Web Analytics
أخبار وطنية

“الحميدي يُشعل “جرار” طنجة: طعنة في ظهر ليموري والغلبزوري أم بداية خطة توريث؟”

ملف قضائي مفتوح واستقالة سياسية مشبوهة: هل يفاوض الحميدي الحزب تحت التهديد؟

بقلم :المختار لعروسي/شمال بوست

 

في قلب مدينة طنجة، التي كانت تُضرب بها الأمثال في الانضباط السياسي داخل مجالسها، انفجر صراع داخلي غير مسبوق داخل حزب الأصالة والمعاصرة، فاجأ المتابعين وأربك الحسابات. استقالة “امحمد الحميدي” من رئاسة فريق الحزب بالمجلس الجماعي، مباشرة بعد توقيعه على بيان تضامني مع خصم سياسي، كانت الشرارة التي أشعلت النار في كواليس الحزب.

بين اتهامات بـ”الطعن السياسي”، وأخرى بـ”التحضير لتوريث انتخابي”، يبدو أن البام بطنجة مقبل على زلزال داخلي يهدد وجوده قبل انتخابات 2026. من المستفيد؟ من المتورط؟ ومن الخاسر الأكبر؟ في هذا الروبورتاج الخاص لـ شمال بوست، نكشف خبايا الصراع، خلفيات الاستقالة، والسيناريوهات المحتملة التي قد تقلب موازين السياسة في عاصمة البوغاز

تفاصيل القضية:

في سابقة سياسية فجرت جدلاً واسعاً داخل الأوساط السياسية بمدينة طنجة، قدم محمد الحميدي، رئيس فريق حزب الأصالة والمعاصرة بمجلس جماعة طنجة، استقالته من منصبه، ساعات فقط بعد توقيعه على بيان تضامني مع المستشارة سلوى الدمناتي عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، على خلفية الخلاف الذي نشب بينها وبين أحد مستشاري ديوان عمدة المدينة منير ليموري، الأمين الإقلمي لحزب الأصالة والمعاصرة بطنجة أصيلة.

هذا التطور، الذي بدا للوهلة الأولى مجرد إجراء تنظيمي داخلي، سرعان ما تحوّل إلى عنوان لأزمة أعمق تهدد وحدة الحزب محلياً، وتكشف عن صراعات خفية تتجاوز حدود الجماعة الترابية، لتطال ترتيبات انتخابات 2026، وتعيد إلى الواجهة أسئلة مقلقة حول مستقبل قيادة البام بطنجة، وسيناريوهات التوريث السياسي.

بيان تضامني يُفجر الخلافات بحزب البام:

الشرارة انطلقت عندما اندلع خلاف حاد بين المستشارة الجماعية سلوى الدمناتي ومستشار في ديوان عمدة طنجة، في سياق استقبال جماعة طنجة لحدث شبيبي عربي يعود تنظيمه لشبيبة الإتحاد الإشتراكي وطنيا والتي نسقت مع عمدة المدينة عبر ديوانه  . الحادث لم يكن ليأخذ أبعاداً سياسية لولا أن البيان التضامني، الذي حمل توقيع ممثلين عن مختلف الفرق السياسية داخل المجلس، ماعدى حزب التقدم والإشتراكي وجبهة القوى الديموقراطية، وبعض التمثيليات الحزبية الأخرى، الضوء على ما اعتُبر “ممارسات غير مسؤولة من داخل محيط العمدة”.

المفاجأة كانت في توقيع محمد الحميدي على البيان، إلى جانب الفرق الأخرى، وهو ما اعتُبر ضربة سياسية موجهة إلى العمدة ليموري، الذي لا يجمعه فقط الحزب، بل كذلك موقعه كأمين إقليمي للبام، وكرئيس للمجلس الجماعي. بعد ساعات من تسريب البيان، بادر الحميدي إلى تقديم استقالته دون تبريرات، ما فسّره البعض بأنه تهرب من المساءلة، وفسّره آخرون كخطوة في صراع داخلي.

