عود على البدأ، والبدايات تظهر فيها دائما عناوين النهايات، فمنذ بدأنا الكشف عن تفاصيل الفساد الذي نخر كلية الآداب والعلوم الانسانية بمرتيل، ونحن ننتظر ترتيب الجزاءات وفتح التحقيقات أو الكشف على الأقل عن نتائج سابقة للتحقيقات… لكن كما قلنا سابقا فإن الخرق قد اتسع على الراقع والنبش في عمادة الكلية من شأنه هدم باقي الأعدمة.
قبل عام ونيف كانت كلية الآداب حديثا لفضيحة مدوية أو في الواقع أكثر من فضيحة واحدة، فقد فوجئ طلبة إحدى الشعب العتيدة التي كان أستاذا بها عميدا على الكلية، بإخراج اسم طالب لم تطأ قدمه الجامعة ضمن الناجحين الحاصلين على شهادة الاجازة في الجغرافيا، رغم أن المسافة بحسابات الجغرافيا بين مرتيل والمملكة السعودية تعد بآلاف الكلمترات.
استياء الطلبة واستغراب من وصلتهم قدرة عميد “أبو المناسك” على تشويه الجغرافيا، وجعل الديار المقدسة قرب مرتيل، دفع رئاسة جامعة عبد المالك السعدي إلى سحب دبلوم الاجازة المثير، فقط، دون تحقيق أو فتح بحث علمي كيف استطاع علماء الجغرافيا في كلية العلوم الانسانية تقريب المسافات وجعل طالب منقطع عن الدراسة لسنوات يسافر عبر الزمن قاطعا المسافات دون الحاجة للمرور عبر المطارات، لاجتياز الامتحانات ومناقشة بحث نيل الاجازة… ووضع اسمه بين المعذبين في الأرض الذين جدوا واجتهدوا للحصول على تلك الاجازة.
للأمانة وحتى لا تزِر وازرة وِزر أخرى، قد يكون العميد الحالي لكلية الاداب والعلوم الانسانية بمرتيل على غير علمٍ بما كان يحدث ويحدث من أمامه وخلفه، لكن واجبه أن يكون على بال وبينة من أمر كليته ومن يدور في فلكه من عصابة العمادة السابقة، حتى لا تُدنس سمعته الناصعة ومسكنته الظاهرة تقديرا لزاويته الطاهرة.
في الجامعات المحترمة، وبعد نيل شهادة الإجازة، يطلب من طلبة العلم البحث والكد لتحقيق علم درجة الماستر، لكن في كلية الاداب والعلوم الإنسانية بمرتيل، يمكن القفز على هذه العقبة العلمية المعتبرة، ومناقشة أطروحة الدكتوراه بأريحية العصابات المتمرسة، وهذا ما حدث وسيكون موضوع مقالنا القادم عن فضائح الأساتذة غير الأجلاء.
طبعا المواضيع تلاحق بعضها بعضا، من الفساد المالي إلى الاداري إلى العلمي إلى الأخلاقي…، لكن كما جعل الله لكل أجل كتاب، سنجعل لكل موضوع مقال، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا.
