تعيش المدينة العتيقة بتطوان على وقع أزمة متفاقمة بسبب الفوضى العارمة التي تتسبب فيها الدراجات النارية، والتي باتت تشكل خطراً حقيقياً على سلامة السكان والزوار على حد سواء. فأزقة المدينة، التي تتميز بضيقها وطابعها التاريخي، أصبحت تعج بهذه المركبات، في ظل استغلال سائقيها لغياب المراقبة المستمرة، ما جعل من التجول في المنطقة تحدياً يومياً محفوفاً بالمخاطر.
ورغم الحملات الأمنية المتكررة التي تباشرها مصالح ولاية أمن تطوان من حين لآخر، والتي تسفر عن حجز عدد من الدراجات المخالفة وتحرير محاضر ضد مرتكبي هذه السلوكيات، إلا أن المدينة العتيقة لا تزال خارج نطاق الإجراءات المستدامة الكفيلة بوضع حد لهذا النزيف المتواصل.
وقد سبق لساكنة المدينة العتيقة أن دقّت ناقوس الخطر عبر تنظيم وقفات احتجاجية رمزية وعرائض تعبر عن عن استيائهم من غياب الحزم في تطبيق القوانين داخل هذا الفضاء التاريخي المصنف تراثاً عالمياً من قبل اليونسكو. ورغم وجود علامات تشوير واضحة تمنع مرور الدراجات النارية داخل الأزقة، فإن الواقع يثبت أن تلك العلامات مجرد ديكور لا يُحترم.
وفي مقابل هذا الوضع، تؤكد مصادر من داخل المجلس الجماعي لتطوان أن هناك تنسيقاً جارياً بين السلطات المحلية والأمنية من أجل اعتماد خطة ميدانية أكثر نجاعة، تقوم على تعزيز التواجد الأمني في مداخل المدينة العتيقة، ووضع حواجز لمنع دخول الدراجات، إضافة إلى إطلاق حملات تحسيسية لفائدة الساكنة وأصحاب المحلات بشأن ضرورة احترام القوانين والحفاظ على الطابع الهادئ للمنطقة.
كما يجري التفكير في حلول مبتكرة تشمل استخدام كاميرات المراقبة لتعقب المخالفين، وتفعيل دور المجتمع المدني في التوعية والتبليغ عن التجاوزات، في خطوة تأمل من خلالها تطوان استعادة سكينة مدينتها العتيقة، وضمان راحة زوارها الذين يأتون لاكتشاف تاريخها العريق وليس لمجابهة هدير المحركات داخل أزقتها.
وفي انتظار حلول فعالة، تظل الدراجات النارية صداعاً يومياً ينهش ذاكرة تطوان وسحرها المعماري، وسط دعوات متزايدة لوضع حد للفوضى وإعادة الاعتبار لأحد أقدم وأجمل أحياء المغرب العتيقة.