Web Analytics
أخبار وطنيةمقالات الرأي

استهداف القيادات الأمنية بالمغرب.. تحالف الإجرام والإشاعة لخدمة أجندات معادية

بين يقظة الدولة ومكر خصومها، معركة صامتة تُخاض في الخفاء لضرب الأمن الوطني من الداخل

كلما طوّرت الدولة المغربية أدواتها الأمنية وآلياتها الاستخباراتية للحد من الجريمة المنظمة، اجتهدت شبكات الإجرام وخصوم الوطن في تحيين أساليبهم للالتفاف على القانون، بل ولضرب ركائز تطبيقه. وفي ظل الطفرة التكنولوجية وانتشار وسائط التواصل الاجتماعي، أصبحت هذه الأخيرة مرتعاً خصباً لحملات الإشاعة الممنهجة، بهدف تشويه صورة المسؤولين الأمنيين الشرفاء والنيل من ثقة المواطنين في مؤسساتهم.

وإذا كان هذا النوع من “الاستهداف الرقمي” مجرد وسيلة، فإن الغاية الحقيقية تتجلى في إعادة فتح الأبواب أمام الفساد والمفسدين، وتسهيل الطريق لاختراق الأجهزة الأمنية المغربية. وهو ما يفسر الهجمات المتكررة والمنظمة التي تطال منذ أشهر والي أمن تطوان محمد الوليدي، ومدير الأمن الوطني عبد اللطيف الحموشي، من طرف جهات مشبوهة، بعضها فرّ خارج المغرب وتحوّل إلى بوق دعائي يخدم مصالح مافيا المخدرات وأجندات دولية تكن العداء للوحدة الترابية وللاستقرار الأمني بالمغرب.

تطوان.. من بؤرة إجرام إلى نموذج أمني وطني

منذ تولي محمد الوليدي مهامه على رأس ولاية أمن تطوان، شهدت المدينة تحوّلاً جذرياً في مؤشراتها الأمنية. لم يعد اسم تطوان مرادفاً للتهريب والمخدرات، بل باتت المدينة اليوم تُضرب بها الأمثال على الصعيد الوطني في الاستقرار، وتراجع معدلات الجريمة، والتدخلات الاستباقية الدقيقة، وتجفيف منابع الإجرام.

الوليدي، بخبرته الاستخباراتية الواسعة واستراتيجيته المعتمدة على اليقظة والتواصل مع مختلف مكونات المجتمع، نجح في تحصين المدينة من تغول شبكات التهريب والترويج، حتى بات اسمه مرادفاً لهيبة الدولة وحصانة الأمن. وهو ما جعل منه هدفاً مباشراً لهجمات إلكترونية مشبوهة، تهدف إلى زعزعة موقعه وضرب معنوياته، وخلق مناخ من الشك لدى رؤسائه، رغم أن النتائج الميدانية تُكذّب كل تلك الإشاعات.

في المقابل، تُجمع ساكنة تطوان على أن هذا الرجل هو من أعاد الطمأنينة لشوارع المدينة، وجعل زيارات الملك محمد السادس إلى المنطقة تمر في أجواء آمنة ومُرضية، وهو ما يُحسب له في ميزان الإنجاز لا الاتهام.

الحموشي في قلب العاصفة

ولا يخفى أن هذه الحملات لا تقتصر على الوليدي فقط، بل تطال أيضا المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، عبد اللطيف الحموشي، المعروف بصرامته في محاربة الجريمة والفساد داخل الجهاز الأمني. منذ توليه المسؤولية، دشّن الحموشي مساراً واضحاً لتطهير المؤسسة الأمنية من الانحرافات، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وإعادة هيكلة الأجهزة وفق معايير النزاهة والنجاعة.

هذه المقاربة الصارمة أزعجت كثيراً من شبكات المصالح، داخلياً وخارجياً، التي وجدت نفسها محاصَرة وغير قادرة على اختراق المنظومة كما في السابق، وهو ما يفسر التصعيد في الحملات الإلكترونية من بعض الخارجين عن القانون الفارّين إلى الخارج، ممن تحوّلوا إلى أدوات دعائية ضد الدولة وضد أجهزتها.

تحالف خفي: أباطرة الداخل وأعداء الخارج

في تطوان، كما في مدن أخرى، يظهر بوضوح أن هناك تقاطعاً بين مصالح تجار المخدرات والفارين من العدالة، وبين أجهزة استخبارات أجنبية تُضمر العداء للمغرب، وتسعى لضرب أمنه القومي من الداخل عبر التشكيك في رجالاته. ومواقع التواصل تحولت إلى مسرح لهذا التحالف الهجين، الذي يستهدف تحييد كل شخصية أمنية قوية وذات كفاءة ومصداقية.

لكن الشارع المغربي، ونخب تطوان تحديداً، يدركون أن الحملة ضد الوليدي والحموشي وغيرهما من المسؤولين الأمنيين الشرفاء، ليست إلا محاولة يائسة لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وإحياء شبكات أُنهكت في ظل الضربات الأمنية المتتالية. وهم، أي المواطنون، يعبرون في كل مناسبة عن دعمهم لرجال الأمن النزهاء، ويعتبرون نجاحهم جزءاً من كرامة الوطن وسيادته.

رهانات المرحلة المقبلة: مناعة مؤسساتية ووعي مجتمعي لمواجهة الحرب الناعمة

إن التحديات الأمنية التي تواجهها المملكة لم تعد تقتصر على التصدي للعنف المباشر أو الإجرام التقليدي، بل باتت تمتد إلى أشكال “الحرب الناعمة” التي تستهدف بنيات الدولة من الداخل، عبر التشويش على ثقة المواطنين في مؤسساتهم، وتشويه صورة مسؤولين أمنيين نزهاء شكلوا سداً منيعاً في وجه الفساد والاختراق.

وفي هذا السياق، فإن الرهان الحقيقي للمرحلة المقبلة لا يكمن فقط في تعزيز الآليات الزجرية والقانونية، بل في بناء مناعة مؤسساتية رقمية وإعلامية تحصّن المسؤولين من حملات الاغتيال المعنوي، وتواكب مجهوداتهم بتواصل احترافي شفاف يُفشِل مفعول الإشاعة قبل أن تنتشر.

كما أن الوعي المجتمعي يشكل عنصراً جوهرياً في هذه المعركة، من خلال تعزيز ثقافة التمحيص وعدم الانجرار وراء الحملات المغرضة، والتمييز بين النقد البناء والضرب الممنهج. فالأمن ليس مسؤولية المؤسسات فقط، بل هو أيضا عقد ثقة بين الدولة ومواطنيها، يجب صونه والدفاع عنه في وجه كل من يسعى إلى إضعافه.

ومع استمرار عبد اللطيف الحموشي في تنفيذ استراتيجيته الأمنية الصارمة، وتواصل القيادات المحلية النزيهة مثل محمد الوليدي في أداء مهامها بثقة واحتراف، يظل مستقبل الأمن في المغرب رهيناً بتكامل الجهود: مؤسسات قوية، مجتمع يقظ، وإعلام مسؤول…

زر الذهاب إلى الأعلى