
تمكن المكتب المركزي للأبحاث القضائية صباح اليوم الجمعة، من تفكيك خلية إرهابية موالية لما يسمى بتنظيم “الدولة الإسلامية”، ينشط أعضاؤها بمدينة تطوان. وليست المرة الأولى التي يقع فيها شباب ورجال من مدينة تطوان في قبضة عناصر “البيسج” بعد التحقق من ارتباطهم بالتنظيم الإرهابي “داعش” وموالاتهم لزعيمهم المدحور “ابوبكر البغدادي”.
العمليات المتواصلة لمكتب مكافحة الإرهاب بالمغرب وإيقاعه بعناصر متطرفة بمدينة الحمامة البيضاء تحمل الفكر “الداعشي” وتخطط لعمليات استهداف مواطنين أبرياء ومؤسسات عمومية، يساءل بكل عمق عن دور جمعيات المجتمع المدني بالمدينة وأغلبها غير مستقل بل تابع لأحزاب سياسية في التأطير والتوعية بالقيم الإنسانية والكونية ومواجهة أفكار التطرف والعنف، وهي التي تتلقى تمويلات ودعم من المالي العمومي للقيام بهذا الدور.
خلال العشرية الأخيرة، وفي محاولة للاستقطاب وجمع الأصوات، اتجهت أحزاب سياسية إلى خلق جمعيات مدنية موالية داخل الأحياء، حتى كاد انتشارها يتساوى مع انتشار الفطر المسموم في الغابة لكثرتها وطريقة توسعها، حيث لم يعد لكل حي جمعية تعنى بشؤونه وتدافع عن مشاكله، بل اصبح لكل زقاق ودرب جمعية خاصة به في إطار منافسة شرسة بين المستشارين الجماعيين والسياسيين وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
هكذا أسست الجمعيات بقانون أساسي وأهداف لا تطابق طبعا الدور الذي خلقت له، بل إن دورها دورها هو مزاحمة الأحزاب السياسية في الاستقطاب والتأطير الانتخابي. وظهرت القفة التي خلقها أحد الأحزاب السياسية والإحسان الرمضاني وما إلى ذلك من أوجه الأعمال الخيرية التي لا يبتغى منها وجه الله تعالى بل الدعاية المستقبلية للحزب الذي ينتمي إليه رئيس الجمعية أو يعمل لصالحه.
هكذا، خرجت الجمعيات عن مسارها المحدد في قانونها الأساسي تحت أعين السلطات وتحولت لفاعل سياسي، في وقت ظل مواجهة الفكر المتطرف والعنف وأفكار القاعدة وداعش بعيدة عن أي برامج توعوية قد تقوم بها داخل الحي من خلال تأطير المراهقين والشباب عبر ندوات أو حلقيات أو منشورات، أو عقد شراكات مع مؤسسات تعليمية أو رسمية في هذا الجانب.
تفكيك خلية تطوان صباح اليوم، والإطاحة بعناصرها الذين يتحدرون من أحياء شعبية ويعقدون لقاءاتهم داخل المدينة العتيقة، كشف بما لا يدع مجالا للشك، أن الجمعيات التي تخصص لها أموالا طائلة من ميزانية جماعة تطوان بعضها يتم عقد شراكة معه لإضفاء الشرعية على الدعم المخصص له، لا يحسن سوى هدر المال العام دون أن يحسن تدبير ذلك المال في وقاية الوطن والمواطنين من خطر التطرف وانتشار الفكر الداعشي بين صفوف الشباب، بينما الشيء الوحيد الذي يتقنه هو المشاركة في الدعاية الانتخابية للطرف السياسي الذي يدفع أكثر وتلتقي عنده المصالح.