أمام كل يوم عالمي( المدرس/ المرأة / المسرح/ الحب/…) ألم نفكر يوما بأننا نسخر من /على أنفسنا من حيث لا ندري؟ ربما هي الغيبوبة… هي المساهمة في عـدم طرح السؤال . أكيد أننا في غيبوبة سارية المفعول، لنصبح في تلك الأيام مفعول فيه أمام الآيام العالمية، التي صنعتها إرادة وعقلية الآخر، ذاك الآخر الذي هو خارج جغرافية بداوتنا / تخلفنا، لكنه يقتات ويتقوى من فوضانا ومن غيبوبتنا . لما لا ونحن خارج منطق التفكير العقلاني؛ الحضاري، خارج التعاضد والتلاحم من الخليج للمحيط ! لكن نحن جوانية التفكير الخرافي / الاستسلامي. مكبَّلون دونما مقاومة. من المحيط للخليج لم نستطيع التفرقةَ بين الأحلام واليقظة ؛نعيش« إيديولوجيا اللاشيء » خارج معيار التشكيك في أسس حياتنا اليومية ،لأننا نخضع لمنطق أيامهم (؟)غافلين أو متغافلين أفق مستقبلنا أمام جل الكوارث والمصائب والأهوال التي تتعشش وتتسربل في جغرافيتنا كالسرطان الصامت… نعم نحن جزء من هذا الكون والعالم، لكن لندرك ونقتنـع أننا لازلنا في “الكهف” سواء كهف الفتية الذين قال الله تعالى في محكم كتابه:” وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيدِ لو اطلعتَ عليهمْ لوليت منهم فـِرارا ولملئت َمنهم رعبا ( سورة الكهف/ الآية 18) أو كهف أفلاطون الذي برمز في قصته لمجموعة من سجناء في كهف تحت أرض، يصدِّقون ما يرونه من خلال ظلالهم أنه الحقيقة وهي ليست الحقيقة لما نرى في الواقع.؟ وبالتالي فاليوم العالمي للمرأة : بماذا يتميز عن الأيام السابقة أو اللاحقة في الخريطة العربية؟ بلاشيء… بلا معنًى عندنا، فقط مجرد ظل من ظلال كهف أفلاطون، نسمع صوت الآخرفي ظلالنا…
يالروعة المشهد، تقام هنا وهنالك ندوات مخملية وترديد شعارات زائفة، باسم اليوم العالمي للمرأة ، إنه ظل من ظلال الكهف ! وبعضهن من بعضهم يشعلون الشموع…لمن ؟ فيما بينهن رفقة ظل الظل من الرجال؟ ورفقة كمشة من نسوة يعشن بدخ الدنيا وزيف الواقع الحقيقيٍّ للمرأة العربية !
يا لبؤس مشهد الشموع ! والمرأة العربية معتقلة في الحقول والمداشر والبوادي، خارج لعبة الشموع خارج ظل الإحتفال،هل تلك الفتاة والمرأة ” العربية” والتي تتجه للمعمل قبل طلوع الفجر، هل مشمولة باليوم العالمي للمرأة؟ أم هي خارج الكهف؟ بل هي خارج اليوم، واليوم لا يعرفها – إطلاقا- ولا يدري حتى بأن حقوقها المادية والنفسية مهضومة . بشكل سافر ومقصود ؟؟
لنكن واقعيين رغم غيبوبتنا. ماذا أخذت تلك المرأة المكافحة؟ المناضلة؟ المثابرة؟ من أوسمة الدعـم والمساندة والتشجيع ؟ [ لا شيء] لأن أيامنا حقيقة « إيديولوجيا اللاشيء » .
