Web Analytics
مقالات الرأي

“تشكمت” في العمل السياسي والجماعي.. نميمة مغلفة بالمكر وضعف في الحضور

بقلم محسن شباب

في خضم الممارسة السياسية والعمل الجماعي، يطفو على السطح سلوك لا أخلاقي بات مألوفًا في بعض الأوساط، وهو ما يمكن أن نطلق عليه محليًا “التشكمت”، أي نقل الكلام والوشاية بين الأطراف، بهدف زرع الفتنة، وإثارة الشكوك، وإشعال التوترات. إنه سلوك يجمع بين المكر والخبث وضعف الشخصية السياسية.

محسن شباب
محسن شباب

لا ينطلق “المتشكمت” من مبدأ أو قناعة، بل من حاجة دائمة إلى التواجد في قلب الأحداث دون أن يكون له وزن فعلي أو تأثير مباشر. ولذلك، فهو يتغذى على الصراعات، ويصنعها أحيانًا، ثم يتنقل بين الأطراف ناقلًا الأقوال محرفًا المعاني، مزيفًا النوايا، في محاولة لكسب مكانة لا يستحقها بجهده أو فكره، بل بدهائه المغشوش.

هذا السلوك لا يُعبّر فقط عن انعدام أخلاقي في الممارسة، بل يكشف ضعفًا في البنية النفسية والسياسية للفرد، وعجزًا عن خوض المواجهات النزيهة، أو تقديم مبادرات ذات قيمة. “المتشكمت” لا يصنع الحلول، بل يصنع الفتن. لا يوحّد الصفوف، بل يبعثرها. لا يؤمن بالحوار المباشر، بل يتغذى على التلميحات والإيحاءات والكلام المنسوب.

والأخطر من ذلك، أن هذا السلوك إذا تُرك دون ردع أو كشف، قد يؤدي إلى تآكل الثقة داخل المجالس الجماعية والمؤسسات، ويحول العمل الجماعي إلى ساحة من الشك المتبادل، والتوجس الدائم، والاصطفافات السلبية.

الرد على هذا النوع من السلوك لا يكون بمجاراة أساليبه، بل بفضحه بالحكمة، وبالمزيد من الشفافية، وبفتح قنوات التواصل المباشر بين الفاعلين، حتى يُحرم المتشكمت من أرضيته الخصبة: الغموض والتنافر.

في النهاية، لا بد من الإيمان بأن السياسة الحقيقية تُبنى على الصراحة والثقة والمسؤولية، لا على الهمس والوشاية واللعب في الظل.

زر الذهاب إلى الأعلى