شكلت عشرات رزم الحشيش التي لفظتها أمواج شواطئ اقليم تطوان ومرتيل، في اليومين الماضيين مادة دسمة للتداول لدى الرأي العام ما بين مستبشرٍ باستمرار التهريب الدولي للمخدرات في المنطقة ومستهجنٍ من استمرار هذه التجارة ومشكك في صرامة مراقبتها.
تناقض في الرأي يظهر الهوة الحاصلة في الحكم على تجارة ممنوعة تُجمع الأغلبية أنها لإفساد المجتمع وخلق شريحة من الخارجين على القانون الذين تمكنوا عبر سنوات من إفساد وكلاء إنفاذ القانون، وأقلية تعتبر الأمر إجابة على تفشي البطالة والهشاشة المجتمعية وأنها سبيل لإنقاذ من يعتبرون في نظرهم أبطال يغامرون برا وبحرا لتوفير الحياة الكريمة لأسرهم.
في اقليم تطوان الجميع يعرف أن شواطئ سيدي عبد السلام وأزلا وأمسا وتمرابط وتمرنوت وأوشتام ووادلاو… لم تتوقف بها عمليات التهريب يوما، وأن أباطرة التهريب بالمنطقة، وهم بالمناسبة معروفون بالاسم واللقب للجميع، بل منهم من يتابع أو صدرت في حقه مذكرات بحث دون أن تطاله العدالة، يصولون ويجولون بكل أريحية رغم انتشار السدود القضائية للدرك الملكي، وينظمون عمليات التهريب بانتظام رغم انتشار عشرات العناصر من القوات المساعدة.
فإذا كانت الدولة قد شرعت في تقنين زراعة نبتة الكيف وتعمل على تطوير استخدامها في مجالات بديلة للمخدرات تضمن كرامة المزارعين وترفع من مردودها المادي عليهم وتقيهم شر حياة الخوف والاختباء والعيش تحت رحمة المساطر المرجعية، فإن استمرار التواطؤ والتعاون مع مافيا التهريب الدولي للمخدرات وصمة وخذلان كبيرين لمجهودات الدولة في إصلاح الاختلال الذي أنتجته سنين من زراعة وتجارة المخدرات.
شواطئ اقليم تطوان جنات مطلة على البحر الابيض المتوسط، تحتاج لتنمية حقيقية تجعلها وجهات سياحية للاستمتاع صيفا وشتاء بالطبيعة والبحر، جنات تحتاج لفرص حقيقية للاستثمار السياحي والتفكير في تمكين سكان المنطقة من سبل الحياة الكريمة بعيدا عن متاهات المغامرة خارج القانون.
كما تحتاج لتحرير شامل للملك العام البحري الذي تحولت بعض البنايات فوقه إلى مستودعات تنطلق منها زوارق تهريب المخدرات، التي تنتهي مداخيل تجارتها الغير الشرعية في النهاية في أرصدت أباطرة التهريب والمتواطئين من حراس تنفيذ القانون، فيما يرمى لشباب المنطقة وسكانها وصم التهريب وسنوات سجن كلما طُلب كبش فداء لتبييض سواد واقع مرير.