بالتأكيد سيساهم السجل الوطني الموحد وكذا السجل الاجتماعي في تبسيط الإجراءات المتعلقة بالبرامج والخدمات الاجتماعية من خلال “المعرف الرقمي” مستقبلا.
ولكن الحاضر والمساطر المتبعة والواقع المعاش مغاير للإعلام والوصلات الاشهارية المتعلقة بهذا البرنامج. فطريق المواطن لإتمام مساطر التسجيل محفوفة بالعراقيل والصعاب والمزاجية والتأفف بل والإهانة في أحيان متعددة.
فالمواطن البسيط يعاني مع بعض موظفي الملحقة الإدارية او القيادة، وليست المعاناة بسوء نية ولا تكاسل المستخدمين والأطر المعنيين، ولكن الظاهر والملاحَظ هو ضعف تكوين موظفي القطاع العمومي ومعاناتهم التي تسبب معاملتهم للناس غير اللائقة في أغلب الحالات،
هاكم بعض الأمثلة= إذا وقع خطأ في الاستمارة لا يكلف الموظف اي مجهود لتصحيحه خصوصا ان كان الماثل أمامه مواطن كبير في السن أو لا يفقه في القراءة والكتابة اي شيء أو هما معا، بل يرسله للبحث عن وكالة كاتب عمومي او سيبير على اساس انهم على دراية بالإجراءات المراد تصحيحها او تحيينها او كيفية القيام بذلك ، والحال المفترض ان الموظفين سبق وأن تم تكوينهم واعطاؤهم نظرة شمولية عن هذا السجل،
يضاف إلى هذا الأمر تغافل أو نسيان الإدارة ما يواجه الناس من التعب النفسي من الظروف العامة الخانقة بسبب ارتفاع الأسعار، وبقايا سلبيات الجائحة (استمرار البطالة والمعاناة)، بحيث أتت مساطر إنجاز السجل لتذهب بهم وجها لوجه مع مستخدمي الإدارة العمومية وهم نفسهم من هذا الشعب المتعب.
مع ذلك، أليس الهدف من السجل الاجتماعي هو رفع معاناة الناس وتخفيف أعباء المرفق العمومي والمغاربة المرتفقين؟ لذا، ينتظر المواطن من الموظف ان يسهّل مأمورية إنجاز السجل، فيصحح ما قد يوجد من أخطاء واختصار الوقت والجهد والمال. لكن على العكس من ذلك، يتيه المواطن ضائعا بين دروب المدينة وازقتها بحثا عن السيبير او وكالة كاتب عمومي، المشكل الاخر هو مستوى فهم المواطن لتعليمات الموظف ضعيفة بحيث لا تساعد المستخدم في السيبير او الوكالة على فهم المراد، كما أن الموظف يرفض كتابة الإجراء المراد في روقة بعناية لتسهيل المهمة على المواطن وعلى الكاتب العمومي في الوكالة الخصوصية من أجل التصحيح.
وهذا فعل وجب الوقوف عنده وطرح عدة تساؤلات، هل الموظف في خدمة المواطن لقضاء حاجاته الإدارية وتسهيلها ام العكس؟ هل المعاملة الإنسانية والحسنة صعبة على الموظف وكما تقول امي “الدقوم لي يقول الفراع يقول يستر الله” ، وهذا ينطبق على بعض الموظفين إذ من الممكن ان لا يقضي حاجة المواطن ولكن من الممكن ان يقول كلمة طيبة تخفف ما به عوض سوء المعاملة و”سير وجي” التي لا تنتهي.
ننتهي من التسجيل بالسجل الوطني الموحد الذي يعاني منه المواطن في أخذ موعد بعيد الآجال وقد يوافقه الحظ فيقضي غرضه في اليوم نفسه وهذا هو المراد لكن من لم يحالفه الحظ يبقَ في انتظار موعده الذي في أغلب الأحيان يأتي بعد انتهاء مدة صلاحية الوثائق الإدارية والتي تكون محددة في شهر. والتي لا علم للمواطن بها.
بدوره يعرف السجل الاجتماعي الموحد خللا من حيث التنقيط والمعيار الذي تعتمده الدولة في هذا التنقيط، كيف يعقل ان سيدة ارملة وحيدة عاطلة عن العمل لا تمتلك شيء ويعطى التنقيط لها 9,89 ما يحرمها من الاستفادة من التغطية الصحية الاجبارية المجانية عن المرض، بعدما كانت تستفيد من نظام الرميد سابقا، وبهذا التنقيط وجب عليها أداء واجبات الاشتراك الشهري عن التغطية الاجبارية عن المرض وحرمانها من الاستفادة من الدعم مستقبلا.
كما أن الملاحظ في هذا التنقيط كلما كان عدد الأفراد الذين يعيشون تحت سقف واحد كبيرا كلما كان التنقيط منخفضا، يا للعجب؟ فأغلب الأسر يمكن أن تصرح بأنها عاطلة عن العمل مع العلم ان اغلب الأفراد كل على حدة يتيه في الأرض بحثا عن قوته اليومي وهذا الفعل ناتج عن فقدان المواطن الثقة في الإدارة وموظفيها وفي السلطة وبرامجها وهذا ما يدفع الفرد للتحايل بالكذب حتى يأخذ تنقيط منخفض، وهذا غير منطقي لانه لا توجد آلية المراقبة العادلة والتي تعطي لكل ذي حق حقه في التنقيط وأن ينزل معيار التنقيط للعموم لتكون الشفافية والمصداقية بين المواطن والدولة. لذا يجب على المسؤولين ان يراجعوا القواعد التي يرتكز عليها هذا التنقيط.
اذا كانت هذه هي المعاملة التي يتلاقاها المواطن داخل الإدارة من أجل تلبية واجب وطني فهي بهذا التصرف تدفع المواطن الشاب للنفور.
بالإضافة إلى تضييق الخناق عليه فإن أراد موعد راديو او سكانير يطلب منه “المعرف الرقمي” فإن لم يكن يملكه فإن مصالحه الطبية قد تتأخر بل تبقى مشروطة بإتمام إجراءات السجل وقس على ذلك من مدرسة ومقاطعة….
لا نعرف ان كانت هذه سياسة متعمدة من أجل دفع المواطن للتسجيل في ظروف غير مشجعة او غير مساعدة للمواطن.