Web Analytics
الاقتصاد

“فوضى الطاكسيات بطنجة: تسعيرة جديدة تُشعل غضب المواطنين بين استغلال السائقين وغياب القرار الرسمي”

في شوارع مدينة طنجة، وبين أزقتها القديمة وأحيائها الحديثة، تعيش وسيلة النقل الأكثر استخداماً لدى الطنجاويين -الطاكسي الصغير- على وقع فوضى غير مسبوقة. فقد تفاجأ المواطنون منذ أسابيع بفرض تسعيرة جديدة لرحلاتهم القصيرة داخل المدينة، حيث رفع أغلب سائقي سيارات الأجرة من الصنف الثاني التسعيرة الدنيا من 5 دراهم إلى 7 دراهم، دون أي قرار رسمي معلن من قبل السلطات المختصة.

هذا الرفع المفاجئ للتسعيرة جاء ليثير موجة من الاستياء والغضب في صفوف الساكنة، وسط اتهامات لسائقي سيارات الأجرة بـ”التحايل” و”الاستغلال”، وتخوفات من أن تتأزم الأمور أكثر في حال استمرار غياب موقف واضح من السلطات المعنية.
ففي أحد صباحات طنجة المكتظة، حين تتقاطع الأرصفة مع هدير المدينة الصاعد، وجد عبد الإله، موظف في القطاع الخاص، نفسه مضطرًا للدخول في نقاش حاد مع سائق طاكسي صغير رفض أن يقله بأقل من 7 دراهم، رغم أن العداد لم يتجاوز 5.50 دراهم.”هكذا قالوا لنا، التسعيرة تبدلات”، هكذا رد السائق، دون تقديم أي وثيقة رسمية، أو تعريفة معلقة، فقط إيمان بواقع فُرض على الجميع بلا سند قانوني.

هذا المشهد ليس استثناءً، بل صار روتينًا متكررا في شوارع طنجة، بعد أن قرر مهنيو سيارات الأجرة الصغيرة فرض تسعيرة جديدة “من طرف واحد”، دون انتظار المصادقة الرسمية من عمالة طنجة-أصيلة.

السؤال الذي يتردد على لسان الجميع: هل نحن أمام فوضى منظمة في قطاع حيوي؟ ومن يتحمل مسؤولية ما يحدث؟
من أزمة الأسعار إلى التمرد على القانون.

يرتبط الجدل الدائر اليوم حول تسعيرة الطاكسي الصغير بمدينة طنجة بسلسلة من التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي عرفها المغرب خلال السنتين الأخيرتين.

فقد شهدت أسعار المحروقات ارتفاعات قياسية، في ظل اضطراب الأسواق الدولية، ما انعكس على تكاليف النقل العمومي. يضاف إلى ذلك غلاء أسعار قطع الغيار، وتكاليف الصيانة، والضغط الضريبي، وهي كلها عوامل دفعت المهنيين إلى المطالبة بمراجعة التسعيرة المعتمدة منذ سنوات.

غير أن ما فجر الوضع هو إقدام عدد كبير من السائقين على تطبيق التسعيرة الجديدة (7 دراهم نهارًا، و10.5 دراهم ليلًا) دون وجود قرار عاملي رسمي، ولا نشر للتعريفة الجديدة عبر القنوات القانونية، ولا حتى تعليقها داخل السيارات وفق ما ينص عليه القانون،ما زاد الطين بلّة:

• تسويق مغلوط مفاده أن “القرار قد صدر شفويًا من العمالة”.
• سكوت رسمي من السلطات، وعدم توضيح الأمور للرأي العام.
• غياب أي تدخل من مفتشية النقل أو الولاية لضبط المخالفين.
تصريحات متباينة: بين معاناة السائقين وغضب المواطنين.

