نال الباحث والإعلامي نبيل دريوش، يوم السبت 25 أكتوبر 2025، شهادة الدكتوراه بميزة مشرف جدًا، عن أطروحته الموسومة بـ “الثابت والمتغير في السياسة الخارجية المغربية تجاه إسبانيا (2000–2020)”، وذلك ضمن وحدة التكوين في العالم الإيبيري والإيبيرو-أمريكي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية عين الشق، التابعة لجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء.
وخلال تقديمه لأطروحته أمام لجنة المناقشة، أوضح دريوش أنه سعى من خلال عمله البحثي إلى رصد عناصر الاستمرارية والتحول في السياسة الخارجية للمغرب تجاه إسبانيا منذ تولي الملك محمد السادس العرش إلى حدود سنة 2020. وأبرز أن العاهل المغربي حرص على ضمان استمرارية الدبلوماسية المغربية من خلال الارتكاز على تقاليد راسخة تعود إلى عهد الملك الراحل الحسن الثاني، مع تطوير الآلة الدبلوماسية وملاءمة أدائها مع المتغيرات الدولية والإقليمية، وتنويع الشراكات الاستراتيجية للمملكة.
حسن الجوار والتعاون الثنائي
وفي ما يتعلق بالسياسة الخارجية تجاه إسبانيا، خلص دريوش إلى أن الملك محمد السادس حافظ على ثوابت الموقف المغربي من القضايا الاستراتيجية، وعلى رأسها الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة، بما في ذلك قضيتي سبتة ومليلية والجزر المتوسطية، ورسم خطوط حمراء واضحة لإسبانيا في ما يخص قضية الصحراء المغربية.
وفي المقابل، عمل المغرب على تطوير التعاون الثنائي مع إسبانيا، بالارتكاز على اتفاقية الصداقة وحسن الجوار والتعاون الموقعة بين البلدين سنة 1991، والتي شكلت الإطار العام للعلاقات الثنائية.
وأشار دريوش إلى أن الفترة الممتدة بين 2000 و2020 عرفت أسلوبًا جديدًا في الاحتجاج الدبلوماسي المغربي تجاه مدريد، من خلال اتخاذ قرارات ذات طابع متجدد، مثل سحب السفراء للتعبير عن عدم الرضا، وهي خطوة تكررت في جميع الأزمات الدبلوماسية التي عرفتها العلاقات بين البلدين خلال هذه المرحلة.
تغييرات هيكلية في التعاون
كما أوضح الباحث أن المغرب، في عهد الملك محمد السادس، قام بإدخال تغييرات جوهرية في سياسته تجاه التعاون مع إسبانيا، خاصة في مجالات مكافحة الهجرة غير النظامية والإرهاب الدولي.
وشمل ذلك إحداث المرصد الوطني للهجرة، وإنشاء مديرية بوزارة الداخلية تُعنى بملف الهجرة والحدود، إضافة إلى تنظيم دوريات مشتركة للمراقبة مع الجانب الإسباني، وتوسيع التعاون الاقتصادي والاستثمارات الإسبانية بالمغرب.
قضية سبتة ومليلية
وفيما يخص ملف المدينتين المحتلتين، سبتة ومليلية، أشار دريوش إلى أن المغرب ظل متمسكًا بمطالبة إسبانيا باحترام وحدته الترابية، غير أن تحولًا مهمًا برز منذ سنتي 2018 و2019، تمثل في فك الارتباط الاقتصادي والتجاري مع المدينتين عبر اتخاذ إجراءات اقتصادية وتنموية في محيطهما المغربي.
ويأتي ذلك، حسب الباحث، في سياق المشاريع الكبرى بالمنطقة الشمالية، مثل ميناء طنجة المتوسط وميناء الناظور المتوسط، اللذين ساهما في تعزيز البنية التحتية ودعم دينامية الاستثمار بالمنطقة.
السيادة على الصحراء
أما بخصوص قضية الصحراء المغربية، فقد خلصت الأطروحة إلى أن المغرب عمل خلال العقدين الماضيين على كسب دعم الحكومات الإسبانية المتعاقبة لمبادرة الحكم الذاتي، غير أن تحولًا ملموسًا حدث بعد اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب على صحرائه.
فقد أصبح المغرب، منذ ذلك التاريخ، يربط تطوير التعاون الثنائي مع إسبانيا باحترام هذه الأخيرة لسيادته على أقاليمه الجنوبية وتغيير موقفها التقليدي من القضية.
لجنة المناقشة والمسار الأكاديمي
تألفت لجنة المناقشة التي منحت نبيل دريوش شهادة الدكتوراه بميزة مشرف جدًا من الأساتذة: حسن بوتكى (رئيسًا)، مراد زروق (مشرفًا ومؤطرًا)، محمد عمروش (مقررًا)، ماريا روسا أمور ديل أولمو (مقررة)، وعبد العالي البروكي (مقررًا).
ويُذكر أن الدكتور نبيل دريوش حاصل على دكتوراه في الدراسات الإيبيرية والإيبيرو-أمريكية، وهو إعلامي وكاتب متخصص في التاريخ والسياسة الإسبانية والعلاقات المغربية–الإسبانية.
سبق له أن نال ماسترًا في السينما الوثائقية من جامعة عبد المالك السعدي بتطوان سنة 2018، ودبلوم الدراسات العليا في التواصل من جامعة فلنسية بإسبانيا (2007–2009)، إضافة إلى إجازة في الإعلام من المعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط سنة 2003.
كما يُعتبر دريوش محاضرًا بعدة جامعات ومعاهد مغربية وإسبانية، وكاتب رأي في صحف إسبانية مرموقة. ومن بين مؤلفاته:
- إسبانيا الآن: تحولات المشهد السياسي الإسباني بين 2008 و2023 (يناير 2024)،
- الجوار الحذر: العلاقات المغربية–الإسبانية من وفاة الحسن الثاني إلى تنحي الملك خوان كارلوس (يناير 2015)،
- يوميات إيبيرية (نونبر 2014)،
- ملاحم صغيرة (2008)، وهي مجموعة قصصية فازت بجائزة اتحاد كتاب المغرب للأدباء الشباب، وترجمت إلى الإسبانية والفرنسية.





