Web Analytics
السياسة

“الياس لزعار” يفجّر الصمت في أصيلة: اتهامات خطيرة بالتواطؤ وهدر المال وتحكم خارجي في المجلس الجماعي”

في خطوة سياسية غير مسبوقة بمدينة أصيلة، خرج المستشار الجماعي “إلياس الزعار”، المنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة، عن صمته الطويل موجّهًا سهام النقد اللاذع إلى رئاسة المجلس الجماعي للمدينة، في شخص الدكتور طارق غيلان، المنتمي بدوره لنفس الحزب.

خرج الزعار بتصريحات مثيرة للجدل خلال بث مباشر على منصة “فيسبوك” استضافه فيه الناشط الاجتماعي محمد بن علال، المعروف بلقب “أوباما”، والمقيم بالولايات المتحدة الأمريكية، ليعلن أمام الرأي العام المحلي عن واقع سياسي مضطرب ويكشف عن معطيات وصفها بـ”الخطيرة” في ما يتعلق بتدبير شؤون المدينة.

هذه الخرجة التواصلية التي فاجأت المتتبعين، لم تكن مجرد تصريح عابر، بل جاءت عقب استقالة الزعار من لجنة المالية داخل المجلس، وهو ما اعتبره العديد من أبناء المدينة خطوة جريئة، تعكس مناخ الاحتقان الذي أصبح يطبع العلاقة بين مكونات المجلس الجماعي، وخصوصًا داخل بيت حزب الأصالة والمعاصرة نفسه.

الخطوة خلقت ردود أفعال متباينة، بين من رحب  بترحيبً واسعً من طرف عدد من نشطاء شبكات التواصل الإجتماعي التي رأت في تحركه صدىً لمطالبها المغيّبة، ومحاولة صادقة لكشف المستور في زمن يسود فيه الصمت وتغيب فيه آليات المحاسبة، وبين عدد من النشطاء شبكات التواصل الإجتماعي التي انتقدت صمته لسنوات، وطرحت عليه أسئلة مفادها لماذا تتحدث اليوم بالضبظ؟

الزعار، الذي تحدث بجرأة  غير معهودة في المشهد الجماعي المحلي، أوضح أن استقالته لم تأت من فراغ، بل كانت رد فعل سياسيًا مشروعًا على محاولة إقالته من اللجنة، ضمن ما وصفه بـ”مخطط إقصائي” داخل الأغلبية نفسها، وهو ما فُهم منه وجود انقسام عميق داخل الحزب، وتحكم تيار داخلي في القرار السياسي المحلي، على حساب مقاربة تشاركية وعد بها الحزب ناخبيه.

واعتبر المتحدث أن ما يحدث داخل المجلس الجماعي لا يمثل ما صوتت عليه الساكنة، ولا يعكس المبادئ التي تأسس عليها حزب الأصالة والمعاصرة، بل إن الوضع الحالي يكرّس “البلطجة السياسية”، على حدّ تعبيره، ويفتح الباب أمام تحكم مجموعات ضغط خارج المؤسسات في القرار العمومي.

وفي هذا السياق، لمح الزعار إلى ما أسماه “اختطاف الجماعة”، دون أن يسميها صراحة، لكن متتبعي الشأن المحلي رجحوا أنه يقصد منتدى أصيلة، متهمين الجمعية بذات النفوذ الواسع في المدينة والتي ارتبط اسمها طويلاً بتدبير شؤون المدينة خارج الإطار المؤسساتي الرسمي.

وقد زاد من حدة التصريحات ما جاء على لسان الزعار بخصوص غياب المبادرة السياسية لدى الرئيس الحالي للمجلس، واعتبر أن الأخير مغلوب على أمره، وغير قادر على فرض استقلالية المجلس أمام الجهات المؤثرة، وهو ما ينعكس بشكل واضح على طريقة التدبير اليومي.

كما تحدث عن خروقات في تسيير عدد من الملفات، من بينها ما وصفه بـ”هدر المال العام” في مشاريع لا تعكس أولويات الساكنة، مستشهدًا بمثال “الباسيو”، الذي لا يزال حسب تعبيره متعثرًا، رغم الميزانيات المخصصة له.

وانتقد الزعار كذلك صفقة كراء فضاء “الفيريا”، واعتبرها خطوة مستفزة تم تجاوزها في عهد الرئيس السابق محمد بن عيسى، متسائلًا عن الدوافع الحقيقية وراء إعادة إحيائها، ملمّحًا إلى شبهات “فساد” قد تكون وراء القرار، دون توجيه اتهام مباشر تجنبًا لأي مساءلة قانونية. كما أشار إلى تجاوزات في طريقة تدبير بعض المشاريع الأخرى، مثل فتح ملعب القرب دون المرور بالإجراءات القانونية الضرورية، وفي مقدمتها المصادقة على دفتر التحملات، وهو ما اعتبره مؤشرًا خطيرًا على انزياح المجلس عن مسارات الحكامة الجيدة.

