في ساعات الصباح الأولى من يوم السبت 14 يونيو الجاري، اهتزت جماعة أصيلة على وقع خبر مفاجئ، بعدما تعرضت مديرة المصالح بالجماعة لحادثة سير خطيرة قرب مدينة القنيطرة، أثناء استعمالها سيارة تابعة للمجلس الجماعي.
الحادثة، التي خلفت خسائر مادية جسيمة في السيارة، أعادت إلى الواجهة جدلًا قديمًا يتعلق بسوء تدبير أسطول السيارات العمومية، ومدى احترام كبار المسؤولين والموظفين للقواعد القانونية الخاصة باستخدام ممتلكات الدولة والجماعات الترابية
استعمال غير مرخص
وفق مصادر متطابقة لجريدة “شمال بوست”، فإن مديرة المصالح بجماعة أصيلة كانت على متن سيارة مصلحة، وهي مركبة مملوكة للجماعة، دون التوفر – بحسب ذات المصادر – على ترخيص كتابي مسبق يسمح لها باستغلال السيارة خارج أوقات العمل وخارج النفوذ الترابي للجماعة.
وأكدت نفس المصادر أن المسؤولة الجماعية كانت في مهمة شخصية، لا علاقة لها بمهامها الإدارية أو الوظيفية، ما يعني – حسب ذات المصدر – “استغلالًا واضحًا لوسائل النقل التابعة للمال العام لأغراض خاصة”، وهو ما يتعارض مع مقتضيات القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات، ودفاتر تحملات المسؤولين.
رجال الدرك يطلبون تبرير استغلال السيارة
ما زاد من تعقيد الوضع، أن عناصر من الدرك الملكي– وفق معطيات خاصة . عندما حلوا الى مكان الحادثة التي وقعت بالقرب من مدخل مدينة القنيطرة، وطلبوا من مديرة المصالح الإدلاء بوثيقة تبرر استغلالها لسيارة الجماعة في تلك الظروف.
وبحسب المعطيات الأولية، فإن المسؤولة لم تكن تتوفر على أي ترخيص كتابي أو إذن بالمهمة، مما وضعها في موقف قانوني حرج، يُحتمل أن تترتب عنه تبعات إدارية وحتى قانونية، ان لم تدلي بهذه الوثيقة.
تعويضات مقابل الاستغلال
من المثير في هذه القضية أن مديرة المصالح – حسب المعطيات المتوفرة – تتوصل بتعويضات مالية شهرية تصل الى 2300 درهم، مقابل أداء المهام الرسمية التي قد تتطلب التنقل او السفر ، وهو ما يجعل استغلالها للسيارة الجماعية، أمر غير قانوني وموضع شبهة ازدواجية استفادة. هذا الأمر، إن ثبت، قد يفتح الباب أمام مفتشية وزارة الداخلية أو المجلس الأعلى للحسابات للتدقيق في أوجه صرف المال العام بالجماعة، وخاصة ما يتعلق بالنقل والتعويضات.
صمت رسمي وجدل داخلي
مصادر الجريدة أكدت أن “الواقعة تسببت في تذمر واسع داخل الجماعة، خاصة في صفوف بعض المنتخبين والموظفين الذين اعتبروا الحادثة نتيجة مباشرة للفوضى التي يعرفها تدبير الموارد اللوجستيكية بالجماعة”.
فهل تخرج الجماعة بعد تحميلها المعطيات لتوضيح للرأي العام ما حصل؟
ما يقوله القانون
ينص القانون التنظيمي 113.14 على ضرورة احترام مبدأ الشفافية والحكامة الجيدة في تدبير ممتلكات الجماعة، كما يُلزم المسؤولين الإداريين بالحصول على ترخيص مكتوب عند استعمال سيارات المصلحة خارج أوقات العمل أو خارج الإقليم. كما يشير إلى أن أي استعمال غير مبرر لممتلكات الجماعة يُعد مخالفة إدارية تستوجب المساءلة.
وفي السياق ذاته، سبق لوزارة الداخلية أن أصدرت دوريات وزارية صارمة تدعو إلى تقنين استغلال سيارات الدولة، وربط استعمالها بالحاجة الفعلية وتوفر التراخيص المسبقة، وهي التعليمات التي غالبًا ما يتم تجاهلها في عدد من الجماعات الترابية.
إلى أين تسير الأمور؟
الحادثة، وإن بدت في ظاهرها حادث سير عادي، إلا أنها تخفي عدة أسئلة حول كيفية تدبير شؤون الجماعة، ومدى احترام المسؤولين فيها للضوابط القانونية والأخلاقية. كما أنها تضع رئيس جماعة أصيلة أمام مسؤولية مباشرة للرد والتوضيح، إنصافًا للرأي العام أولًا، وحفاظًا على صورة المؤسسة الترابية ثانيًا.