الأكيد أن مسألة اختيار المدرب بالغة التعقيد، خاصة وأن الفريق دخل اعتباطا دون حسن قراءة لهويته وواقعه متاهة تجريب العديد من المدربين وتغييرهم مع أطقهم التقنية تحت وطأة سوء النتائج وعدم القدرة على تحقيق الأهداف وأغلبهم “ما يمتلك سحر الكرة وما ينبغي له” .فالاعتماد على الاختيار استنادا إلى قراءة العديد من السير الذاتية أو من اقتراحات وسطاء لا يفكرون إلا في العمولات بعيدا عن مصلحة النادي يعني الاختيار من المجهول، كما يترجم غياب سياسة تقنية واضحة المعالم . إذ لا يعقل أن نختار مدربا لم نشاهد لقاءاته، مغمور لدى الجمهور، ولا نعرف أسلوبه في اللعب ولا طريقة قراءته للقاءات، ناهيك عن إنجازاته مع فرق من نفس مستوانا وواقعنا وطموحاتنا.
ومن المعايير الضرورية أيضا: لاختيار مدرب المرحلة قدرة من سيختار على تشخيص ومعرفة السياقات التي يعيشها النادي، وتحديد هدف الموسم الحالي، في ظل مقارنة المستوى التقني لتركيبة الفريق البشرية وميزانية النادي مع باقي أندية الدوري المغربي، فملاءمة هذا الاختيار مع حقيقة الوضع المالي للنادي، وربط الملامح للاعبين مع ملامح المدرب المفترض التعاقد معه، بعيدا عن أي تنافر صادم. علما ان نصف فريق المغرب التطواني تقريبا من أبناء المدينة ومدرسة النادي سواء المجربين أو الشباب على حد سواء.
وبناء على هذه المعايير، قد تسقط أسماء لمدربين، وقد تزاح سير ذاتية لأجانب ومغاربة لم نشاهدهم في الميدان يبحثون فقط عن فرصة للإشراف على فريق له خصوصياته وخباياه الداخلية المعقدة. وعليه قد تحصر في إطار وضوح الرؤية والقرار – إن توفرا هذه المرة – دائرة المرشحين لقيادة سفينة فريق في مهب العاصفة يعاني من اختلالات هيكلية في أبعادها التسييرية والمالية والتقنية ويحتاج إلى دعم ومساندة لإنجاز انتقال حقيقي من الاستياء إلى استراتيجيات جديدة للبناء.
وفي هذا الصدد يجب التذكير، أن مسؤولية اختيار المدرب ينبغي أن ترتهن إلى شرط مدى معرفة هذا الأخير على الأقل بتاريخ النادي، وبمرحلة الإنجازات التي حققها على زمن تألقه، وأن يكون محيطا عارفا بكرونولوجية التخبط التقني للنادي، وارتباك اختياراته في هذا المجال على مدى السنوات الأخيرة، بعد أن تم إنقاذه بطريقة تشبه المعجزة من الاندحار إلى القسم الثاني في موسم 2018
ويبقى من العادي جدا، كما هو متعارف عليه في أعتد التجارب الاحترافية، أن يتحمّل المكتب المسير للنادي مسؤولية اختياراته المرتبطة بالتعاقد مع أي مدرب، وأن يحاسب الرئيس خاصة وهو على قمة المسؤولية والهرم وزر التوقيع لمدرب دون آخر، حتى وإن كان يتوفر على مدير تقني أوعيون تقنية مستشارة. رغم أن اختيارات المدرببن في المغرب التطواني كما في غيره من الأندية المغربية أصبحت للأسف تخضع لحسابات خارج المكرس في التجارب الاحترافية المتقدمة لجبر الخواطر والانتفاعية والوكلاء، ولا تتحكم فيها بتاتا المعايير الثقنية، ولا هوية الفرق ولا مرجعاتهم الكروية، ولا ملامح المدربين المناسبة لأسلوب اللعب الملائم لقدرات اللاعبين وثقافتهم الكروية وللمحيط ولهوية المدينة، كما لا تصبو بصبر إلى بناء مشاريع على مدى متوسط وهو ما تترجمه مدة العقود التي تفسخ كل مرة وإن تم تحقيق الأهداف المتفق عليها مع المدربين، ما دام من يختار ليس بالمؤهل لممارسة ذلك، ومادام يحسب كل صيحة للجمهور الافتراضي عليه، ومادام فشل الاختيار يتكرر في كل مرة، بعيدا عن تعييين جهاز تقني دائم من أهل الاختصاص والفكر والذكر يستشار قبل القرار . وطبعا يبقى الرئيس في فوهة مدفع الجمهور بين المسؤولية والمحاسبة التي تتخذ في هذا القطاع الجماهيري أشكالا متعددة.
إنّ أخطاء اختيار المدربين وأطقمهم التقنية نتيحة لتراجع النتائج والمستوى وانتكاس طموحات وتطلعات الجماهير وصدمة المكتب المسير نفسه، لها كلفة وخيمة على الاستقرار بمعناه الشامل وعلى الثقة والطمأنيننة بالمعنى العام، إضافة إلى الأعباء المالية المالية الباهضة لسوء الاختيار، الذي يلحق أضرارا واختلالات بميزانية الفريق، وهي تعاني أصلا من عجز دائم. كما تقود ذات الأخطاء النادي إلى نزاعات قانونية مسترسلة، وإلى خدش سمعته في مؤسسات وغرف فض النزاعات والتحكيم الرياضي الوطنية والدولية، علما أن مداخيل النادي في مجملها هي توقعات يرتبط تحصيل مجملها بمؤسسات عمومية تمنح وتمنع متى تشاء خارج المواعيد الرياضية .
فلنتذكر” كما تحزم النتائج حقائب المدربين يحسم تكرار الاختيارات الفاشلة استمرار المكاتب المسيرة”