، بل تكاد تتحول إلى قاعدة يومية. فمع انطلاق أشغال التهيئة بالجانب المغربي، انفجرت طوابير السيارات على امتداد الطريق المؤدي إلى الثغر المحتل، وبلغت ساعات الانتظار ما يقارب الست ساعات كاملة، في يوم عمل عادي لا يبرر هذا الاختناق الحاد. صور وفيديوهات انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي كشفت حجم الانسداد المروري، وأعادت طرح سؤال حكامة هذا المعبر الذي يعد واحداً من أكثر النقط الحساسة في شمال البلاد.
المعطيات المتداولة تشير بوضوح إلى أن جزءاً كبيراً من هذا الازدحام ليس طارئاً، بل هو نتيجة مباشرة لغياب تصور مرحلي واضح أثناء تنفيذ مشروع الهيكلة. فالأشغال الجارية في المنطقة الساحلية أغلقت مسارات الخروج وأبقت على ممرات الدخول فقط، ما جعل ثلاثة مسارات يتقاسمها الجميع، في وضع لا يمكن إلا أن ينتج احتقانا مروريا ومعاناة يومية لآلاف العابرين.
التصور الجديد لتنظيم حركة المرور داخل المعبر، والقائم على نقل كافة الحركة إلى المنطقة العلوية عبر ستة مسارات—ثلاثة للدخول وثلاثة للخروج—قد يبدو من حيث المبدأ خطوة نحو عقلنة التدفق، لكن طريقة تدبير المرحلة الانتقالية تطرح أكثر من علامة استفهام. فالأشغال الموزعة على مرحلتين، في الجزء السفلي ثم في الجزء العلوي، تتم وسط غياب أي تواصل رسمي يشرح للمواطنين ما يجري، أو جدول زمني يطمئنهم حول نهاية هذه المعاناة.
اليوم، يجد العابرون أنفسهم محاصرين وسط فوضى الأشغال، فيما يظل الورش مفتوحاً إلى أجل غير معلوم. وما لم تُعتمد مقاربة تواصلية واضحة، وتدبير مرحلي محكم يراعي مصالح المواطنين، فإن معبر باب سبتة سيظل عنواناً لارتباك إداري يكرر نفسه، بدل أن يتحول إلى نموذج لحدود منظمة تحترم كرامة الإنسان وحقه في التنقل دون إذلال.





