قضت محكمة الاستئناف الإدارية بمدينة طنجة بإلغاء ترخيص للبناء صادر عن جماعة تطوان، يتعلق بتشييد عمارة سكنية بشارع الجيش الملكي، بعد أن ثبت للمحكمة وجود خروقات قانونية صارخة في هذا الترخيص، مع ترتيب جميع الآثار القانونية المترتبة عن هذا الإلغاء.
ورغم صدور الحكم القضائي بشكل نهائي، وتوصل الجماعة به عبر مفوض قضائي إلى مقرها الرسمي، إلا أن جماعة تطوان امتنعت صراحة عن تنفيذ القرار، كما ورد في محضر التبليغ، ما يُعد سابقة مثيرة للجدل في علاقة الجماعات الترابية بمنظومة العدالة.

خروقات تعميرية جسيمة
وتعود تفاصيل القضية إلى أكثر من سنة، حين شرع في بناء العمارة المشار إليها، في خرق واضح لقانون التعمير، حيث لم تُحترم المسافة القانونية الفاصلة بينها وبين العقارات المجاورة، كما تم تجاوز التصفيف المحدد في التصاميم المعمارية المصادق عليها. كما أن تصميم التهيئة الخاص بالمنطقة التي يقع فيها العقار لا يسمح بتشييد مبانٍ شاهقة، بينما التصميم الهندسي المعلق على واجهة الورش يُظهر مشروعًا من 10 طوابق، وهو ما اعتبرته المحكمة تجاوزًا فاضحًا للضوابط التنظيمية.
وأبرزت المحكمة في تعليل حكمها أن الجماعة لم تأخذ بعين الاعتبار الأضرار الفادحة التي ستلحق بالسكان المجاورين، ومنها حجب أشعة الشمس، إفساد المنظر الخارجي، المساس بالحُرمة الاجتماعية والأخلاقية للسكان، وانخفاض القيمة العقارية لممتلكاتهم. كما لفت الحكم إلى أن المشروع يمس بجمالية مدخل المدينة من الجهة السياحية المطلة على شاطئ البحر، ما يُخلّ بمقومات التناسق العمراني والمعماري لتطوان.
رفض التنفيذ.. وتداعيات قانونية خطيرة
رغم وضوح الحكم، فإن ممثل الجماعة رفض الامتثال لقرار المحكمة، وهو ما اعتبره خبراء في القانون الإداري خرقًا خطيرًا لمبدأ دولة القانون، مؤكدين أن رفض تنفيذ أحكام قضائية نهائية من طرف إدارة عمومية يُعد مسا بهيبة القضاء، وتعطيلاً لسير العدالة.

وحذر الخبراء من أن هذا السلوك قد يُعرض جماعة تطوان لخسائر مالية جسيمة، كما أن المسؤولين الإداريين المعنيين قد يُتابَعون شخصيًا بموجب الغرامات التهديدية المنصوص عليها في القوانين الإدارية، بل قد تصل المساءلة إلى عقوبات جزائية في حالة ثبوت الامتناع المتعمد عن تنفيذ حكم قضائي واجب النفاذ.
تكشف هذه القضية عن اختلالات عميقة في علاقة بعض الجماعات الترابية بمبدأ احترام القانون، وتطرح تساؤلات ملحة حول سبل تعزيز آليات الرقابة والمحاسبة لضمان احترام الأحكام القضائية، وحماية النسيج العمراني والحضري من الفوضى التعميرية.