يشهد المشهد السياسي بمدينة مرتيل مرحلة مفصلية بعد القرار القضائي النهائي القاضي بعزل الرئيس المنتخب للجماعة الترابية، وهو القرار الذي أعاد ترتيب الأوراق داخل الأغلبية المسيرة وفتح الباب أمام مرحلة جديدة من المشاورات السياسية الدقيقة.
وفي خضم هذه الحركية المتسارعة، يبرز اسم صوفيا دروان، النائبة الرابعة للرئيس المعزول وعضوة حزب الحركة الشعبية، كأحد أبرز المرشحين لقيادة المجلس الجماعي، في ظل توافق مبدئي بين مكونات التحالف القائم على تقاسم المسؤولية أساسا بين حزبي الأصالة والمعاصرة والحركة الشعبية إضافة لأحزاب وأعضاء جماعيين آخرين.
وتشير المعطيات المتوفرة لشمال بوست، إلى أن التحالف القائم داخل المجلس ما يزال متماسكاً، رغم بعض الانفلاتات الفردية، وهو ما يجعل كفة دروان راجحة لرئاسة الجماعة خلال المرحلة المقبلة. فالحركية السياسية التي تعرفها المدينة بعد العزل لم تتحول إلى أزمة مفتوحة، بل اتجهت نحو البحث عن توازن جديد يحفظ استقرار التسيير المحلي واستمرارية المشاريع التي انطلقت خلال الولاية السابقة.
ويبدو أن اختيار امرأة على رأس جماعة مرتيل سيكون مؤشراً على تحوّل في ثقافة التدبير السياسي المحلي، خصوصاً إذا ما تم التوافق حول شخصية تحظى بالقبول داخل الأغلبية وتملك تجربة ميدانية في ملفات اجتماعية وخدماتية تهم الساكنة مباشرة.
صوفيا دروان ليست اسماً طارئاً في المشهد الجماعي بمرتيل، بل راكمت تجربة تنظيمية وميدانية داخل اللجان الدائمة، خصوصاً لجنة المرافق العمومية والممتلكات والخدمات. حضورها الفاعل في النقاشات الميدانية ومتابعتها لعدد من القضايا اليومية للساكنة جعلاها تحظى بثقة شريحة واسعة من أعضاء المجلس، كما أن انتماءها إلى حزب الحركة الشعبية يمنحها امتداداً تنظيمياً داخل التحالف الحالي.
وإلى جانب دروان يُطرح أيضاً اسم رشيدة أشبون، التي تُعد من الوجوه النسائية البارزة وذات الحضور الشعبي الملحوظ في مرتيل. غير أن احترام التراتبية التي اختارها فرقاء التحالف منذ بداية الولاية يجعل حظوظ صوفيا دروان أوفر، فيما تبقى رشيدة أشبون رقماً سياسياً حاضرا ومكسباً تنظيمياً للحركة النسائية داخل المشهد الجماعي.
البديل الاتحادي حاضر وتحركات المعارضة الحالية خافتة
في المقابل، أعلن القيادي الشاب جابر أشبون عن رغبته في الترشح للرئاسة، مؤكداً أنه سيصطف في المعارضة إذا لم يحظ بالدعم الكافي، ما يعكس رغبة الاتحاد الاشتراكي في لعب دور رقابي داخل المجلس، وربما إعادة تموضع سياسي استعداداً للاستحقاقات المقبلة.
هذه الدينامية داخل مكونات الأغلبية تُظهر أن المشهد السياسي بمرتيل مقبل على إعادة تشكل متوازنة، تحاول فيها كل الأطراف تأكيد حضورها دون الإخلال باستقرار المؤسسة المنتخبة والأغلبية المسيرة، فيما تبقى المعارضة مشتتة وذات تحركات خافتة أغلبها يعبّر عنه من طرف بعض أعضاءها عبر الصفحات المجهولة، خاصة بعد خسارتها لعدد من أعضاءها سابقا لصالح التحالف المسير.
مصادر خاصة أكدت لشمال بوست أن المرحلة المقبلة ستشهد تطبيقاً صارماً للقانون في عدد من الملفات التي ظلت معلقة، وهو ما يفسَّر كإشارة واضحة من السلطات إلى ضرورة ضبط الإيقاع الجماعي والوقوف على نفس المسافة من جميع القوى السياسية.
عزل الرئيس السابق أمنيون، رغم شعبيته الواسعة وسط شريحة من الساكنة، يمكن اعتباره أول هذه الرسائل التي تؤكد أن زمن التساهل انتهى، وأن تدبير الشأن المحلي يجب أن يتم وفق معايير الشفافية والمساءلة.
مرتيل اليوم أمام لحظة فارقة. فاختيار القيادة الجديدة للجماعة لن يكون مجرد استبدال للأسماء، بل إعادة رسم لتوازنات المدينة السياسية. وإذا ما حُسمت الرئاسة لصوفيا دروان، فستكون بذلك أول امرأة تتولى هذا المنصب، في تجربة قد تفتح الباب أمام مقاربة جديدة لتدبير الشأن المحلي، قوامها الكفاءة والتوافق والاستمرار في خدمة المدينة وساكنتها.





