Web Analytics
ثقافة وفنون

بيت الشعر في الشارقة يكرم الشاعر المغربي الطنجي أحمد الحريشي

ضمن نشاط منتدى الثلاثاء وبحضور حاشد من الجمهور العربي المتنوع والإعلاميين العرب والأجانب ، نظَّم “بيت الشعر” بدائرة الثقافة في الشارقة يوم الثلاثاء 04/ أكتوبر/ 2022، ندوة نقدية حول الشعر والفرح تلتها أمسية شعرية تم تكريم الشاعر المغربي أحمد الحريشي فيها في سياق حضوره لملتقى الشارقة للخط العربي، حيث افتتح الشاعر أحمد الحريشي الإلقاءات الشعرية بعد الندوة النقدية بقصيدة تساؤل في ثوب اشتغال جمالي حول مفهوم الشعر، مفجرا قدرة اللغة التي تنظر لنفسها فيما يمكن تسميته بتجربة “الميتاشعر” أي حينما يكون الإحساس بالجرس اللفظي جميلا ولافتا، وانطلق أحمد الحريشي بداية من قصيدة “ماذا يدور برأس السنة؟” حيث قام بأنسنة السنة محاولا معرفة ما تخبئه في رأسها/ بدايتها، معلنا احتفاله بنفسه لا بها، وسيره إليها متخففا من الأمنيات، بتصالح تام مع انتظارات الحياة، تحقيقا لخلاص الذات وسعادتها وتخلصا من أعباء المجازات القصية، فيما اعتبر تماشيا مع الطقس العام للندوة، وقد حازت إعجاب الحضور وتصفيقهم الكبير، يقول: في بعض أبياتها:
بـِنفسي
سَأحتفلُ العامَ..
إنِّي بِنَفْسِي سَأَحْفَلُ..
لا بالسَّنَةْ..
سأمضي
خَفِيفاً من الأمنياتِ
خَفيفاً..
الى سَنَةٍ مُمْكِنةْ..
أُعانقُ فيها الذي قد تَبَقَّى
مَنَ الرُّوح
والأهلِ
والأمكنةْ…
أُصادقُ
عمري القصيرَ الَّذي
.. إذا ضاعَ..
لا نَفْعَ للأزمنةْ..!!
عَلى كِسْرَةٍ
من سلامٍ وَحُبٍّ..
أُغَمِّسها بِيَدٍ مؤمنةْ..
تُحَوِّلُ نَبْضي
نَواقيسَ نُبْلٍ تُدَقُّ..
وَمِنْ قامتي مئذنةْ..!
ليَقطفَ شَوْكَ الخياناتِ قَلْبِي
وَيَزْرَعَ من عَفْوِهِ “سَوْسَنَهْ’..
وَيُصْغِي
لِمُطلَقِهِ البِكْرِ فيهِ..
مُشَافَهَةً دُونَما “عَنْعَنَهْ”..
يعود لآدمه في الفراديسِ
قَبْلَ القتيلِ..
ومنْ طَعَنَهْ..
سَأمْضي
إلى حَيْثُ يمضي الجميعُ…
بِ”نُسْطالْجْيا”.. وَرُؤىً مُثْخَنَهْ…

مَلَلْتُكِ” أُورْكِيسْتْرا” الأُمْنِياتِ .
وَما زلتُ فِي أَوَّلِ “الدَّوْزَنَهْ”..!!
( … )
فلي ما سَيَهْجِسُ
هذا الحنينُ
المريضُ..
ولي نَارُهُ المُزْمِنَةْ.
ولي امرأةٌ..
قِبْلتِي للمَنافِي
وطفلٌ أتَى القَلْبَ..
فاسْتَوْطَنَهْ..!!
ولي الوَاقِعِيُّ..
فَلَسْتُ أُبالي
بِما قَدْ يَدُورُ
بِ”رأسِ السَّنةْ”..!!
ثم ارتجل الشعر والحياة مقاطعاً شعريةً عذبة اللغة عميقة المعاني، تستلهم الحكمة والتأمل ويعلو فيها صوت الأنا الوجودية، يقول:

