لا تزال تداعيات الحادث المأساوي الذي شهده فضاء الألعاب Martil Parc “الفيريا” بمدينة مرتيل تلقي بظلالها على الرأي العام المحلي، بعد سقوط مروع لعدد من الشبان من لعبة هوائية تُدعى “العاصفة Twister”، في مشهد صادم حوّل صرخات الفرح إلى نداءات استغاثة.
الواقعة التي وقعت داخل المدينة السياحية الشهيرة، كشفت بشكل مؤلم هشاشة معايير السلامة داخل هذه الفضاءات التي تستقطب يوميًا آلاف الزوار، خصوصًا خلال موسم الصيف.

وقد تسبب انكسار في أعمدة اللعبة، المعروفة بارتفاعها الكبير ودورانها السريع، في قذف ثلاثة شبان من مقاعدهم وسقوطهم على الأرض بعنف، وسط صدمة الحاضرين. كما أصيب أحد الزوار بشظايا حديدية من أعمدة اللعبة، أدت إلى إصابة بليغة على مستوى رأسه، استدعت نقله على وجه السرعة إلى قسم الإنعاش بمصحة خاصة بتطوان، فيما فضل عامل بالفضاء أصيب هو الآخر في رجله الصمت وعدم التوجه للمستشفى.
السلطات المحلية حضرت إلى عين المكان فورًا، وتم توقيف تشغيل اللعبة، فيما تم فتح تحقيق رسمي لكشف ملابسات الحادث وتحديد المسؤوليات.

ومع ذلك، تزايدت التساؤلات حول مدى أهلية هذه الفضاءات، بعد أن تأكد أن اللعبة المعنية يتجاوز عمرها عشرين سنة، ما يطرح بجدية مسألة صيانتها، والتأمين المفروض قانونًا على مستخدميها، وكذا مدى إخضاعها لمراقبة تقنية دورية.
وما زاد من احتقان الوضع، ظهور معطيات تفيد بمحاولة أحد مسؤولي الفضاء الترفيهي إقناع أحد المصابين بالتكتم على الحادث مقابل مبلغ مالي، وهو ما اعتبره نشطاء “فضيحة أخلاقية وقانونية”، تعكس محاولة للتستر على الإهمال بدل تحمل المسؤولية.
في المقابل، عبّر عدد من المواطنين عن استغرابهم من ازدواجية المعايير في تعامل السلطات، حيث تم في الأسابيع الأخيرة إغلاق مطاعم بمدينة مرتيل بدعوى عدم احترامها لشروط السلامة، بينما تُغضّ الطرف عن “الفيريا”، رغم ما تشكله من تهديد مباشر لأرواح الزوار، خاصة الأطفال.
الحادث أعاد إلى الواجهة النقاش حول ضرورة إعمال الرقابة الصارمة على فضاءات الترفيه المؤقتة، وإعادة النظر في القوانين المنظمة لها، لا سيما في ظل طموحات المغرب الكبرى لاحتضان تظاهرات دولية تستدعي توافر أعلى معايير الجودة والسلامة.
فهل ننتظر فاجعة أكبر حتى تتحرك الجهات المعنية والسلطات المحلية؟ أم أن أرواح المواطنين تظل دومًا الثمن الأرخص في فوضى صيفية لا ترحم؟