Web Analytics
سياسة

استقالة لم تُكتب… بين الحيلة السياسية والغباء السياسي

في المشهد السياسي المحلي، لا تمر الإشارات الرمزية مرور الكرام، خصوصا حين تصدر عن منتخبين يُفترض فيهم امتلاك قدر عالٍ من المسؤولية والوعي بثقل المواقف التي يتخذونها. هذا تماما ما حدث مع المستشارة الجماعية الدكتورة كوثر العمالي، التي أعلنت – في لحظة مشحونة خلال الاجتماع التواصلي المنعقد يوم الثلاثاء الماضي بمقر عمالة العرائش – نيتها تقديم الاستقالة أمام عامل الإقليم، كرد فعل واضح وصريح على مجريات النقاش المرتبط بمشروع الشرفة الأطلسية.

العامل، في ردّه، لم يتردّد: “مرحبا، قدّمي استقالتك لرئيسك”، في إشارة إلى المسار القانوني الطبيعي لأي استقالة من عضوية المجلس الجماعي. لكن ما حدث بعد ذلك، أو بالأحرى ما لم يحدث، هو بيت القصيد.

أربعة أيام مرت، والمستشارة لم تتقدم بأي طلب رسمي. لا مراسلة، لا بلاغ، لا توضيح. صمتٌ يفتح الباب أمام قراءتين متناقضتين: هل كانت الاستقالة مجرد ورقة سياسية أُشهرت في لحظة انفعال لبعث رسالة معينة، أم أن الأمر يعكس ارتباكًا في الفهم السياسي لمؤسسة الاستقالة نفسها؟

في السياسة، لا يعاب التراجع عن القرارات إذا ما تم بتبرير علني ومسؤول. أما المراوحة بين النية والفعل، فإنها تضع الفاعل في دائرة الشك وتفتح الباب لتوصيفات قاسية: الحيلة السياسية من جهة، أو الغباء السياسي من جهة أخرى.

الحيلة، إن وُجدت، تكون قد استهدفت استدرار تعاطف الشارع، وتقديم موقف “بطولي” في لحظة اشتداد الصراع حول ملف حساس. أما الغباء، فهو الإقدام على خطوة من هذا النوع دون تقدير ما تحمله من رمزية وثقل، أو دون وعي بضرورة تحويل الخطاب إلى ممارسة.

وبين هذا وذاك، يبقى الرأي العام في حيرة: هل كانت نية الاستقالة حقيقية وانقلبت تحت ضغط الحسابات؟ أم أنها مجرد “بالونة” كلامية، لا تختلف كثيرًا عن الوعود الفضفاضة التي اعتاد المواطنون سماعها في مواسم التوتر؟

الأكيد أن المواطن لم يعد يرضى بسياسي يلوّح ولا ينفّذ، يهدد ولا يحسم، يصرّح ولا يشرح. فالمواقف تُقاس بالفعل، لا بالانفعال.

في انتظار توضيح رسمي من المستشارة المعنية، ستظل علامة استفهام عالقة في سماء العرائش: هل كانت استقالة مؤجلة؟ أم مجرد مشهد مسرحي في مسرح السياسة المفتوح على كل التأويلات؟

زر الذهاب إلى الأعلى