تعيش مدينة تيفلت، منذ أسابيع، على وقع أزمة خانقة في الماء الصالح للشرب، رافقتها انقطاعات متكررة في التيار الكهربائي، في غياب أي توضيحات أو بلاغات رسمية من الجهات المعنية، ما أثار غضب واستياء الساكنة، التي لم تجد من وسيلة سوى رفع صوتها عبر نداءات على مواقع التواصل الاجتماعي، ورسائل مفتوحة إلى السلطات المركزية، وعلى رأسها وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت.
وتأتي هذه الأزمة في ظل ارتفاع كبير في درجات الحرارة وتزامنها مع عودة أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، وهو ما زاد من الضغط على شبكتي الماء والكهرباء، دون أن يرافق ذلك أي مخطط استباقي أو تواصل مؤسساتي يخفف من آثار الوضع.
وفي هذا الإطار، وجّه الإعلامي، ياسين كريكش التطواني، رسالة مفتوحة إلى وزير الداخلية، دعا فيها إلى تدخل عاجل لوضع حد لمعاناة السكان، محملاً الجهات المحلية والإقليمية مسؤولية ما وصفه بـ”الإهمال الممنهج” و”الصمت غير المبرر”، في التعامل مع أزمة تمس أبسط الحقوق الحيوية للمواطنين.
وأكد صاحب الرسالة أن “الساكنة تُفاجأ بشكل متكرر بانقطاع الماء لساعات طويلة، بل أحياناً لأيام متتالية، دون سابق إشعار أو توضيح من المكتب الوطني للماء أو السلطات المحلية، مما يخلف أثراً بالغاً على الحياة اليومية للأسر”.
وأشار إلى أن “الغياب التام للتواصل فتح الباب أمام احتقان شعبي متصاعد، تُرجم من خلال دعوات للاحتجاج على منصات التواصل الاجتماعي، وهو ما قد يهدد – بحسب تعبيره – الاستقرار المحلي، في حال استمر تجاهل المطالب الاجتماعية المشروعة للمواطنين”.
وفي سياق متصل، أصدر المركز الوطني لحقوق الإنسان (CJDH) بلاغاً بتاريخ 22 يونيو 2025، عبّر فيه عن قلقه الشديد من الوضع الذي تعيشه تيفلت، محملاً السلطات المختصة مسؤولية هذه الأزمة، وداعماً في الوقت ذاته للتحركات السلمية التي يخوضها المواطنون دفاعاً عن حقهم الدستوري في التزود بالماء.
واعتبر المركز أن “حرمان السكان من الماء الصالح للشرب، دون مبرر واضح أو خطة تواصلية شفافة، يعد انتهاكاً لكرامة المواطن، وضرباً لمبدأ الإنصاف الترابي”.
وختم صاحب الرسالة نداءه بالمطالبة بـ”فتح تحقيق إداري عاجل، وإيفاد لجنة مركزية للوقوف على أسباب الخلل، وتحديد المسؤوليات، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بضمان عدم تكرار هذه الأزمة”، مشدداً على أن “تيفلت مدينة واعدة تستحق أن تكون نموذجاً في الحكامة، لا أن تتحول إلى رمز للتهميش والارتجال”.
يذكر أن مدينة تيفلت تعرف منذ سنوات توسعاً عمرانياً كبيراً، غير أن ذلك لم يرافقه – بحسب عدد من الفاعلين المحليين – تطوير فعلي للبنية التحتية الأساسية، وعلى رأسها شبكة الماء والكهرباء، وهو ما يطرح تساؤلات حول نجاعة السياسات التنموية المتبعة في المنطقة، ومدى التزام السلطات بتطبيق مبادئ العدالة المجالية التي دعا إليها الملك محمد السادس نصره الله في مناسبات متعددة.