مما لاشك فيه، أن جل متتعبي الشأن المحلي والسياسي بمدينة طنجة، قد تابعوا كلمة والي جهة طنجة تطوان الحسيمة “يونس التازي”، خلال تدخله على هامش دورة أكتوبر العادية التي عقدها مجلس جهة شمال المملكة، يوم أمس الإثنين 7 أكتوبر من الشهر الجاري، وسجلوا جرأة الرجل خلال كلمته التي أرسل فيها رسائل سياسية واضحة لمن يهمهم الأمر.
لكل من يعرف يونس التازي عن قرب، أو سبق وأن واكب عمل الرجل عندما كان عاملا على اقليم تطوان، سوف يتيقن ممن كان يخاطب من السياسيين يوم أمس حيث عاتب بعضا منهم على تفاهتهم وعدم تفاعلهم مع القضايا الحيوية للمواطنين، والإنخراط الفعال في العملية التنموية التي يشرف عليها جلالة الملك محمد السادس، وسوف يتيقن أن هذه هي الشخصية الحقيقية للتازي، الرجل الصارم والواضح في توجهاته والمنتصر لقناعة الدولة والمدافع عن مصالحها ومصالح المواطنين، والحريص على خلق المسافات مع جل الهيئات على قدم المساواة.
التازي يوم أمس لم يوجه فقط كلاما او خطابا انتقاديا للبعض فقط، بل أظهر حنكة كبيرة في تدبير الأمور وفي العملية التسيرية، فكلامه كان توجيهيا لبعض الهيئات السياسية، التي أهدرت وقتها ووقت المؤسسات المنتخبة ووقت المواطنين في تصفية الحسابات الشخصية عبر خلق اشكالات وهمية ساهمت في تضييع فرص استثمار العمل التنموي بطنجة.
التازي وجه رسائل مشفرة أيضا في كل الاتجاهات مفادها أنه حان الوقت ليتوقف كل ما يهمه دور المؤسسات المنتخبة والشأن العام في إهمال انتظارات المواطنين الذين ينتظرون العمل الميداني والتوقف أيضا عن الإختفاء وراء الستار ودفع البعض خفية للكتابة أو تحويل مجرى النقاش السياسي الصحي الذي يجب أن يسود داخل المدينة التي تحضى بعناية ملكية سامية.
الرجل عندما قال أنه لن يسمح بالتشويش على العمل، وأنه يؤمن بالعمل الميداني لم يكن يتكلم من فراغ، بل كان يؤكد علة مسار سطره بعناية كبرى، فممثل جلالة الملك بجهة الشمال عموما وطنجة خصوصا لم يعد يهدأ له بال حتى يرى كل الأوراش الكبرى تسير وفق ما تم التخطيط له وهذا ما يتأكد من خلال الزيارات الميدانية المفاجئة التي يقوم بها سواء بمدينة طنجة أو باقي المدن الأخرى، فبعد أحداث الفنيدق، قام بزيارة مفاجئة لعدة أوراش مثل الأشغال القائمة بملعب طنجة الكبير أو بالقرية الرياضية وأيضا بزيارة مدينة طنجة تيك ومدينة الكفاءات المهنية ولسوق كسابراطا وآخرها اليوم لحومة الشوك.
ولأن التازي رجل يحترم نفسه ويحترم مجهودات جل المتدخلين والفاعلين بالمدينة حتى تواكب طنجة سيرها على السكة الصحيحة، فقد عبر عن تقديره لكل من يقوم بتقديم النقذ البناء، فالنقذ والتوجيه هما من يساهمان في تطوير أدوات الإشتغال، وهو الأمر الذي حاول طاقم تحرير الجريدة الإلكترونية “شمال بوست” القيام به، حينما طالبت من الوالي التازي، التحلي بجرأة أكبر في تناول عدد من القضايا الإجتماعية والإقتصادية التي تشهدها المدينة، أو بعض القضايا السياسية خصوصا الخلافات الفارغة التي تعمل على ايقاف مسلسل التنمية، خصوصا أننا نعرف قدرات الرجل جيدا، وكيف نجح في مهامه عندما كان عاملا على اقليم تطوان، وكيف ساهم في تنزيل تصورات الدولة بكل وطنية وتفان دون أن يكون ذلك الرجل المتسلط.
