بسلاسة وتدرج في العمل، تعود تطوان شيئا فشيئا لمكانتها الحضارية كعاصمة للثقافة وحاملة لمشعل التنوير وبعث كل ما هو مشرق في تاريخ وتراث المغرب الأقصى منارة الفنون والأدب والثقافة.
لا يمر أسبوع على بنت غرغيز ودرسة دون أن يتزين مسرحها العريق اسبانيول بحدث فني أو ثقافي وهو ما ينطبق على مختلف مرافقها الثقافية والتراثية من المركز الثقافي إلى دار الصنايع مرورا بمتحف الفن الحديث قبل أن يلتحق بالركب حتى معهد سرفانتيس ومختلف الزوايا الثقافية الأخرى.
منذ اليوم الأول لتعيينه على إقليم تطوان عاملا، أظهر “عبد الرزاق المنصوري” تمكنا قلّ نظيره في الخطابة والإلمام بالثقافة والتاريخ والتراث، حيث جعل من إعادة إحياء الفعل الثقافي هدفا لا يمكن أن تستقيم بقية الأوراش التنموية دونه، مستعينا بذلك على خبرته ووجود أطر متمكنة على مستوى التسيير بالجماعة الترابية لتطوان وباقي المصالح الثقافية بالمدينة.
ورغم الأصوات النشاز التي كانت تحاول شيطنة الفعل الثقافي وتقزيمه، إلا أن رؤية “المنصوري” كانت أعمق وأشمل وأكبر من أن توقفها محاولات يائسة لإعادة الحمامة البيضاء إلى زمن الظلام، فكان امتلاء قاعات المسرح وفضاءات العروض بالمواطنين العطشى للثقافة والفن الجواب الشافي والكافي على صحة هذه الرؤية والرد الحاسم على تلك الأصوات المتبِّطة للهمم.
ولعل التراكم الثقافي والفني والصورة المشرقة التي أعطيت عن تطوان عبر الزخم الكبير من العمل والابداع الذي طبع السنوات الثلاث الاخيرة من عمل القائمين على الجانب الثقافي بالجماعة الترابية لتطوان، والتي أكمل ايقاعها ونظَمه كميسترو عامل الاقليم “المنصوري”، هو الذي جعل تطوان تحضى باختيار تتويجها عاصمة المتوسط للثقافة والحوار لسنة 2026.
اختيار تطوان كعاصمة المتوسط للثقافة والحوار أضاف أعباء أكبر على كاهل “المنصوري” حامل مشعل إعادة الروح لبنت الاندلس، حيث ينتظر منه حث كل المعنيين بالفعل الثقافي على مضاعفة الجهد لتكون الحمامة البيضاء عاصمة منيرة تشرف تاريخها وترفع اسم المغرب سامقا بين بلدان المتوسط والعالم.
العمل لن يكون سهلا لكن وجود عامل لصاحب الجلالة في تطوان بدرجة مايسترو متمرس على نظم نوتات النجاح للعمل الثقافي في مختلف أجزاءه الفنية والتراثية، هو قيمة مضافة ستضمن لتطوان خارطة طريق لتكون في مستوى تاريخها وعراقتها وأصالتها.