Web Analytics
أخبار وطنية

زلزال الإعفاءات في الجامعات المغربية… هل تصل الموجة إلى جامعة عبد المالك السعدي؟

شهد قطاع التعليم العالي في المغرب خلال الأسابيع الأخيرة قرارات إعفاء طالت عدداً من رؤساء الجامعات وعمداء الكليات، في خطوة فسّرها البعض بأنها بداية حملة إصلاحية لإعادة الانضباط والشفافية للمؤسسات الجامعية، فيما رأى آخرون أنها قد تحمل أبعاداً سياسية. وبين القراءتين، يطفو على السطح سؤال ملح: هل يمكن أن تمتد هذه القرارات إلى جامعة عبد المالك السعدي التي ارتبط اسمها، وخصوصاً كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمرتيل، بسلسلة من الفضائح التي أثارت جدلاً واسعاً وأضرت بسمعة المؤسسة؟

على مدى الأشهر الماضية، كشفت تقارير صحفية، من بينها تحقيقات نشرتها شمال بوست، عن قضايا متشعبة داخل كلية مرتيل، تراوحت بين جرائم تزوير النقاط ومنح شهادات لطلبة لم يستوفوا الشروط الأكاديمية، وملفات فساد مالي وإداري تتعلق بتدبير الصفقات والموارد، وصولاً إلى فضائح أخلاقية. هذه القضايا لم تكن مجرد إشاعات، بل أثارت ردود فعل قوية من المجتمع المحلي والهيئات الطلابية، مطالبة بفتح تحقيقات شفافة ومحاسبة المسؤولين.

ويرى مراقبون أن حجم وخطورة هذه الفضائح يجعل من الضروري التعامل معها وفق مسار مزدوج: إعفاء المسؤولين الإداريين المتورطين أو المقصرين، وفتح تحقيقات قضائية لتحديد المسؤوليات القانونية. فالإعفاء الإداري، مهما كانت ضرورته لتهدئة الوضع، لا يمكن أن يكون بديلاً عن المساءلة أمام القضاء، خاصة حين يتعلق الأمر بجرائم محتملة تمس المال العام أو حقوق الطلبة.

جامعة عبد المالك السعدي، التي تضم مؤسسات في تطوان وطنجة والعرائش ومرتيل، تُعد إحدى أكبر الجامعات المغربية وأكثرها تأثيراً في المنطقة الشمالية. غير أن تراكم الملفات السوداء، وغياب قرارات حاسمة حتى الآن، يطرح تساؤلات حول مدى الجدية في معالجة هذه الاختلالات. فهل ينتظر الأمر تدخلاً مباشراً من وزارة التعليم العالي ضمن موجة الإعفاءات الجارية؟ أم أن حجم التشابكات داخل الجامعة يستدعي تحقيقاً معمقاً قبل أي خطوة؟

العديد من الفاعلين في الحقل الأكاديمي يرون أن الإصلاح الحقيقي لا يكتفي بتغيير الأشخاص، بل يقوم على إصلاح البنية الإدارية وتفعيل آليات المراقبة والمحاسبة الدورية. كما يشددون على ضرورة حماية الشهود والضحايا، خصوصاً الطلبة الذين تضرروا من ممارسات غير قانونية أو غير أخلاقية، وإتاحة قنوات آمنة للإبلاغ عن المخالفات.

إن ما كشفته وسائل الإعلام حول كلية الآداب بمرتيل ليس حالة معزولة، بل قد يكون مؤشراً على أعطاب أوسع داخل الجامعة. لذلك، فإن أي حملة إصلاحية أو إعفاءات يجب أن تُستكمل بتحقيقات قضائية وقرارات شفافة تُعلن للرأي العام، حتى تُستعاد الثقة في الجامعة كمؤسسة علمية يفترض أن تكون قدوة في النزاهة والانضباط.

في النهاية، يظل السؤال مفتوحاً: هل سيصل “زلزال الإعفاءات” الذي بدأ في جامعات أخرى إلى رئاسة جامعة عبد المالك السعدي ومؤسساتها؟ الإجابة قد تحدد ليس فقط مستقبل هذه الجامعة، بل صورة التعليم العالي في المغرب بأسره، بين واقع الفضائح وطموح الإصلاح.

زر الذهاب إلى الأعلى