صراع العائلات وتفكك الانضباط:

مصادر من داخل الحزب أكدت لـ “شمال بوست” أن الاستقالة لم تكن مفاجئة بقدر ما كانت متوقعة في سياق تصعيد طويل بين جناح الحميدي وجناح ليموري. ويُرجّح أن يكون الهدف منها فرض توازنات جديدة داخل الحزب وفتح الطريق أمام ترشيح نجل الحميدي برسم الانتخابات التشريعية  المقبلة.

غير أن هذا السيناريو يطرح إشكالات أخلاقية وسياسية، إذ يُعيد إلى الواجهة نقاش الزبونية والولاء العائلي في توزيع التزكيات الانتخابية. ان صح الخبر من جهة،  كما يضع القيادة الوطنية أمام امتحان حقيقي في ما يخص احترام معايير الكفاءة والتمثيلية داخل الحزب.

 أزمة قيادة الأمين الإقليمي والجهوي:

وسط هذا المشهد المتأزم، يُسجل المتتبعون غياباً واضحاً لتدخل الأمين الجهوي عبد اللطيف الغلبزوري، الذي ينهج، حسب وصف مصادر حزبية، “سياسة الصمت”، مما فاقم الأزمة. فبينما كان يُنتظر منه لعب دور الوسيط، اكتفى بالمراقبة من بعيد، ما زاد من فقدان الثقة داخل صفوف المناضلين.

نفس السياسة ممنهجة من طرف الأمين الإقليمي، الذي اعتبر طرفا أساسيا في الصراع بعد ما حارب عادل الدفوف وكان يرغي في التواجد بالمكتب السياسي للبام ولما لا الحصول على التزكية في الإنتخابات التشريعية المقبلة، وهو الأمر الذي لن يتمكن من الوصول اليه حسب قيادات حزبية وطنية.

 ملف قضائي مفتوح واتهامات ضمنية:

الحميدي يواجه حكماً ابتدائياً بالسجن النافذ في ملف يتعلق بالتسيير المالي عندما كان رئيسا لغرفة الصناعة التقليدية، وإن لم يكن حكماً نهائياً بعد، فإنه يلقي بظلاله على خلفيات تحركاته الأخيرة. في نظر البعض، فإن تصعيده الأخير محاولة لخلق قوة ضغط داخل الحزب، تؤمن له ولأسرته موطئ قدم انتخابي مستقبلي.

تحرك الحميدي أتى، بعد أن وعى جيدا، أن البرلماني الحالي لليام بالدائرة الإقليمية طنجة أصيلة، لم يعد يقوى على الصراع السياسي الداخلي، لكي يحضى مرة أخرى بالتزكية والدخول لغمار الإنتخابات البرلمانية المقبلة، كما انه لم يراكم سياسيا في المرحلة الراهنة، كما تفطن الحميدي لعدم رضى القيادة الوطنية للحزب على الأداء السياسي لمنير الليموري، وهو ما جعله يطمع أكثر في المنصب الإنتخابي المقبل.
2026 على الأبواب… هل ينهار البام؟

تشير جل المؤشرات إلى أن البام بطنجة على وشك مواجهة لحظة مفصلية. العمدة ليموري يواجه عزلة داخل الحزب، والحميدي يلعب أوراقاً خطيرة قد تضع مستقبل الحزب على المحك. في ظل غياب تدخل وازن من القيادة، يبدو أن 2026 ستكون سنة الحسم: إما بانبعاث الحزب من داخله، أو بانهيار وحدته لصالح منافسين يتحينون الفرصة.

فهل يتفطن الأمين الجهوي للأمر، وتتحرك معه القيادة الوطنية، للحفاظ على الحزب بطنجة، التي تعتبر من أهم القلاع السياسية لحزب الأصالة والمعاصرة؟

ان طنجة اليوم،  تعيش على وقع أزمة سياسية حقيقية داخل حزب الأصالة والمعاصرة، عنوانها: تصفية الحسابات، استقالات مشبوهة، ومشاريع توريث لم تُعلن رسمياً، لكنها تُرسم في الكواليس.

ومن هذا المنطلق فإن عددا من متتبعي الشأن السياسي والمحلي بطنجة يطرحونتساؤلات عديدة، أبرزها: هل يُعيد الحزب ترتيب بيته الداخلي، أم أن زمن الانهيار السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة قد بدأ فعلاً؟

زر الذهاب إلى الأعلى