أمرت النيابة العامة لدى غرفة جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بالرباط، بإيداع رئيس المجلس الإقليمي لشفشاون، المنتمي لحزب التجمع الوطني للأحرار، السجن الاحتياطي، وذلك في أعقاب التحقيقات الجارية بشأن اختلالات مالية جسيمة شابت تدبير المجلس منذ شتنبر 2021.
وبحسب مصادر متطابقة، فقد جرى تقديم المسؤول المعني قبيل عيد الأضحى، رفقة عدد من الموظفين وممثل شركة خاصة، أمام النيابة العامة، على خلفية تهم تتعلق باختلاس وتبديد أموال عمومية والمشاركة في ذلك، وهي التهم التي فتحت بشأنها الفرقة الجهوية للشرطة القضائية تحقيقاً موسعاً.
وتشير المعطيات إلى أن الملف يتضمن صفقات “وهمية” مرتبطة بخدمات الإطعام والاستقبال، تبين من خلال التحقيق أن فواتيرها منفوخ فيها بشكل كبير، دون أن تُقابلها أية خدمات فعلية، ما دفع النيابة العامة إلى الأمر بتعميق الأبحاث حول خلفياتها والمستفيدين منها.
التحقيقات شملت كذلك شركة مسجلة باسم أحد الأفراد، بعد وفاة مؤسسها الأصلي، حيث تم الاستماع لممثلها القانوني الذي نفى أي صلة مباشرة بالملف، في حين تمت متابعة موظفين اثنين بالمجلس وقّعا على ملفات هذه الصفقات المثيرة للجدل.
كما كشفت المحاضر أن المجلس تورط في توظيف أعوان عرضيين “أشباح”، ظلوا يتقاضون أجوراً شهرية من المال العام من دون أن يزاولوا أي مهام، وهو ما أكده محضر مفوض قضائي وتقارير إدارية تشير إلى أن خمسة منهم استفادوا من تعويضات فاقت 138 مليون سنتيم رغم غياب أي وضع قانوني لهم داخل المجلس.
وأمام هذه التطورات، يعيش المجلس الإقليمي لشفشاون حالة احتقان غير مسبوقة، ترجمتها سلسلة من الوقفات الاحتجاجية التي نظمها الموظفون أمام مقر المجلس، احتجاجاً على ما وصفوه بـ”سوء التسيير وغياب الحكامة”، مشيرين إلى تراجع واضح في الوضع المالي والإداري خلال السنوات الثلاث الماضية.
ورفعت شكاوى إلى السلطات المختصة حول التهديدات التي طالت موظفين بعد إحالة ملفات المجلس على التحقيق، إضافة إلى شكاوى من غياب التعويضات، وسوء المعاملة، وتكديس الإدارة بأعوان عرضيين دون سند قانوني.
وقد استمعت الفرقة الجهوية للشرطة القضائية إلى عدد من موظفي وأعضاء المجلس في إطار تعميق البحث حول صفقات مشبوهة وتدبير إداري ومالي وصف بـ”الكارثي”.
وتنتظر ساكنة الإقليم وفعالياته المدنية والسياسية نتائج الجلسات القضائية المرتقبة خلال الأيام المقبلة، وسط دعوات لمحاسبة كافة المتورطين، وضمان عدم الإفلات من العقاب، بما يعيد الاعتبار للمرفق العمومي ويحمي المال العام من العبث والتلاعب.