يبدو أن محاولات التملص من العدالة قد بلغت مداها، بعدما تورط أحد المتهمين في سلسلة من القضايا الكيدية والادعاءات الزائفة، التي تهدف ـ بحسب معطيات موثوقة ـ إلى الضغط على خصومه ودفعهم للتنازل عن متابعة قانونية في ملف عقاري ثقيل، تؤكد وثائق رسمية وتسجيلات مرئية أنه متورط فيه بشكل دامغ.
القضية الأصل، التي تدور تفاصيلها حول خيانة الأمانة والتدليس والنصب في بيع نحو 25 عقارًا، دخلت مراحلها الحاسمة بعد أن أحكم القضاء قبضته على الملف، في وقت يواصل فيه المتهم افتعال قضايا جانبية لاستنزاف خصومه وإرباكهم قانونيًا ونفسيًا.
محاولة اختطاف مفبركة
أولى هذه القضايا تعود إلى واقعة مثيرة حاول فيها المتهم الزج بشقيقته في ما وصفه بمحاولة اختطاف بمدينة طنجة. الواقعة التي حدثت عقب حادثة سير عادية، وثقتها كاميرات المراقبة، أظهرت أن الحادث كان بسبب دراجة نارية تسير في الاتجاه المعاكس، غير أن المتهم سارع إلى تقديم شكاية مدعّمة بشهادة زور، زاعمًا تعرض شقيقته لمحاولة اختطاف.
غير أن التحريات الأمنية الدقيقة سرعان ما كشفت التناقضات الفادحة في تصريحات الشاهد وشقيقة المتهم، التي انهارت لاحقًا أمام المحققين وأقرت بعدم معرفتها بالمدعى عليهم. ليُحسم الملف قضائيًا بحكم البراءة لصالح الضحايا، نهاية الأسبوع الماضي.
قضية جديدة بشاهد منهار
لم تمضِ سوى أيام قليلة حتى فُوجئ الخصوم بقضية جديدة بمحكمة تطوان، يتهمهم فيها المتهم نفسه بالتورط في الضرب والجرح، مدعّمًا شكايته بشهادة طبية تحدد مدة العجز في 35 يومًا، وشاهد يؤكد الواقعة.
غير أن التطور المفاجئ في القضية جاء بعد أن قدّم المتهم الرئيسي دليلاً دامغًا يثبت تواجده خارج أرض الوطن في التاريخ المذكور في الشكاية، وهو ما أدى إلى انهيار الشاهد أثناء التحقيق، ليعترف أنه أدلَى بشهادة زور، فيما اختفى المدعي عن الأنظار، متخلفًا عن الحضور أمام النيابة العامة.
ورغم خطورة الوقائع، لم يصدر حتى الآن أي قرار قضائي باعتقال المتهم أو متابعته بتهم الوشاية الكاذبة وإهانة الضابطة القضائية، الأمر الذي يطرح أكثر من علامة استفهام حول تعامل بعض الأجهزة مع هذه القضايا الحساسة.
القضاء يضيق الخناق
المتابعون للملف يرون أن هذه التحركات المتتالية تدخل ضمن محاولة يائسة للتشويش على ملف النزاع العقاري الأصلي، الذي أصبح قاب قوسين أو أدنى من الحسم، وسط مؤشرات تؤكد اقتراب صدور حكم يدين المتهم ويعيد الحقوق لأصحابها.
وتبقى هذه الوقائع، في نظر مراقبين، نموذجًا صارخًا لاستغلال القضاء في تصفية حسابات شخصية، وتوظيف الشكايات الكيدية لإرباك مسارات العدالة، ما يفرض يقظة أكبر تعزيزًا لآليات مواجهة التلاعب بالمساطر القضائية.