تشهد مدينة طنجة، خلال الأشهر الأخيرة، تنامياً مقلقاً في ظاهرة تجول المختلين عقلياً في الفضاءات العامة، وهو ما خلق حالة من القلق والخوف وسط الساكنة، خاصة في المناطق الحضرية ذات الكثافة السكانية العالية، وكذا قرب المؤسسات التعليمية والأسواق.
وفي تصريحات لجريدة “شمال بوست”، أعرب عدد من المواطنين عن استيائهم من تحول هذه الظاهرة إلى مشهد يومي مألوف، بعدما كانت محصورة في حالات قليلة ومعزولة. وأوضح المتحدثون أن أشخاصاً يعانون من اضطرابات عقلية يظهرون بشكل متكرر في الشوارع في أوضاع مزرية، بعضهم عارٍ كلياً أو جزئياً، فيما يتصرف آخرون بعدوانية ويحملون أدوات حادة، الأمر الذي يثير مخاوف حقيقية لدى السكان، ولاسيما النساء والأطفال.
من جانبها، أفادت مصادر طبية أن مستشفى الرازي للأمراض العقلية بطنجة يعاني من خصاص حاد في الأطر الطبية المتخصصة في الطب النفسي والعقلي، وأيضا في محدودية الأسرة، وهو ما ينعكس سلباً على جودة الرعاية والمتابعة الطبية لهؤلاء المرضى.
ووفق ذات المصادر، فإن هذا النقص يجعل من الصعب مواكبة حالاتهم بشكل مستمر، إذ يعود الكثير منهم إلى الشارع بعد فترات قصيرة من الاحتضان المؤقت، دون أن يتلقوا علاجاً فعلياً أو احتواءً مناسباً، ما يؤدي إلى تكرار نفس المخاطر بشكل مستمر.
وفي السياق ذاته، أوضحت فعاليات جمعوية من طنجة أن فصل الصيف، وما يصاحبه من ارتفاع كبير في درجات الحرارة، يعرف عادة تزايداً ملحوظاً في حالات الهيجان لدى بعض المختلين عقلياً، ما يفاقم خطورة الظاهرة ويزيد من توتر الأوضاع في الشارع العام.
ودعت هذه الفعاليات إلى اعتماد سياسة شمولية ومتكاملة للتعامل مع الظاهرة، تقوم على التشخيص المبكر، والمتابعة الطبية المستمرة، والتكفل الاجتماعي، إلى جانب إحداث مراكز جهوية للإيواء والرعاية، تحفظ كرامة المرضى وتضمن لهم ظروف العلاج والدعم النفسي والاجتماعي، في إطار يحترم إنسانيتهم.
وتبقى هذه الوقائع، وفق متابعين للشأن المحلي، مؤشراً واضحاً على الحاجة الملحّة إلى إصلاح منظومة الرعاية النفسية والعقلية بالإقليم، وتوفير الموارد البشرية واللوجستيكية الكافية لضمان الأمن الصحي والنفسي للمرضى والمجتمع على حد سواء.