Web Analytics
غير مصنف

بعد الخطاب الملكي..قانون المالية 2026 دفعة قوية نحو النمو المستدام والعدالة الاجتماعية

يجسد مشروع قانون المالية لسنة 2026 التوجهات الاستراتيجية التي رسمها جلالة الملك محمد السادس نصره الله، في خطاب العرش بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لتربعه على العرش، حيث يسعى إلى تكريس نموذج تنموي شامل يرتكز على العدالة الاجتماعية والمجالية، والنهوض بالاستثمار والتشغيل، وتحقيق توازن مستدام بين الإصلاح الاقتصادي وتعزيز الحماية الاجتماعية.

في هذا السياق، يراهن المشروع على تسريع الإقلاع الاقتصادي من خلال برامج استثمارية كبرى تشمل تحديث النقل الجوي والسككي وتوسيع البنية التحتية الطاقية، بما في ذلك استثمارات ضخمة في مجالي الغاز والهيدروجين الأخضر.

وتشير المؤشرات إلى ارتفاع ملموس في الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 28% إلى غاية منتصف 2025، مما يعكس الثقة الدولية المتزايدة في مناخ الأعمال بالمغرب.

ويستمر المغرب في تعزيز تموقعه ضمن سلاسل القيمة العالمية عبر تطوير المهن العالمية كالطاقات المتجددة، والصناعة، والسياحة، والخدمات الرقمية.

ويأتي ذلك تماشيا مع توجه الدولة نحو خلق مناصب شغل ذات جودة، ورفع القدرة التصديرية، وتحقيق تنمية اقتصادية متكاملة.

مشروع قانون المالية الجديد يضع تقليص الفوارق في صميم أولوياته، من خلال توسيع برامج التعليم والتكوين، وتطوير الخدمات الصحية، وتحسين شروط العيش في المناطق القروية والجبلية.

وقد تم تعميم برنامج “مدارس الريادة” ليشمل 1,3 مليون تلميذ وتلميذة، إلى جانب التوسع في “مدارس الفرصة الثانية” لتصل إلى 400 مركز في أفق سنة 2030، مع تسجيل ارتفاع بنسبة 17% في عدد المستفيدين من التكوين المهني خلال الموسم الدراسي الحالي، وافتتاح ثلاث مدن جديدة للمهن والكفاءات.

كما يشهد التعليم العالي تطورا نوعيا عبر تنفيذ المخطط الوطني لتسريع تحول منظومة التعليم والبحث العلمي، مع التركيز على دعم الابتكار وتكوين الكفاءات الرقمية. وفي مجال التشغيل، تسعى خارطة الطريق الجديدة إلى خفض معدل البطالة إلى 9% في أفق 2030 من خلال ثماني مبادرات مهيكلة تركز على الإدماج وتنمية المهارات وتعزيز الاستثمار.

المنظومة الصحية الوطنية بدورها تعرف تحولات مهمة، عبر استكمال تأهيل المؤسسات الصحية الأساسية، وتوسيع التغطية الجغرافية للمراكز الاستشفائية الجامعية، وتفعيل النموذج الجديد للمجموعات الصحية الترابية.

كما يتم العمل على تحسين الأداء من خلال رقمنة المساطر الصحية، وتعزيز الموارد البشرية، بهدف بلوغ معدل 45 مهنياً صحياً لكل 10.000 نسمة في أفق 2030.

من جهة أخرى، يكرّس المشروع نهجاً استباقياً في تدبير الموارد المائية، عبر توسيع مشاريع تحلية مياه البحر لتبلغ قدرة إنتاجية تناهز 1,7 مليار متر مكعب سنوياً، إلى جانب إنشاء سدود جديدة وربط الأحواض المائية، بهدف ضمان الأمن المائي الوطني.

وعلى الصعيد الاجتماعي، تواصل الدولة توسيع الدعم المباشر، حيث يستفيد منه حالياً حوالي 4 ملايين أسرة عبر الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي، مع اعتماد السجل الاجتماعي الموحد لضمان نجاعة الاستهداف وشفافية التوزيع.

كما يشهد قطاع الحماية الاجتماعية تحسناً ملموساً، حيث بلغت نسبة التغطية الصحية 88% من السكان، في حين استفادت أكثر من 57.000 أسرة من برنامج دعم السكن إلى متم يوليوز 2025، نصفهم تقريباً من النساء.

وفي إطار إعادة الإعمار، تمت تعبئة أزيد من 14,5 مليار درهم لفائدة المناطق المتضررة من زلزال الحوز، منها 7,3 مليارات درهم للدعم المباشر للأسر، في حين تتواصل جهود القضاء على السكن غير اللائق، مع إعلان 62 مدينة خالية من دور الصفيح.

ويُشكل الحوار الاجتماعي أحد دعائم السياسات العمومية للسنة المقبلة، حيث يُتوقع أن تصل كلفته إلى نحو 47,8 مليار درهم، تشمل مراجعة الضريبة على الدخل والرفع من الحد الأدنى للأجور في القطاعين العام والخاص، وهو ما سيسهم في تحسين القدرة الشرائية للأسر.

في سياق الإصلاحات، يواصل المغرب تحديث الإدارة العمومية وتبسيط المساطر ورقمنة الخدمات، مع تحسين ولوج المواطنين إلى المرافق العمومية. وتشمل هذه الدينامية أيضاً تحديث القضاء من خلال رقمنة المساطر وتوحيد المحاكم المتخصصة في قضايا الأسرة، إلى جانب تفعيل إصلاح مدونة الأسرة وإدماج العقوبات البديلة.

ويُرتقب أيضاً إطلاق إصلاح طموح للقانون التنظيمي لقانون المالية، يروم تحسين التنسيق بين التخطيط والبرمجة متعددة السنوات، وضبط المديونية، وتوسيع نطاق القانون المالي ليشمل مؤسسات عمومية جديدة، في أفق تعزيز الحكامة والنجاعة في تدبير المالية العمومية.

وعلى مستوى التوازنات الاقتصادية الكلية، تشير التوقعات إلى تسجيل نمو للناتج الداخلي الخام بنسبة 4,5% سنة 2026، مدعوماً بدينامية القطاعات غير الفلاحية، وانخفاض عجز الميزانية إلى 3%، مقابل 3,5% نهاية 2025.

كما يُتوقع أن ينخفض معدل المديونية إلى 65,8% من الناتج الداخلي الخام، مع استمرار التحكم في التضخم، الذي بلغ 1,3% في يونيو 2025، ويتوقع أن يبقى دون 2% خلال السنة المقبلة، بفضل التدابير المتخذة لحماية القدرة الشرائية.

زر الذهاب إلى الأعلى