وفي لحظة لافتة من التصريح المطول، الذي دام حوالي ساعتين، حمّل الزعار المسؤولية لما وصفه بـ”التحالف الانقلابي” الذي أعقب وفاة محمد بن عيسى، الوزير السابق ورئيس المجلس لسنوات، مؤكدًا أن حزب الأصالة والمعاصرة، الذي حصل على 64 في المئة من أصوات الناخبين و23 مقعدًا، كان بمقدوره قيادة تجربة جماعية قوية ومستقلة، إلا أن تحالفه مع حزب الاتحاد الدستوري، الذي كان في موقع المعارضة، شكل خيانة لثقة المواطنين، وتحريفًا لمسار التمثيلية الديمقراطية.

وأردف أن المكتب الحالي لا يكتفي فقط بتهميش الأعضاء النشيطين، بل يتعمد -حسب قوله– محاربة كل صوت إصلاحي، سواء من المنتخبين أو الموظفين، مقابل دعم “موظفين أشباح” لا يؤدون أدوارًا واضحة، ويتم الزج بهم في مبادرات لا تعكس واقع المدينة، ما يُضعف من فعالية الجماعة كمؤسسة منتخبة ويفقد المواطنين الثقة في ممثليهم.

إلياس الزعار، الذي أكد في تصريحاته أنه لم يقدم استقالته من المجلس الجماعي ككل، أوضح أن كتلته المكونة من عشرة مستشارين داخل حزب الأصالة والمعاصرة ما زالت متمسكة بدورها الرقابي والتواصلي مع المواطنين، وأنها لن تتراجع عن فضح ما وصفه بـ”بؤر الفساد”، مهما كلفها ذلك من ضغوط أو محاولات للإقصاء، معتبرًا أن المصلحة العامة تقتضي المصارحة والمكاشفة.

وفي خطوة تحمل دلالة سياسية واضحة، أعلن الزعار عن تفعيله للمادة 60 من القانون التنظيمي للجماعات، التي تتيح له الاستقالة من إحدى اللجان بشكل نهائي بعد مرور 15 يوما، وهو ما يمنحه هامشًا أوسع للتحرك كصوت نقدي من خارج المنظومة المسيرة، دون أن يكون خاضعًا لقيود الالتزام المؤسساتي المباشر.

وأكد الياس خلال ذات المباشر،  أنه في حلٍّ من قيود التحفظ، وسيعمل على إيصال الحقيقة للرأي العام بكل الوسائل القانونية المتاحة.

تصريحات الزعار هزّت المشهد السياسي المحلي بأصيلة، وطرحت أسئلة عميقة حول شرعية التحالفات داخل المجلس الجماعي، ومآلات التسيير الحالي، ومستقبل حزب الأصالة والمعاصرة في المدينة، خصوصًا في ظل تزايد الفجوة بين القواعد المنتخبة وقيادات الحزب.

التصريحات فتحت الباب أمام نقاش أوسع حول دور الجمعيات في الحياة السياسية، وحدود تأثيرها المشروع على القرار المحلي، دون أن تحل محل المؤسسات المنتخبة.

الخرجة الإعلامية التي تميزت بتوازن في نبرة النقد، دون السقوط في القذف أو التشهير، وضعت الرأي العام المحلي أمام حقائق كان يصعب الوصول إليها في السابق، وأعادت فتح نقاش حول الشفافية والمحاسبة في تدبير الشأن المحلي.

ومن المرتقب أن تثير هذه التصريحات تفاعلات متباينة في الأيام المقبلة، سواء من داخل الحزب أو من باقي الفرقاء السياسيين، خاصة إذا ما قرر الزعار كشف معطيات إضافية في خرجات إعلامية لاحقة.

عدد منمتتبعي الشأن المحلي والسياسي بالمدينة، إعتبروا  أن  صوت إلياس الزعار هو إنذار سياسي جديد في أصيلة، يعكس حالة الاحتقان الصامتة داخل المشهد المحلي، ويطرح تحديًا كبيرًا أمام النخبة السياسية: إما مراجعة شاملة لمنظومة التسيير والتمثيلية، أو مزيد من التصدعات والانشقاقات التي قد تؤدي إلى زعزعة الثقة في المؤسسات المنتخبة، خصوصًا مع اقتراب استحقاقات قادمة ستتطلب من الأحزاب تقديم حصيلة مقنعة بدل تبادل الاتهامات والصراعات الداخلية.

فهل يتدخل الحزب اقليميا وجهويا لتجاوز الخلاف السياسي الكبير الحاصل داخل الحزب، رغم فشلهم في ذلك قبل انتخاب رئيس المجلس الجماعي الدكتور طارق غيلان؟ ام سوف يترك الأمر كما هو عليه؟، وهل بالفعل الرئيس الحالي المشهود له بنزاهته واستقامته، لا يستطيع فرض رأيه وحماية مستشاريه والحفاظ على اللحمة والوحدة، أم أن الوحدة فقودة وهلامية؟

زر الذهاب إلى الأعلى