يشهد المغرب أزمة حادة نتيجة نفاد مخزون “الميثادون”، الدواء الأساسي المستخدم في علاج الإدمان على المواد الأفيونية، مما يهدد صحة مئات المرضى الذين يعتمدون عليه بشكل يومي.
وفي ظل هذه التطورات، أصدرت مجموعة من جمعيات المجتمع المدني المعنية بالصحة العامة وحقوق الإنسان، من بينها جمعية حسنونة لمساندة مستعملي ومستعملات المخدرات، والجمعية الوطنية للتقليل من مخاطر المخدرات، وجمعية محاربة السيدا، والائتلاف العالمي للاستعداد للعلاج في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بيانًا مشتركًا دقت فيه ناقوس الخطر وحذرت من العواقب الوخيمة لهذا الانقطاع، مطالبةً الجهات المعنية باتخاذ إجراءات عاجلة لضمان استمرار العلاج وتوفير الدواء في أقرب وقت ممكن.
فوفق البلاغ الذي توصلت به “شمال بوست” تؤكد الجمعيات السالفة الذكر أن توقف العلاج بالميثادون قد يؤدي إلى تفاقم المشاكل الصحية والاجتماعية للمرضى، حيث يرتبط هذا الدواء مباشرة بتقليل معدلات الانتكاس ومنع عودة المرضى إلى استهلاك المخدرات، مما يحد من انتشار الأمراض المعدية مثل فيروس نقص المناعة البشرية والتهاب الكبد الوبائي. ومع نفاد المخزون، يواجه المرضى خطر المعاناة من أعراض الانسحاب الحادة، التي تتسبب في آلام جسدية ونفسية شديدة، في غياب أي بدائل دوائية متاحة حاليا، كما أن هذا الوضع قد يدفع البعض إلى العودة إلى استخدام المواد الأفيونية بطرق غير آمنة، مما يهدد صحتهم ويزيد من المخاطر على المجتمع ككل.
ويضيف ذات البلاغ أنه وفي الوقت الذي تقدر فيه الجمعيات جهود وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في التعامل مع هذه الأزمة، فإنها تؤكد أن الحلول المقترحة حتى الآن تبقى غير كافية، وقد تترتب عليها تداعيات خطيرة في حال عدم التدخل العاجل،كما تدعو ذات الجمعيات إلى ضرورة احترام حقوق المرضى من خلال ضمان استمرار العلاج وعدم تعديل جرعات الميثادون إلا بموافقتهم وتحت إشراف طبي صارم وفقًا للبروتوكولات العلمية المعتمدة.
كما تطالب الجمعيات بإيجاد حلول بديلة، بما في ذلك استكشاف خيارات علاجية عاجلة لتعويض النقص وضمان عدم تعريض المرضى لمخاطر صحية غير محسوبة. كما تشدد على أهمية وضع خطة مستدامة لتجنب تكرار هذه الأزمة في المستقبل، وذلك من خلال تعزيز التعاون بين الدولة والمنظمات الدولية والشركاء التقنيين لضمان الإمداد المستمر لهذا العلاج الأساسي. وترى أن المجتمع المدني يجب أن يكون شريكًا فاعلًا في هذه الجهود لضمان أن تأخذ القرارات المتخذة بعين الاعتبار احتياجات المرضى وحقوقهم الصحية.
وفي ظل هذه الأزمة، جددت الجمعيات من خلال هذا البلاغ التزامها بالعمل مع جميع الأطراف المعنية لإيجاد حلول سريعة وفعالة، مؤكدة أن الصحة حق أساسي وليست امتيازا، وأن الوصول إلى الأدوية الأساسية، مثل الميثادون، هو واجب أخلاقي وقانوني يجب الالتزام به، كما دعت إلى تحمل المسؤولية الجماعية لتجنب تحول هذه الأزمة إلى كارثة إنسانية واجتماعية، محذرةً من أن التأخير في اتخاذ إجراءات ملموسة قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع بشكل يصعب احتواؤه.
وأمام هذه المعطيات، توجه الجمعيات نداء مستعجلا إلى السلطات المعنية لاتخاذ خطوات سريعة تضمن استمرار العلاج، وعدم ترك المرضى وحدهم في مواجهة هذا الوضع الصعب، حتى لا تتحول الأزمة الصحية إلى أزمة إنسانية واجتماعية ذات تداعيات أوسع.
هذا وقد أعلنت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في وقت سابق عبر المنشورات التي وضعتها على بوابات مراكز طب الإدمان، تفيد من خلاله تبني بروتوكول تخفيض جرعات الميثادون لجميع المرضى المستفيدين من العلاج بالمنهضات الأفيونية، وذلك في ظل تأخر التزويد بتوريدات جديدة من علاج “الميثادون”، إلا أن هذا التأخر لم يجد طريقه الحل في ظل نقص المخزون والذي سينفذ بمدينة طنجة نهاية هذا الأسبوع حسب ما أفاد به مصدر رسمي تحفض عن ذكر اسمه.