ورغم اننا تعرضنا لحملة مغرضة أنذاك حاول البعض استغلالها لتغيير مسار المقال والملاحظات البناءة التي تطرقنا اليها، ومحاولة البعض شيطنة المقال، إلا أننا تحلينا بالصمت والصبر لأننا كنا مؤمنين بضرورة خلق نقاش عمومي هادف يساهم في تهيئة الأجواء الصحية على جل المستويات كي ينطلق بشكل صحيح وعلني وجريء، مسلسل عمل وتدخل الرجل الأول بجهة طنجة تطوان الحسيمة، لأنه الضامن الوحيد اليوم لكي تعود الأمور الى سكتها الصحيحة، ولأننا كنا مؤمنين أن الرجل قادر على التقاط الإشارة والفرز بين من يحاول العمل لصالح المدينة ومن يصرف مواقفا خدمة لمصالح خاصة.
اننا اليوم كصحفيين وكموقع اعلامي مهني ومستقل يضع نفس على مسافة مع جل الفرقاء السياسيين، لا نمتلك الحق في تفضيل عمل واشتغال مؤسسة منتخبة على أخرى، لأن لكل منهم دور خاص يجب القيام به لكي يوفر ظروف الإشتغال افضل لمؤسسة أخرى، ولأن أيضا العمل الجاد يعتبر مسؤولية وواجب يجب القيام به، لأنه على هذا الأساس تم انتخابهم من طرف المواطنين، لكن من الواجب علينا أن نقوم برصد تدخلات كل مؤسسة منتخبة على حدا وكل هيئة سياسية على حدا، تنبيها لبعض الإختلالات التي قد يقع فيها البعض، وأيضا انتصارا لمسؤوليتنا القائمة على المساهمة من أجل انتقال ديموقراطي سلس يبرز التطورات التي تشهدها دولتنا، وتنبه لبعض الإختلالات التي قد تعرقل الإشتغال وتؤدي الى هدر الكثير من الوقت أو الزمن السياسي.
مداخلة الوالي التازي يوم أمس والتوجيهات التي قام بها خلال دورة الجهة، لا تخص مجلس الجهة وحده، ولا يقتصر التقاط اشارتها من طرف المنتخبين بمجلس الجهة لوحدهم، أو رئيس مجلس الجهة لوحده، وانما هي اشارة أيضا لرئيس مجلس جماعة طنجة ولجل الفرقاء السياسيين داخل هاته المؤسسة وأيضا توجيه واضح المعالم للمقاطعات الأربع، ولما لا اعتبارها توجيه واضح وصريح لكل المؤسسات المنتخبة على مستوى جهة طنجة تطوان الحسيمة.
إن جرأة التازي اليوم في الانتقاذ السياسي بشكل واضح، يعتبر بمثابة اعادة اعتبار للمواطنين وللساكنة، التي لا يهمها سوى العمل الجاد والإشتغال حتى نستطيع ادماج الشباب المغربي في مشاريع حقيقية تساهم في تطوير الدولة المغربية، عوض تفكير شبابها في الهجرة السرية وفي اللجوء الى ظواهر اجتماعية سلبية بشكل غير واع.
فهل تستوعب بعض الهيئات السياسية عبر سياسييها الرسالة وترجمتها على أرض الواقع بشكل يخدم مصلحة الوطن والمواطنين؟ ام لغة أنا وبعدي الطوفان سوف تبقى طاغية؟ لتساهم بذلك في تمييع العمل السياسي ببلادنا ووبالتالي تضييع او هدر زمن سياسي مهم خصوصا في ظل الإصلاحات التي تشهدها بلادنا.