أخبار الشمال

عجز سلطات تطوان عن مواجهة التشهير.. من يحمي “الفرشة” وأشباه “جيراندو”؟

لم تعد ظاهرة التشهير في المغرب مجرّد انحرافٍ أخلاقي أو سلوكٍ رقمي طائش، بل غدت سلاحاً موازياً يُستخدم لتصفية الحسابات، وتدمير الثقة في المؤسسات والأشخاص، تحت غطاءٍ زائف من “حرية التعبير”.

إنها حرب نفسية غير معلنة، تُخاض على الشاشات الصغيرة وفي المجموعات المغلقة، حيث تُنتهك الكرامة وتُنسف السمعة كما تُسحق العملات المزوّرة في سوقٍ سوداء بلا ضمير.

في مدينة تطوان، تحوّل هذا المرض الرقمي إلى شبكةٍ منظمة تمتلك أدواتها وحلفاءها وأجندتها الخاصة، أبرزها ما يُعرف بصفحة “الفرشة تطوان”، التي تجاوزت منذ سنوات حدود النقد الموضوعي لتصبح منصّة ابتزاز وتشويه ممنهج، تُدار بخبرة وتوجيه في التحريض، وتُغذّى بشائعاتٍ مصفوفة بإتقانٍ محترف خبيث.
لم يعد الأمر مجرّد “تدوينة” عابرة، بل صناعة كاملة للهدم والتشهير والتأثير في القرار المحلي، في مشهدٍ يختلط فيه الفساد والابتزاز بالانتقام، والسياسة بالافتراء.

باشا تطوان نفسه وجد اسمه في لائحة المستهدفين، بعد رفضه الخضوع لمحاولات ابتزازٍ واضحة، كما طالت الحملات البرلماني منصف الطوب المعروف بدفاعه عن قضايا الإقليم واستثماره فيه، فقط لأنه لم يقبل أن يكون طرفاً في “صفقة الصمت”، وقبله موظفون بالوكالة الحضرية وإدارة الضرائب والمالية والجمارك…

قبلهم جميعا، كان رئيس جماعة تطوان مصطفى البكوري ورئيس المجلس الإقليمي ابراهيم بنصبيح هدفين أيضا لنفس الشبكة، بنفس الأدوات، وبنفس الرسائل المبطّنة: “إما أن تصمتا وتخضعا للابتزاز، أو تُشوَّهان”.

حتى المنابر الصحفية الجادة مثل “شمال بوست” لم تسلم من هذا الطوفان الأسود، فقط لأنها تجرأت على كشف جزءٍ من الخيوط التي تربط بين صفحات التشهير ودوائر مصالح خفية تتغذّى على الابتزاز والتخويف.

السؤال الذي يفرض نفسه اليوم بإلحاح: لماذا تعجز سلطات تطوان عن إسكات ومحاكمة شبكة “الفرشة” والمتعاونين مع “جيراندو”؟

هل نحن أمام عجزٍ مؤسساتي حقيقي؟ أم أمام تواطؤٍ غير معلن يخشى تفكيك شبكةٍ تمتد خيوطها نحو مراكز نفوذٍ أعلى؟

في مرتيل أيضاً، حيث تتقاطع المصالح السياسية والانتخابية، لم ينجُ البرلماني العربي المرابط ورئيس الجماعة مراد امنيول من نيران هذه المنصات التي استباحت حياتهما الشخصية والعائلية خدمةً لأجندات خفية.. والأدهى من ذلك، أن صاحب “الفرشة الأم” الفارّ إلى كندا لا يتوقف عن الدفاع العلني عن “فرشته الفرع بتطوان”، ويُسخّر حساباته للتعليق في كل الملفات التي يُراد فيها الضغط أو الابتزاز، في تنسيقٍ واضحٍ يُظهر أن المسألة تتجاوز مجرد “صفحة فايسبوك” عابرة.

إن صمت السلطات أمام هذا العبث لم يعد مفهوماً، خصوصاً في ظلّ الحديث عن “الأمن السيبراني” و“حماية الحياة الخاصة” كمبادئ دستورية.
فهل يُعقل أن تُترك مدينة تاريخية مثل تطوان، بوزنها الإداري والوطني، رهينةً في يد حفنةٍ من المرتزقة الرقميين الذين يسيئون للوطن قبل الأشخاص؟

قد تكون “الفرشة” وأشباهها أدواتٍ في حربٍ خفية أكبر من حجمهم، حربٍ تستهدف ضرب الثقة في الدولة ومؤسساتها عبر بثّ الشكّ والفتنة والإساءة. وهنا، يصبح السؤال الأعمق:
هل “فرشة تطوان” مجرد صفحة للابتزاز، أم رأس حربةٍ في مشروعٍ كبير معادٍ للوطن؟

يتبع

زر الذهاب إلى الأعلى