شهد ميناء طنجة المتوسط خلال الأيام القليلة الماضية توتراً، بعد إقدام عدد من ناقلي البضائع المتوجهة نحو معبر الكركرات على تنظيم وقفة احتجاجية مثيرة للجدل، اعتراضاً على الإجراءات الجمركية الروتينية التي تخضع لها شاحناتهم من قبل مصالح الجمارك المغربية.
وبحسب مصادر شمال بوست، فإن هذه الخطوة اعتُبرت محاولة للضغط المباشر على العناصر الجمركية التي تواصل أداء مهامها بشكل مهني ومحايد، مع الحرص على تطبيق القانون دون تمييز بين الناقلين، سواء كانوا مغاربة أو أجانب. وتأتي هذه الاحتجاجات في وقت تشدد فيه السلطات المغربية من مراقبتها الأمنية والجمركية في الميناء، خصوصاً في ظل تنامي محاولات التهريب والاحتيال التجاري.
وتشير المعطيات المتوفرة إلى أن بعض الناقلين المحتجين يُشتبه في ضلوعهم في أنشطة غير قانونية، تشمل تهريب كميات كبيرة من مادة “المعسل” الممنوعة، وإعادة توجيه سيارات مشبوهة نحو معبر الكركرات، إضافة إلى استعمال طرق احتيالية، من قبيل إخفاء شاحنات داخل شاحنات أخرى، ما يشكل خرقاً صارخاً لقوانين الجمارك المغربية.
ويُلاحظ أن هؤلاء الناقلين يستغلون تسهيلات يوفرها التعاون المغربي-الإفريقي في مجال التبادل التجاري، لتجنب أداء الرسوم الجمركية وتسهيل دخول سلع مهربة بطرق غير قانونية، وهو ما دفع السلطات إلى تشديد الرقابة وتعزيز الإجراءات الأمنية.

وكشفت مصادر أمنية أن مصالح الجمارك والأمن الوطني بميناء طنجة المتوسط تمكنت خلال السنة الأخيرة (2024/2025) من ضبط أكثر من 18 طناً من “المعسل” الممنوع كانت موجهة للتهريب، فضلاً عن إحباط تهريب أكثر من 2.5 مليون حبة من أقراص الهلوسة، بينها أنواع شديدة الخطورة مثل “الإكستازي” و”ريفوتريل”، مما يسلط الضوء على التحديات الأمنية الكبرى التي تواجهها الأجهزة المكلفة بالمراقبة داخل الميناء.

في سياق متصل، عبّر عدد من المعشرين المغاربة عن رفضهم القاطع لأي محاباة أو امتيازات غير مبررة لفائدة بعض الناقلين، مشددين على أن تطبيق القانون يجب أن يكون على الجميع دون استثناء، حفاظًا على مبدأ تكافؤ الفرص وشفافية المعاملات التجارية داخل الميناء، الذي يُعد بوابة استراتيجية للاقتصاد المغربي نحو إفريقيا وأوروبا.
وأثار لجوء بعض الناقلين المحتجين إلى نشر فيديوهات عبر “تيك توك” استياءً واسعاً في أوساط المتابعين، بعدما تضمنت مطالب اعتُبرت “غير مشروعة”، من قبيل الإعفاء من التفتيش الجمركي، ما وصفه مهنيون بمحاولة لشرعنة الفوضى وخلق استثناءات تهدد أمن البلاد الاقتصادي.
ويظل ميناء طنجة المتوسط تحت مجهر المتابعة الرسمية والرأي العام، في انتظار اتخاذ قرارات صارمة تعيد الأمور إلى نصابها وتُحصّن المملكة من مخاطر التهريب والفساد، خاصة في ظل ما يعرفه المعبر من نمو متسارع في الحركة التجارية، وتحول دائم إلى منصة لوجستية إقليمية ذات بُعد استراتيجي.
الاحتجاجات الأخيرة بميناء طنجة المتوسط تسلّط الضوء على التوتر القائم بين تشديد الرقابة الجمركية وممارسات بعض الناقلين غير القانونية. وبين حرص الدولة على صيانة أمنها الاقتصادي وسعي بعض الفاعلين لاستغلال الثغرات، يبقى تطبيق القانون بشكل صارم ومن دون استثناء السبيل الوحيد لحماية مصالح الوطن.