أَنَا رَعْشٌ لِقَافِيَةٍ
كَأَنَّ نُزُولَهَا بَرْدُ

وَكَانَ لِبَرْدهَا وَقْدُ
كَأَنَّ حُضُورَهَا فَقْدُ

تُرَاوِدُنِي.. وَأَعْرِفُهَا ..
إِذَا مَا شَفَّهَا الْوَجْدُ…

و يواصل مباهيا بصوته الشعري الخاص الموغل في تيه الشعر بحثا عن التفرد، يقول:
أُبَايِعُ مَا تَيَسَّرَ مِنْ
كَلَامٍ عَقَّ مَا سَمعَا
وَحَسْبِي تِيهُ أَشْرِعَتِي
وَأَنِّي لَمْ أَكُنْ تَبَعَا ..
فَهَلْ مَنْ يَسْرِقُ الْأَحْلَامَ
مِنْ دَمِنَا
كَمَنْ زَرَعَ؟
وقد صرح الشاعر عن مدى فرحه وغبطته بهذا التكريم الذي لم يعتبره غريبا عن إنجازات الشارقة في إنصاف المبدعين من مختلف الأشكال والأجيال مكرسة نفسها عالميا عاصمة أبدية وأدبية للإبداع والثقافة، حيث أثنى إلى بديع الاقتراح من عراب الشعر العربي ذ. محمد البريكي، لما له من أياد بيضاء طولى في التنقيب عن الإبداع الحقيقي وإنصافه…
وتجدر الإشارة إلى أن الندوة النقدية كانت بعنوان الشعر والفرح، تناولت تجليات الفرح في القصيدة العربية عبر العصور، ومواسمه التي عطرت ديوان العرب، وشارك فيها كل من الشاعر يوسف أبو لوز، والإعلامي فواز الشعار، وقدمها د. هيثم الخواجة، الذي رحب بالحضور والمشاركين، وأثنى على جهود بيت الشعر والقائمين عليه في رفد الساحة الشعرية والثقافية بالنشاطات التي غدت مواقيتا يضبط عليها الشعراء ومحبو الشعر نبضات قلوبهم. وصاحبت الندوة قراءات شعرية ماتعة للشعراء د. أحمد الحريشي من المغرب، ومحمد عمر فلاتة من السودان. وانعكس الصدى الجميل للأمسية حضورا امتلأت به ساحة البيت، وذلك بحضور مدير البيت الشاعر محمد عبدالله البريكي.
وحضر الشعر كموضوع أساسي لقصائد شعراء الأمسية، فطرحوا رؤاهم عن الشعر بالشعر، ووصفوا تجاربهم وعلاقتهم الجميلة الشائكة معه في أسلوب رائع ورائق، كما حضر حوار الذات مع نفسها وما حولها الذي طرح تساؤلات تأملية وفلسفية عميقة عبر القصيدة، وتنوعت المواضيع لتشمل الحب والوطن والغربة في قصائد شنفت الآذان، ولاقت الاستحسان الكبير من الحاضرين.

الشعر و الفرح
افتتحت الأمسية بندوة الشعر والفرح، التي تناولت عدة محاور حول مفهوم الفرح في الشعر العربي تناولاً منهجياً علمياً يكشف جماليات حضوره، ويرصد مكوناته وأبعاده الدلالية في النصوص، واستحضر المشاركون نماذج من مختلف العصور، في دعوة إلى قــــراءة التراث الشعري العربي قراءةً نقديةً واعيةً تنقب عن الخبايا والخصائص الفنية واللغوية والأسلوبية للنص، بغرض الإفادة والإمتاع من الإرث اللغوي والجمالي.

وقد تلت قراءات الشاعر المغربي أحمد الحريشي الذي يعد من أهم الشعراء المغاربة الشباب حضورا في المشهد العربي قراءات الشاعر السوداني محمد عمر فلاتة الذي أجرى الشعر نهرا يغسل عناء العابرين ضفافه، وتمتد يده ظلا للغرباء، يقول:

الشّعرُ كالنّهرِ الوسيمِ .. فجُد به
للعابرين على امتدادِ عناءِ

في الشّعرِ يولدُ شاعرانِ عليهما
وقعُ انحناءٍ .. أو شموخُ إباءِ

الصبحُ أنتَ .. إذا تنفَّسَ حُلمَه
ويَدٌ .. تمدُّ الظلَّ للغرباءِ!

ثم أشرع نوافذ الأسئلة في قصيدة تشدو للحياة بحكمة من يرى النصف المليء في الكوب، حاثا ذاته على رؤية ما يحفها من نور وأمل، يقول:

وفي الختام كرَّم الشاعر محمد عبدالله البريكي الشاعر أحمد الحريشي بمعية باقي المشاركين في الأمسية استثنائية حضورا وإعلاما وإبداعا، حيث كان الجميع على موعد مع عشاء أقامته دائرة الثقافة في الشارقة على شرف المكرمي في فضاء بيت الشعر بالشارقة الباذخ .

زر الذهاب إلى الأعلى