في وقت بدأت فيه مراكش تفقد بريقها لدى فئة من السيّاح الفرنسيين الذين أرهقتهم الزحمة وضوضاء الساحات السياحية المكتظة، بدأت تطوان، المدينة الهادئة في شمال المغرب، تفرض نفسها كوجهة سياحية بديلة وأكثر أصالة.
الصحافة الفرنسية لم تخف إعجابها بهذه المدينة التي تبدو وكأنها تسير بإيقاع مختلف، حيث الجمال ينساب بهدوء، والتاريخ ينبض من كل زقاق، والضيافة لا تشوبها شوائب الطابع التجاري المفرط.
في مقالات وتقارير حديثة لصحف فرنسية مختصة بالسياحة، باتت تطوان توصف بـ”الكنز المخفي” و”السر الجميل الذي حان وقت اكتشافه”، حيث يجتمع سحر المدينة العتيقة المصنفة تراثًا عالميًا من طرف اليونسكو، مع طبيعة آسرة لا تبعد سوى دقائق قليلة عن قلب المدينة.
مراكش لم تعد كافية… وتطوان تملأ الفراغ
“لقد سئمنا من ازدحام مراكش ومن طابعها التجاري المفرط”، تقول إحدى الصحافيات الفرنسيات، قبل أن تضيف: “في تطوان، نكتشف المغرب الحقيقي، بنسائه ورجاله، بعاداته وأسواقه، دون ضغط ولا مساومة. فقط أصالة وكرم مغربي نقي”.
وفي مقارنة مباشرة، يرى كثير من الفرنسيين أن مراكش تحولت إلى ما يشبه أغنية تم تشغيلها أكثر من اللازم، بينما تطوان أشبه بلحن هادئ ونادر، يزداد جمالاً كلما أنصتت له أكثر.
السياحة الراقية والهادئة: ثمار رؤية العامل عبد الرزاق المنصوري
التحول النوعي الذي تعرفه تطوان لم يكن وليد الصدفة، بل ثمرة استراتيجية تنموية محكمة، يقودها عامل الإقليم السيد عبد الرزاق المنصوري. فبفضل انخراطه العملي في تنمية القطاع السياحي، شهدت المدينة نهضة ملحوظة في البنية التحتية السياحية، من تأهيل المدينة العتيقة، إلى تحسين الطرق نحو الشواطئ والجبال، وتعزيز التنسيق بين الفاعلين في المجال.
رؤية العامل المنصوري تقوم على خلق نموذج سياحي بديل يقوم على الجودة بدل الكم، ويعتمد على مقومات المدينة الطبيعية والثقافية دون السقوط في فخ السياحة المفرطة أو التشويه العمراني. وهو ما لقي صدى إيجابيًا في الصحافة الأوروبية، التي بدأت تروج لتطوان كوجهة راقية وملهمة.
من البحر إلى الجبل… ومن الطبخ إلى الحكاية
تطوان ليست فقط مدينة للزيارة، بل للتجربة. شاطئ مرتيل بمياهه الصافية ورماله الناعمة، وجبال الريف الخضراء التي تحتضن قرى تقليدية ساحرة، يجعل منها مدينةً تجمع البحر والجبل في لوحة واحدة. أما مطبخها، فحدث ولا حرج: وصفات أندلسية فريدة، أطباق طاجين مطبوخة على مهل، وحلويات تقليدية بنفحات زهر البرتقال… كلها تجعل من كل وجبة تجربة حسية لا تُنسى.
تطوان، وجهة المستقبل
بين التاريخ العريق، والطبيعة الخلابة، والمطبخ المميز، تبرز تطوان اليوم كوجهة مغربية استثنائية، تلقى إعجاب الزوار الفرنسيين الذين يبحثون عن العمق والسكينة، بدل ضوضاء الوجهات الكلاسيكية. وبفضل قيادة تنموية حازمة ومستنيرة، يُمكن القول بثقة: تطوان ليست فقط مدينة جميلة، بل مدينة تُبنى برؤية… وتُعاش بشغف.