في إطار هذا الربورتاج، رصدت هيئة تحرير “شمال بوست”، إلى عدد من المحطات الرئيسية بطنجة واستقت آراء من داخل الشارع الطنجي حول هذا الموضوع الشائك، حيث همت الجولة الميدانية كل من ساحة الأمم، بني مكادة، العوامة، ساحة 9 أبريل، ومحطة باب المرسى،حيث لاحظنا تعميمًا فعليًا للتسعيرة الجديدة، وسط تذمر كبير من المواطنين، وتباين في مواقف السائقين.

عبد الله .ر “سائق طاكسي صغير” 57 سنة”:نحن مضطرون. السلطات تتأخر في إصدار القرار:

عبد الله وهو سائق الطاكسي يقترب من العقد السادس، يؤكد في تصريح خص به جريدة شمال بوست:”نحن مضطرون، السلطات تتأخر في اصدار القرار، بينما الأسعار ترتفع بشكل يومي.
ويضيف ذات المتحدث، أن خمسة دراهم لم تعد تكفي حتى لشراء فطور الصباح، فنحن لا نهدف إلى استفزاز أحد. نحن نطالب بحقنا في العيش الكريم.” كباقي المواطنين كاملي المواطنة.

كريم، 38 سنة سائق طاكسي صغير بطنجة..حرمان الطاكسي من رفع التسعيرة، هي جريمة في حقه:

اعتبر كريم المنحدر من مدينة طنجة والبالغ 38 سنة، أن عدم الوضوح والإعلان الرسمي عن رفع الحد الأدنى من تسعيرة طاكسي الصغير من خمسة دراهم الى سبعة دراهم، هي جريمة منظمة في حقهم.
ويضيف ذات المتحدث –كريم-، كل شيء عرف التغير وارتفاعا مهولا في الأسعار، فنحن كمواطنين نقاص بالزيادات المرتفعة في جل المجالات، الأمر الذي يدفعنا الى النضال من أجل رفع التسعيرة حتى نتمكن من مواكبة الحياة بجل مستجداتها.

أحمد (فاعل نقابي في قطاع النقل):

“بصراحة نحن كهيئات نقابية نعيش وضعية حرجة. من جهة هناك ارتفاع حاد في تكاليف المعيشة، ومن جهة ثانية هناك غياب للتواصل الفعّال مع السلطات. لا يمكننا أن نبقى مكتوفي الأيدي أمام معاناة السائقين. ومع ذلك نؤكد على ضرورة احترام المساطر القانونية، وعدم فرض الأمر الواقع.”

بالمقابل جريدة شمال بوست  اتسقت تصريحات وأراء المواطنين اتجاه هذا القرار:
عائشة.ن (مواطنة)، طنجاوية تبلغ 40 سنة:

“لا أحد يعترض على تحسين أوضاع السائقين، لكن بهذه الطريقة نحن من يدفع الثمن. أدفع يومياً أكثر من اللازم دون أي سند قانوني. هناك من يستغل هذا الوضع بحجة أن القرار قد صدر بينما الحقيقة مختلفة. نحتاج إلى حماية كمستهلكين.”
السائقين من المفترض انهم ينطوون تحث لواء نقابي، هاته النقابة يجب ان تترافع من ادل اصدار قرار عاملي رسمي مع تعليق “الطريفة” داخل الطاكسي

عائشة تقول في تصريح خصت به جريدة شمال بوست، لا يعقل أن ندفع 7 دراهم كحد أدنى لتسعيرة الطاكسي صغير، ولا حد كيشاورنا؟ نحن لسنا بالقطيع، فما هو سبب الزيادة اذن؟ تقول عائشة.
عائشة تتساءل هل هو غلاء المحروقات؟ المطلوب: شفافية، ضوابط، وقرار مكتوب”، تربط بين غياب الوثائق الرسمية وخطر التضخم غير المبرر على جيب المواطن.

ياسين.ف (طالب جامعي):

“المشكل ليس في الزيادة فقط، بل في انعدام الشفافية. السائقون يفرضون تسعيرة جديدة دون أي وثيقة رسمية. هذا يولد احتقاناً وتوتراً في الشارع الطنجي.”
لا نعيش في غابة بل هي دولة الحق والقانونن لهذا لا يمكن السماح بوقوع الفوضى.

