لا يختلف الكثيرون حول أن أداء “يونس التازي”والي جهة طنجة تطوان الحسيمة، أداء يعرف بعضا من التوجس، ولا يساير التطور الإقتصادي والتنموي لمدينة طنجة، التي كانت جل مكوناتها تنتظر تدخلا أكثر جرأة من الرجل الأول بالجهة والذي جاء خلفا للوالي السابق المثير للجدل والنقاش وسط ثاني قطب اقتصادي بالبلاد.
العديد من فعاليات المجتمع المدني، كانت تمني النفس بنهج سياسة أكثر تواصلا، تمكن من الرقي أكثر وبسرعة أكبر لمدينة باتت عالمية في كل شيء، إلا أن سياسات المؤسسات المنتخبة في بعض الأحيان تكون عائقا في مسار التنمية التي تشهدها المدينة والتي تحضى بعناية مولوية كريمة.
أكيد، أنه لم يمر الوقت الكافي لكي نقيم بموضوعية كبيرة أداء “يونس التازي” الذي جاء في سياق سياسي ربما يتسم بالإحتقان وعدم الإنسجام والتناغم حتى مع مكونات التحالف الرباعي بطنجة والذي يضم كل من “التجمع الوطني للأحرار وحزب الأصالة والمعاصرة وحزب الإستقلال والإتحاد الدستوري”، لكن في مرحلته الحالية سُجلت عدة ملاحظات لها تفسيرات مختلفة ومتنوعة، أبرزها توقف عدد من الإستثمارات العقارية الكبيرة بالمدينة والتي ساهمت في تعطيل العجلة الإقتصادية، نظرا لإرتباط مجموعة من المهن والحرف بالمجال العقاري، فحتى إن كانت هناك مبررات وأسباب توقيف هذه المشاريع، إلا أنه كان على الوالي “التازي” أن يجد طرقا مختلفة وعديدة للتعامل مع الإشكالات التي وجدها وسوف يجدها مستقبلا، وهو أمر عادي، فالوالي هو من يجب أن يجد حلولا للإشكالات الكبيرة التي تشهدها المدينة خاصة في قطاعاتها الحيوية كالتعمير.
ووفق مصادر “شمال بوست”، فإن تراجع الوالي الى الخلف وعدم مبادرته في أخد عدد من المبادرات، راجع بالأساس إلى التقرير الأسود الذي رفع له إبان توليه مهام ولاية جهة طنجة تطوان الحسيمة، وهو التقرير الذي يوضح مكامن الفساد والمفسدين في العديد من المجالات السياسية والإقتصادية وغيرها.
وحسب ذات المصادر، فإن الحيطة والحذر لا يجب أن تتحول الى خوف لدرجة أنه أصبح يعتبر رمزا للإنطواء وعدم الإنفتاح على مكونات المجتمع الطنجي، فمن الجميل أن يحتاط الرجل وأن يأخد مسافة بينه وبين الأحزاب السياسية التي أصبحت عاجزة عن العطاء السياسي، فالعلاقة بين السلطة والمكونات السياسية لا يجب أن تكون علاقة انسجام، بل يجب أن تحافظ على حد أدنى من التواصل حتى يمارس كل واحد مهامه وأدواره دون أن يتداخل مع مهام الأخرين أو يعوضهم.
بالمقابل فإن هذا التعثر والبطئ في المبادرة أو ربما التردد، قد يكون ناتجا عن سياسة سلفه، التي تميزت في وقت من الأوقات بالميوعة السياسية، لدرجة أن أي شيء أنجز في طنجة كان يرتبط بشخصه، وهو ما أفرغ العمل السياسي والجمعوي من محتواه الحقيقي، وساهم ذلك في فقدان الناس الثقة في الأحزاب السياسية والسياسيين.
إن سياسة الجمود التي تعيشه طنجة اليوم، هي نتاج لمجموعة من العوامل، فلا أحد يتحمل مسؤوليته لوحده، الأحزاب السياسية وفعاليات المجتمع المدني تتحمل جزءا هاما مما يقع اليوم، فهي لا تمتلك جرأة انتقاذ السلطة إن دعى الأمر إلى ذلك ولا تتجرأ على اتخاد المبادرة، لكنها تتجرأ على الإنتقاذ في المقاهي للأسف وبالتالي صناعة رأي عام غاضب، كما ان السلطة يجب عليها اليوم أن تكون أكثر انفتاحا وجرأة في الإشتغال وإيجاد الحلول للإشكالات الكبرى التي تعيشها المدينة من جهة، وأكثر تواصلا مع الفعاليات الحقيقية بالمدينة، ومطالبة أيضا بالتخلص من الاكراهات والاشكالات التي تركها الوالي السابق، فطنجة العالمية تحتاج الى تمرد السلطة على كل الممارسات البائدة لتسطر لنفسها تاريخا يذكرها بشكل ايجابي، خصوصا أن من يترأسها له تجربة ناجحة وسمعة طيبة في تسيير عمالة تطوان سابقا.