تطرق الخبراء والأكاديميون المشاركون في ثاني ندوات موسم أصيلة الثقافي الدولي، الخميس الماضي، إلى التحدي القائم أمام النخب العربية والدور الممكن الذي يمكن أن تضطلع به سواء في دول الاستقبال أو دول الأصل، اذ أكدوا في الندوة، التي تندرج، في إطار الدورة الـ38 لجامعة المعتمد بن عباد المفتوحة المقامة في إطار الدورة الـ45 لموسم أصيلة الثقافي الدولي المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس من 13 إلى 31 أكتوبر الجاري، أن النخب العربية تشكل جسرا بين بلدان المنشأ وبلدان الإقامة من شأنه ردم الهوة الثقافية القائمة بسبب الاختلافات الحضارية والدينية.
هذا وقد أكد الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، ووزير الخاردية السابق “محمد بن عيسى“، في كلمته، على أن هذا اللقاء هو مناسبة لتسليط الضوء على دور النخب العربية المغتربة انطلاقا من ثلاثة محاور، تتمثل في تقييم تجربة الجاليات العربية في المهجر، وانعكاس الوجود العربي في المهجر على القضايا العربية الكبرى، ومستقبل هذه الجاليات العربية في الغرب.
وأضاف ذات المتحدث بن عيسي أنه “خلال العشرين سنة الأخيرة، قوي التنقل في العالم بطريقة لم يعرفها التاريخ من قبل، لاسيما مع شيوع مفاهيم الحريات وحقوق الانسان وكذلك توفر الوسائل التكنولوجية وانخفاض رحلات السفر”.
من جهتها تطرقت الدكتورة “كاتيا غصن” الأستاذة بجامعة باريس الثامنة، ، إلى وضع النخب الثقافية والفكرية العربية في المجتمع الفرنسي خلال السنوات الأخيرة، مبرزة أن هذه النخب الثقافية، أكثر من غيرها في الأوساط السياسية والاقتصادية، هي التي تعرف بالبلدان العربية وتساهم بشكل كبير وواع في الإنتاج المعرفي عن بلدان المنشأ، مبرزة أنهم شريحة من المثقفين لم يفكوا ارتباطهم ببلدهم الأم، الذي لا يزال حاضرا في إنتاجهم الفكري والأدبي وأعمالهم الاكاديمية أيضا.
وأكدت أن هذه النخب تواجه عدة تحديات من بينها وسمها بكلمة جامعة هي “العربية” وإن كانت الثقافات العربية غير متجانسة ومتمايزة من بلد لآخر، إلى جانب هيمنة التوجهات السياسية والثقافية للبلد المضيف على ثقافة المغترب، وانحصار هامش التعبير عن الانتماء الثقافي بسبب بعض الاحداث المسجلة خلال السنوات الأخيرة، إلى جانب “أزمة الهوية” التي يشعر بها بعض المثقفين تجاه بلدهم الأم.
بالمقابل اعتبر “محمد الهادي الدايري”، وزير الخارجية السابق لدولة ليبيا، أن تحديات اندماج النخب العربية في المهجر تطرح نفسها على مجتمعات الاستقبال والمصدر في الآن نفسه، مبرزا في هذا السياق تجربة الجالية اللبنانية التي حققت اندماجا مهما بعدد من بلدان العالم.
وقد حذر خلال مداخلته، من الوضع الذي صارت تعيش فيه عدد من الجاليات العربية بسبب العنصرية والتهميش والربط بالإرهاب وزيادة التمييز، منبها إلى أن هذا الوضع آخذ في التفاقم بسبب صعود قوى اليمين السياسية بعدد من البلدان الأوروبية، والتي تتبنى في مجملها مواقف معادية للمهاجرين.
اما الأديب والناقد “احمد المديني” فقد تطرق في مداخلة بنفس أدبي إلى الهجرة المعاكسة لجزء من النخبة العربية رفيعة التكوين والمقيمة ببلدان أوروبية، ولا سيما فرنسا، إلى بلدان أخرى أو بلدان الأصل بحثا عن آفاق أرحب للتعبير عن الانتماء الثقافي والديني، مبرزا أن أسباب هذه الهجرة المضادة تعزى “إلى التحولات الجيلية والإيدلوجية التي خلخلت مبادئ الحرية وقيم المساواة، لاسيما مع تنامي قوة اليمين والنزعة القومية”.