لطيفة.ب (عضو بجمعية حقوقية):

“لا يمكن لأي طرف أن يتحمل وحده مسؤولية ما يقع. هناك تقصير من الجهات المسؤولة التي لم توضح الأمر للمواطنين وتركت فراغاً قانونياً استغله البعض. نطالب بحملة تواصلية واضحة ومباشرة مع السكان.”
وتضيف لطيفة، ان النقابات اليوم أن تلطف الجو، بدل ان تكون مصدر احتقان، فالبلاد لا تحتمل المزيد من المشاكل الجانبية والمجانية.

غياب القرار الرسمي يُفاقم الأزمة

رغم ما يُتداول في الشارع من أن قرار الرفع قد أصبح “رسمياً”، فإن السلطات المحلية بعمالة طنجة أصيلة لم تصدر بعد أي بلاغ رسمي أو قرار عاملي يقر بالزيادة الجديدة، كما يحاول سائقو الطاكسي ايهام الناس بالأمر.
وبهذا تبقى الوضعية ضبابية، حيث يجد المواطن نفسه مجبراً على دفع تسعيرة لم يتم الاتفاق عليها أو اعتمادها قانونياً.
في جولة ميدانية قمنا بها، لاحظنا غياب “الطريفة” الجديدة في معظم سيارات الأجرة، وهو ما يخالف بشكل صارخ القوانين المنظمة للقطاع التي تفرض على السائقين عرض التسعيرة المعتمدة بوضوح أمام الزبائن.

هل نحن أمام بوادر احتقان اجتماعي؟

على ما يبدوا أنه هناك مخاوف كبيرة من اندلاع احتجاجات سواء من طرف السائقين أو المواطنين تتصاعد. فالاحتقان الذي بدأ خفياً، قد ينفجر في أي لحظة خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها المدينة والبلاد عموماً.
فلا أحدى يخفى عليه حجم الضغوطات التي أصبح يعيشها المواطنين، ففي مدينة من حجم طنجة، كل شيء أصبح صاروخيا وصعب المنال.

بالمقابل، يعتبر بعض الخبراء أن هذا الوضع يعكس فشلاً في تدبير ملفات اجتماعية حساسة مثل النقل العمومي، حيث إن أي ارتفاع في الأسعار يجب أن يتم وفق مساطر شفافة وحوارات تشاركية. كما أن غياب بدائل حقيقية للنقل الحضري يجعل المواطنين رهينة لفوضى التسعيرات.

وفي هذا الصدد، يقول الخبير الاقتصادي هشام.ع:

“في مدن مثل طنجة، حيث لا تزال خدمات النقل العمومي ضعيفة، يصبح الطاكسي وسيلة شبه حصرية. لذلك فإن أي زيادة غير مدروسة تؤثر بشكل مباشر على القدرة الشرائية للفئات الهشة.”

مطالب وانتظارات:

المطالب اليوم واضحة سواء من طرف السائقين أو المواطنين، ويمكن تلخيص أبرزها أو أهما فيما يلي:
1. إصدار قرار رسمي شفاف بخصوص التسعيرة.
2. احترام مساطر التعليق العلني للطريفة الجديدة.
3. دعم السائقين بآليات تحفيزية لتخفيف ضغط المحروقات.
4. تحسين أسطول النقل العمومي كبديل حقيقي.

هذا ويبقى السؤال الأهم الذي يطرحه الجميع في مدينة طنجة: هل ستتحرك عمالة طنجة أصيلة لتوضيح الوضع بشكل رسمي وفرض احترام القانون؟ أم أن الوضع سيبقى مفتوحاً على سيناريوهات قد لا تُحمد عقباها؟
في انتظار ذلك، يعيش سكان البوغاز على وقع تسعيرة جديدة غير رسمية تثير الجدل وتؤجج المشاعر، بين سائقين يشتكون قساوة الحياة، ومواطنين يئنون تحت وطأة الاستغلال.

زر الذهاب إلى الأعلى