شهدت مدينة سبتة المحتلة مؤخرا حادثا لافتا، تمثل في سقوط طائرة مسيرة محملة بكمية من مخدر الحشيش، في مؤشر جديد على تطور أساليب التهريب بين الثغر المحتل والمناطق المحاذية له، وعلى رأسها مدينة الفنيدق المغربية.
فبعد سنوات من الاعتماد على التهريب المعيشي عبر المعابر الحدودية، وما خلفه من اختلالات اجتماعية واقتصادية وأمنية، جاء إغلاق المعبر الحدودي سنة 2020 ليشكل منعطفا حاسما. إذ دفع ذلك شبكات التهريب إلى البحث عن بدائل أكثر تعقيدا، بداية باستعمال القوارب السريعة وزوارق “الفانطوم”، وصولا اليوم إلى الطائرات المسيرة التي تسمح بنقل كميات صغيرة لكن متكررة من المخدرات أو السلع المهربة.
الحادث الأخير في سبتة يبرز تحديات جديدة أمام الأجهزة الأمنية في كل من المغرب وإسبانيا، خاصة أن الطائرات بدون طيار توفر للمهربين وسيلة منخفضة التكلفة وسريعة الحركة، مع صعوبة رصدها بشكل دائم. هذا التحول التقني يطرح أيضا أسئلة حول مستقبل أنشطة التهريب بالمنطقة، ومدى قدرة السلطات على مجاراة الابتكارات المتواصلة في هذا المجال.
في المقابل، يكشف هذا الواقع عن الحاجة الملحة إلى بدائل اقتصادية وتنموية لساكنة الفنيدق والمناطق المجاورة، التي لطالما ارتبطت معيشيا بالتهريب. فكلما بقي الفراغ الاقتصادي قائما، كلما ازدهرت المبادرات غير القانونية، ولو بوسائل أكثر تطورا.
إن حادثة “الدرون” بسبتة ليست سوى حلقة ضمن مسلسل طويل من محاولات التهريب، لكنها تنبه إلى أن التحدي لم يعد فقط أمنيا، بل تنمويا أيضا، وأن الحل يكمن في الجمع بين الردع الصارم وتوفير فرص بديلة تضمن الاستقرار الاجتماعي.