لنكن أكثر واقعية، رغم أننا ما زلنا نعتقد بأن للظل صوتا: هل في اليوم العالمي للمرأة تقام عروض مسرحية وسينمائية من أجلها، ومن أجل مساندتها ، من أجل وجودها ككيان في النسيج المجتمعي، وليس خارجه… أليس وجود المرأة ” العـربية ” من الماء للماء. لازالت بضاعة في أعيننا، ولازالت مادة إشهارية في صلب عوالم “الماركوتينغ” واقع مأساوي حقيقة ، أليس كذلك؟ هو كذلك يامن تغني لليوم العالمي للمرأة ! وعن أي امرأة نتحدث ؟ عـَن تلك التي ترعى الإبل والماعز والأغنام في الصحاري وأدغال الغابات، وتعيش عالم وحياة الرحل والغجر، رفقة أسرتها وهي ليست غجرية؟ أم تلك التي تحمل الحطب مسافات ومسافات من أجل طهي لقمة عيش؟ أم تلك التي لازالت تسقي المياه من الآبار البعيدة عـن سكناها؟ أم عن تلك التي ضاع أبناؤها في حروب طائفية ، استنزافية؟ أم عن تلك التي تبيع الرغيف والخبز لساكنة الحي، من أجل تسديد كراء غرفة في سطوح أحـد الأحياء الشعبية والهامشية؟ وهنا يحضرني صدفة فيلم ” البدرون” لعاطف الطيب( إخراجا) والذي يعتبر بشكل أو آخر صورة مجسدة للمرأة العربية بدون رتوش، فهل ياترى انتهى زمن ” البدرون” يامن تنادون باحتفاء اليوم العالمي للمرأة العربية ، وأغلب المناطق خراب و مستنقع دماء وقتل وتهجير؟
يبدو لي بدوري أنني من زمرة أهل الكهف، من خلال ظلي الذي لا يفارقني اسمع باليوم العالمي للمرأة ، ولكنني أرى وأشاهد يوميا عندنا أو في مناطق عربية أسماء شوارعنا كلها ذكورية، فأين نصيب المرأة من ذلك ؟ ربما سيزداد يقين البعض بأنني فعلا في كهف أفلاطون، لأنني لا أرى بأن المرأة تقلدت مناصب عليا في التدبير والتسيير في عدة مجالات. لا خلاف ولا اعتراض، ولكن أسأل نفسي قبل أن يسألني ذاك البعض (هاته) المرأة ماذا قدمت ل(تلك) المرأة العربية في سائر أيامها ؟ وما اليوم العالمي للمرأة إلا محطة لذكر الحصيلة. حصيلة ما منح لها / لهن، من حقوق وصون لكرامتها، وتشجيع لخدماتها ومبادراتها « لا شيء» لأن تلك المرأة ليست صانعة قرار(…) ولا يمكن لها. لأننا لازلنا ننظر إليها ككائن ضعيف(؟) بل القرار يسري عليها بمنظور الماضي المغلف بالحاضر. كائن بشري ليس لديه كرامة ولا عزة نفس. إنه حكم المطلق لازال سائر المفعول لحد ( الآن).وبالتالي فتحررها مجرد وهْـم مثل سجناء الكهف الذين لا يسمعون الا الوهم من خلال الظلال. ولا يرون الكهف سجنًا، وإنما يرونه بـيْـتا أثيريا !!
لهذا فالمرأة” العربية” لازالت طعما في أسواق الترويج والماركوتينغ. هي حقيقة نعيشها يوميا، (هي) جسد إغراء(هي)بضاعة رخيصة الثمن والتعويض (هي) سهلة التصدير كخادمة في بيوت الغرباء، (هي) طعم في الأعمال الدنيئة، (هي) ضحية للوضع “النيوليبرالي” يبدو أننا نغفل هذا أمام الظلال..ألم تحارب المرأة المفكرة ، المتحررة من قيود الفكر السلطوي والإيروسي؟ ألم تسجن صاحبة رأي ليس بمعارض بل مفند لقرار( ما ) ألم تحرق المرأة العربية جسدها ضد الغبن والتمييز والاضطهاد بشكل يومي، ألم تزداد ظاهرة الإنتحارتفاقما في صفوف النساء؟
أحداث مؤلمة تصادف المرأة العربية نتيجة عامل الضغط النفسي والسلوكي الذي تعيشه في محيطها، ونتيجة النظرة الدونية في مجتمع التكنولوجيا والرقمة… إنها بحـق “ملهاة ” جوانية “الكهف”
بداهة ما يعانيه الرجل العربي البسيط/ المسالم . تعيشه المرأة العربية، الفرق: أن المرأة محكومة بأغلال متينة الصنع، متماسكة الحلقات والدوائر، فلن يستطيع اليوم العالمي للمرأة تكسيرها ، لأن اليوم يَـوم الآخر، ذاك الآخر الذي أنتجه وخطط له لبناء مستقبل عشيرته وبني جلدته. ويومنا في يومهم إلا ظلال باهتة غير براقة. وغير مساهمة في بناء مستقبل مشرق. لست “عـدميا “كما سيتوهم البعض؟ بل واقعنا العَـربي ينطق بصوره وأحداثه التي لا دخل لنا فيها.