قصص النجاح كثيرة في بلادنا، منها من ظلت متواصلة بلا نهاية، ومنها من اصطدمت بمطباتٍ لتتحول إلى قصص بنهايات غير سعيدة.
في تطوان عاد اسم واحد من أنجح رجال الأعمال سابقا للتداول على ألسنة الناس، بعدما طفت على سطح ضبابية ما حدث له، قضايا تُظهر الأيام يوما بعد يوم أنه كان خلالها ضحية للثقة التي وضعها في شريكه.
عُدنا بالزمن إلى الوراء للبحث عن حقيقة ما حدث قبل سنوات لرجل الأعمال الذي نزل من قمة مجده ليجد نفسه مطاردا خارج أرض الوطن ثم سجينا فيه، في قضية آثر حينها الصمت على سرد تفاصيلها، ربما لعدم استيعابه ما كان يحدث له.
قريب من الأحداث حينها، حكى لشمال بوست، أن رجل الأعمال “ي.م” بدأت قصة نزوله عندما قرّر الفرار خارج المغرب نحو اسبانيا في انتظار تسوية وضعية أحد الشيكات بدون مؤونة، معتمدا على مشورة شريكه، لكن الأمر سيتخذ بعدها مسارا أكثر دراماتيكية عندما سيرفض شريكه إتمام عقود بيع مع زبناء كان “ي.م” قد تعاقد معهم سابقا مستغلا تغيير اسم شركتهما ووجود الرجل فارا خارج أرض الوطن، في خطوة دفعت المتعاقدين لرفع دعوة نصب واحتيال ضده.
كيف حدث ما حدث ؟
وضع البيض في سلة واحدة غالبا ما تكون له عواقب وخيمة، وهذا واقع حال “المرواني” الذي ضخ كل سيولته المالية في مشاريع مشتركة مع “م.غ” مغامرا بكل ما يملك معتمدا على سمعته الناصعة، وهي المشاريع التي بلغت قيمتها ملايير السنتيمات، إلى درجة أن “المرواني” عجز عن تحصيل مبلغ بسيط قدّر ب 180 مليون سنتيم، لسداد شيك، الشيء الذي اضطره للتوجه خارج أرض الوطن خوفا من الاعتقال في انتظار جمع المبلغ أو بيع شقق في إحدى مشاريعه العقارية، ثم يعود لإكمال عمله وحصد أرباح شَراكته، لكن الرياح لم تمضي كما خطط الرجل لسفينته، لأن خيوط خطة أخرى كانت تحاك في ليل لدفع الرجل للبقاء هاربا أو مُبعدا حتى لا يرى ما يحدث لأملاكه ومشاريعه.
تُظهر الأحداث الموثقة أن شريكه تعمّد عدم إتمام إحدى صفقات البيع التي وقعها “المرواني” سابقا مع زبناء، لدفعهم للجوء إلى القضاء ضد الرجل الموجود خارج أرض الوطن بسبب قضية شيك (180 مليون)، مستغلا تغييرا حدث في اسم الشركة التي تجمعهما، وتغييرها بشركة أخرى موحيا أن الأمر عملية نصب تعرضوا لها وأنه منها بريئ.
إغراق الرجل
في انتظار بيع شقق في مشاريعه العقارية مع شريكه “م.غ” لسداد مبلغ الشيك المتابع على خلفيته، فوجأ “المرواني” بظهور قضية أخرى أخطر يُتهم فيها أنه متورط في النصب على زبناء كان بينهم عقد بيع لمحلات بقيمة 130 مليون سنتيم كتسبيق، وهي الصفقة التي رفض شريكه إتمامها بخلفية واضحة وهي توريط شريكه الفار وبالتالي إبعاده للتصرف بأريحية في مصير الشركة وأصولها وأرباحها.
المرواني الذي وجد نفسه في دوامة من القضايا والمتابعات والأحكام القضائية واستمرار تماطل شريكه لغرض في نفسه وهو بعيد عن أرض الوطن وعن مشاريعه، أضف إلى ذلك دخول العالم في حجر صحي عام بسبب انتشار وباء كورونا، الشيء الذي اضطره للاستسلام مؤقتا والرضوخ للأمر الواقع غير مستوعب ما يحدث.
العودة المحتومة
لكن.. كما أن لكل بداية نهاية، كانت للمرواني نهاية لتيهانه، حيث قرر الرجل بعد عودته من دوامة المتابعات والتمكن من تسوية كل مشاكله وأداء عقوبة محتومة لا يد له فيها، قرر محاسبة شريكه في شراكتهما.
المحاسبة لم تكن لتستقيم إلى عن طريق القضاء جراء تعنّت شريكه الذي اعتقد أن تزويره لمحاضر الجموع العامة لشركتهما كفيلة بنهبه لحقوق شريكه وإخراجه من عالم المقاولة التي أدخله لها خالي الوفاض.
بداية معركة إرجاع الحق
قاضي التحقيق بابتدائية تطوان، بعد أول شكاية للمرواني، لم يمهل شريكه كثيرا قبل أن يقرر متابعته في حالة سراح بتهمة النصب والاحتيال والتصرف في المال المشترك بسوء النية.
وهو الأمر الذي سيفتح الباب على مصراعيه لعودة الرجل وإعادة الاعتبار لنفسه كضحية للثقة التي وضعها في شريكه الذي خطط ودبر مستغلا وجوده خارج أرض الوطن.
وهي القضية الثانية التي تفتح ضد “م.غ” حيث تبين أنه متهم أيضا بالنصب والاحتيال والتصرف في مال مشترك بسوء نية والتزوير، في حق شريك ثالث ينحدر من مدينة سبتة المحتلة، كانت ظروف الحجر الصحي بسبب وباء كورونا قد اضطرته البقاء خارج أرض الوطن.
شيك بمليار سنتيم.. مناورة لها ما بعدها
كرقصة الديك المذبوح قرر “م.غ” دفع شيكين غريبين يعودان للمرواني لكن بخط الشريك كما هو واضح للعيان وضوح عملية تزوير غبية.
وكحال القضية الأولى، لم يمهل قاضي التحقيق كثير وقت للشريك المتقدم بالشيكين، ليقرر متابعة “ي.م” في حالة سراح، بعد توصله عن طريق الأبحاث التي أجراها أن دفتر الشيكات المسحوبة منه الشيكين موضوع الدعوى قديم، كما أن صاحبه استصدر دفاتر شيكات جديدة بعده، ولم يعد يعمل بالشيكات التي تم تضمينها مبالغ كبيرة لتكون موضوع منازعة أمام القضاء.
فصول معركة إظهار الحقيقة وتبرأة “المرواني” الذي وقع ضحية مخطط جهنمي لتدميره، تتواصل محطاتها في أروقة دار العدالة، خاصة أن فصولا خطيرة منها كشفت عنها الأيام التي ستظهر أيضا فصولا أكثر خطورة كانت مجهولة للعيان.
ستتواصل القضية لكن بوضوح عكس ما حدث في البداية، فالرجل الذي وضع بيضه في سلة واحدة تعلم الدرس وساعده القدر لحكمة ما وزاد حضه سطوعا بوجود قضاة نزهاء بتطوان تفطنوا لمناورات واضحة للإيقاع به وقبلها لهضم حقه نصبا واحتيالا وتزويرا.