مع اقتراب موعد الاستحقاقات التشريعية المقبلة، بدأت ملامح الصراع الانتخابي تتشكل داخل الأحزاب السياسية المغربية، ومن بينها حزب البام، بعدد من جهات الوطن أهمها جهة طنجة تطوان الحسيمة، التي تُعد إحدى القلاع الانتخابية الأساسية للحزب. وفي خضم الترتيبات الداخلية، برز اسم “عبد اللطيف الغلبزوري”، الأمين الجهوي للحزب، كمرشح محتمل لقيادة لائحة “البام”، مدعومًا من شخصيات وازنة داخل التنظيم، أبرزها فاطمة الزهراء المنصوري. غير أن مصادر حزبية مطلعة تؤكد أن الرجل لا يُبدي أي رغبة في خوض غمار الانتخابات البرلمانية، مفضلًا البقاء في موقعه التنظيمي، حيث لعب دورًا محوريًا في الحفاظ على تماسك الحزب واستقراره خلال مراحل دقيقة.
ووفق ذات المصادر، فإن الغلبزوري ظل منذ سنوات يرفض كل العروض المتعلقة بالترشح للبرلمان، بما فيها تلك التي طُرحت عليه خلال فترة تقلد عبد اللطيف وهبي وزير العدل، منصب الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، مشيرة إلى أن جميع من يشتغلون إلى جانبه داخل الحزب على المستوى الجهوي والإقليمي، يدركون جيدًا أن الترشح ليس من أولويات الأمين الجهوي، ولا يدخل ضمن طموحاته السياسية الشخصية.
ورغم الضغوط المتزايدة التي قد تمارسها القيادة الوطنية، أو محاولات الإقناع التي تقودها شخصيات وازنة بالحزب، لا يزال الغلبزوري وفيا لقناعته المتمثلة في لعب أدوار تنظيمية واستراتيجية في كواليس الحزب، دون السعي إلى المناصب انتخابية.
وتضيف مصادرنا، أن الولاء لعبد الغلبزوري، هو وفاء للخط السياسي وللقرارات التنظيمية للحزب، رغم أن للرجل طموحات أخرى، لكن الانضباط التنظيمي يبقى أهم.
وحسب المصادر ذاتها، لا يمكن الحديث عن الهيكلة الجهوية لحزب الأصالة والمعاصرة بجهة طنجة تطوان الحسيمة، دون التوقف عند الدور البارز الذي لعبه “عبد اللطيف الغلبزوري” خلال السنوات الأخيرة. إذ شكل وجوده على رأس الأمانة الجهوية للحزب عامل توازن واستقرار في فترات صعبة، تميزت باحتدام الصراعات الداخلية وتباين الولاءات السياسية، سواء في مرحلة ما قبل المؤتمر الوطني الرابع، أو أثناء الأزمة التي أعقبت صعود عبد اللطيف وهبي إلى الأمانة العامة.
وقد نجح الغلبزوري، وفق عدد من المتتبعين، في الحفاظ على تماسك التنظيم الجهوي، وربط الجسور بين القيادات المحلية والجهوية والوطنية، مستفيدًا من علاقاته المتينة مع مناضلي الحزب، ومن رصيده السياسي المتراكم داخل التنظيم.
اقرأ المزيد: رهان القيادة الوطنية.. الغلبزوري كصانع توازنات
رهان فاطمة الزهراء المنصوري على الغلبزوري لا يرتبط فقط بقدرته على استقطاب الأصوات أو تنظيم الحملات الانتخابية، بل ينبع من إدراك عميق بأهمية الدور الذي يلعبه في توجيه وتحفيز القواعد التنظيمية، خصوصًا في مدينة بحجم طنجة، تعتبر اليوم من أهم الحواضر الانتخابية على المستوى الوطني.
ومع اقتراب الاستحقاقات التشريعية المقبلة، يبدو أن “البام” مطالب باختيار مرشح قادر على ضمان الالتفاف حوله من طرف مناضلي ومناضلات الحزب، دون إثارة الانقسامات أو إعادة إنتاج الصراعات السابقة. وهنا، يبرز اسم الغلبزوري كأحد الخيارات التي تحظى بالإجماع، غير أن تمسكه بعدم الترشح يفرض على القيادة الوطنية البحث عن بديل يحظى بنفس القدر من الثقة والقبول داخل الأجهزة الجهوية.
ويُعرف عبد اللطيف الغلبزوري داخل الأوساط الحزبية برصانته السياسية وابتعاده عن الأضواء، فهو من النوع الذي يفضل العمل التنظيمي الصامت، ويؤمن بأن قوة الحزب تُبنى عبر القواعد وليس فقط عبر مقاعد البرلمان. لذلك، فإن تمسكه بدوره داخل الأمانة الجهوية يعكس قناعة شخصية واستراتيجية واضحة: خدمة المشروع الحزبي من موقعه الحالي أكثر نجاعة وتأثيرًا من الجلوس على كراسي التشريع.
خيارات “البام” أمام تحديات المستقبل
في ظل غياب رغبة الغلبزوري في الترشح، تجد القيادة الوطنية نفسها أمام تحدي إيجاد مرشح قوي قادر على الحفاظ على تماسك الحزب، وجذب قاعدة انتخابية واسعة، خاصة وأن جهة طنجة تطوان الحسيمة تمثل واجهة انتخابية أساسية في معادلات الاستحقاقات الوطنية.
ولعلّ تنسيقًا محكمًا بين الغلبزوري والقيادات الوطنية يمكن أن يفرز اسمًا يحظى بدعم الرجل، ما سيمنح المرشح الجديد غطاءً تنظيميا قويا، ويُجنّب الحزب الانقسام أو تراجع الحضور الميداني