يشكل مركز التأهيل المهني لفائدة الشباب في وضعية إعاقة، الواقع بحي كويلمة بمدينة تطوان، مثالا لبنية سوسيو – تربوية منخرطة في محيطها الاجتماعي، وتجسيدا بشكل واقعي وحقيقي لفلسفة و روح المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
ويضع هذا المركز، الذي يتماشى وروح الورش الملكي المتعلق بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، في صلب أولوياته إدماج الأشخاص في وضعية إعاقة ذهنية بشكل خاص، والشباب في وضعية إعاقة بصفة عامة.
وتعكس هذه البنية السوسيو – تربوية للتكوين والتأهيل لولوج سوق الشغل، التي انطلقت بها الدراسة هذا الموسم تحت إشراف “جمعية يحيى للأطفال التوحديين بتطوان”، المكانة المتميزة التي تحتلها البرامج والمبادرات الموجهة للأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وخاصة ضمن البرنامج الثاني للمرحلة الثالثة المتعلق ب “مواكبة الأشخاص في وضعية هشاشة”.
كما يمثل هذا المركز، الذي تبلغ طاقته الاستيعابية 150 مستفيدة ومستفيد، نموذجا حيا للمقاربة الاجتماعية والتربوية للمبادرة، التي تروم تقديم الدعم وتسهيل الاندماج الاجتماعي والاقتصادي لهذه الفئة الاجتماعية الهشة التي تحتاج الى الدعم والمساندة .
ويهدف هذا المركز، الذي تم إحداثه بكلفة مالية بلغت 8 ملايين درهم، ممولة من طرف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، إلى مساعدة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، خاصة منهم التوحديين، من أجل التكوين في مجموعة من المهن، في أفق دمجهم المهني والاجتماعي.
ويقدم هذا الفضاء، الذي تساهم في تسييره مؤسسة التعاون الوطني بتطوان، تكوينات في سبع ورشات، تخص غسل السيارات، والطبخ والحلويات، وعمال الطوابق (الفندقة)، والحلاقة والتجميل، والتصوير، والاعلاميات، و مركز النداء، في أفق أن تتوسع شبكة التكوينات في المواسم الدراسية اللاحقة لتشمل أيضا الخياطة وتصنيف وترتيب المواد الغذائية والفنون التشكيلية والبستنة.
وأبرزت المكلفة ببرنامج مواكبة الأشخاص في وضعية هشاشة الذي يشرف عليه القسم الاجتماعي بعمالة تطوان مريم المسعودي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للانباء، أن هذه المعلمة الاجتماعية جرى بناؤها وتجهيزها بشكل كامل من طرف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بغلاف مالي يناهز 8 مليون درهم، منها 5،5 مليون درهم خصصت لإجراء الدراسات والبناء و2،5 مليون درهم للتجهيز، وذلك على مساحة تناهز 800 متر مربع.
وأضافت المسعودي أن المركز يتكون من بنايتين، الأولى تضم مكتبا إداريا، وقاعة لورشة غسل السيارات وقاعة لورشة الحلاقة والتجميل وقاعة لورشة الطبخ والحلويات وقاعة لورشة عمال الطوابق، ومكتبا للاستقبال، وقاعة للانتظار، ومرفقا صحيا، وساحة، أما البناية الثانية فتحتوي على قاعة لورشة الاعلاميات ومركز النداء، تضم 22 حاسوبا ، وقاعة لورشة التصوير وثلاث قاعات للدروس النظرية وقاعة للمواكبة النفسية والاجتماعية، ومرافق صحية.
وأشارت المسعودي الى أن الطاقة الاستيعابية للمركز تبلغ 150 مستفيدة ومستفيد، و جرى من قبل إطلاق عملية التكوين المؤطرة فقط ب 60 مستفيدة ومستفيد، وذلك في أفق توسيع شبكة التكوينات به ورفع حجم المستفيدين والمستفيدات .
من جانبه، أكد رئيس جمعية يحيى للأطفال التوحديين بتطوان، محمد قلاينة، أن الجمعية تعمل بتنسيق وثيق وبشراكة عملية مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، على” توفير أفضل تكفل بالأطفال والتوحديين بتطوان، قصد تمكين هذه الفئة من إندماج حقيقي وسط المجتمع”.
وأوضح قلاينة أنه بعدما كان هم الجمعية في السابق هو التدخل المبكر والدمج التربوي والاجتماعي، من خلال إحداث مركز الأشخاص التوحديين بشارع كابول بتطوان، انتقلت الجمعية بفضل الدعم المتواصل الذي قدمته وتقدمه المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، إلى التفكير في الدمج السوسيو المهني، بعدما أضحى أطفال الجمعية يافعين، مبرزا أن هذا الأمر “فرض علينا مواكبتهم وتكوينهم وتوفير تأطير مهني يؤهلهم للاندماج كليا في المجتمع”.
وتجدر الإشارة إلى أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ومنذ إطلاقها من قبل صاحب الجلالة الملك محمد السادس سنة 2005، ما فتئت تساهم في التشجيع على الإدماج السوسيو – مهني للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة بدون موارد.
ونفذت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، من خلال برنامج مواكبة الأشخاص في وضعية هشاشة، العديد من مشاريع التكفل بالأشخاص الذين يعانون من إعاقة بدون موارد، داخل مراكز متخصصة، موزعة على مجموع التراب الوطني.
ومنذ شهر شتنبر من سنة 2018، الذي شهد إطلاق المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ، تحسنت الخدمات التي تقدمها هذه المراكز، لكي تتلاءم مع حاجيات التكفل بالساكنة المستفيدة والمستهدفة.