Vous avez dit :
مما لا شك فيه، في ربوع هذه البسيطة، دائما ما نقول “عيد ميلاد سعيد”، حيث نتمنى للمحتفى به أطيب الأماني وطول العمر. ولكن في حالتنا هذه، كان الاحتفال مختلفًا؛ فقد عاش المحتفىل أحلك لحظاته خلال السنة الماضية، وكأن لعنة ما لاحقته وأقسمت ألا تتركه.
موضوعنا اليوم يمكن أن يُصنف ضمن حكايات “ألف ليلة وليلة”، أو حكايات “كان يا ما كان”. حكايتنا مرت عليها سنة بالتمام والكمال، عندما قرر جناح من حزب “الحمامة” في طنجة، وبالضبط يوم 13 غشت 2024، الاحتفال بقرار نقل رئيس قسم الشؤون الداخلية بولاية طنجة تطوان الحسيمة، “محمد بن عيسى”، الذي اعتبره العديد قرارًا “سياسيًا” بحتًا، لا علاقة له بالعمل أو المهنة، خصوصًا أنه لم يكمل سنة على تعيينه في طنجة، ولم تتح له فرصة محاكمة الأخطاء المهنية الكافية لمعاقبته وتنقيله.
ووفق العارفين بالخبايا السياسية بالمدينة، فقد كانت علاقة “بن عيسى” بحزب “آل مورو” او بالنجاح المسير متوترة للغاية ، وذلك لأسباب عديدة، خاصة أنه كان يحاول كبح جحاح تغطرس بعض أعضاء الحزب الحاكم، لا سيما إذا تعلق الأمر بخلافات أو صراعات بين الفرقاء السياسيين.
وحسب مصادر مطلعة، فإن رفاق “آل مورو” في الحزب تلقوا الخبر بفرح كبير، وأعلنوا عن احتفالهم بهذا القرار، رغم أن المنسق الإقليمي نفى الأمر في مناسبات عديدة، معتبرين أي ـالمصادرـ أن هذا القرار جاء نتيجة الدور الذي لعبه الجناح المشار لها سلفتفي إبعاد “الرجل الثاني” في الولاية بعد الوالي التازي، مؤكدين أن “بن عيسى” أصبح خصمًا لتيار نافذ داخل الحزب وبدأ ينسق مع تيار آخر مغضوب عليه.
أما المتابعون للشأن السياسي في طنجة، فقد رأوا أن تلك الفرحة كانت مبطنة، فالغرض لم يكن رحيل “بن عيسى” بقدر ما كانت رسالة مشفرة إلى “الوالي يونس التازي”، الذي لم يستجب أبدًا لمحاولات بعض القياديين السياسيين للسيطرة على المدينة في عدة قطاعات.
مرّت سنة على هذا التنقيل، وتبين أن “لعنة بن عيسى” و”غضبة الوالي” ، قد لحقت بهذا الجناح السياسي داخل حزب “الحمامة” الذي يعاني حاليًا من مشاكل تنظيمية وسياسية عميقة.
ورغم كل الجهود الإعلامية والإشعاعية لتبييض وجه الحزب اقليميا، إلا أن الغضب التنظيمي لعدد من مناضلي الحزب يظل واضحًا بل يرخي بظلاله. فحزب “الأحرار” في طنجة، رغم تصدره نتائج انتخابات 2021، لم يتمكن من فرض هيمنته على المستوى الإقليمي، فسوء تدبير الحزب من قبل المنسق الإقليمي الحالي أدى إلى تفاقم الوضع.
أما على المستوى السياسي، ورغم أن الحزب يقود الحكومة ومجلس الجهة، إلا أن تأثيره على الأرض لم يكن بالمستوى المتوقع. بل إن الخلافات الداخلية أسفرت عن خسائر كبيرة وأدت إلى زيادة الغضب من قبل بعض فروع الحزب في جهة الشمال تجاه “آل مورو” وسياساتهم.
من جهة أخرى، ظل حزب “الأحرار” يواجه تهمًا بالفساد، حيث كان نائب مقاطعة المغوغة “أ.ز” بطلا لهذه التهم عندما ثم اعتقاله ومتابعته بتهم النصب والاحتيال على أراضٍي الغير، وهي التهم التي كانت تلاحق الرجل قبل انضمامه إلى الحزب. ورغم أن الملف أثار اهتمامًا واسعًا على المستوى الوطني، إلا أن المنسق الإقليمي لم يتخذ أي إجراءات تأديبية أو تنظيمية تجاه المتهم.
سنة كاملة من الفشل السياسي والتنظيمي لحزب “الحمامة” في طنجة جعلت من الواضح أن الحزب لم يعد ذلك الحزب القوي الذي كان عليه في السابق. فالمتابعون للشأن السياسي يؤكدون أن “الحمامة” فقدت الكثير من قوتها بطنجة بل على المستوى الاقليمي ككل، وأن أي شخص يفكر في الانضمام إلى الحزب في المستقبل يجب أن يعيد التفكير مليًا، خصوصًا مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية التشريعية لسنة 2026.
وبعد مرور عام على رحيل “بن عيسى”، أدرك “التيار” المعني بالأمر، أن قرار التنقيب لم يكن سوى تحصيل حاصل، فالمسؤول الجديد، السيد “بن حليمة”، المعروف بجديته وصرامته يعمل وفق الخط العام الذي وضعته وزارة الداخلية والتي يمثلها والي جهة طنجة تطوان الحسيمة يونس التازي.