نعودُ في هذه السلسلة لتسليط الأضواء على خبايا تدبير شؤون عمالة تطوان، وكان لموقعنا السبق في الكشف عن سراديب التدبير بالولاية الشريفة أو ما اخترنا له حينها كعنوان ” عين على ولاية يعقوبيان”، ونعود اليوم بعد أن تحولت ولايتنا المحروسة إلى عمالة وعلى رأسها عامل شاب تؤكد كل مصادرنا أنه يتمتع بقدر كبير من الكفاءة والنزاهة والرغبة في متابعة تطوير هذا الإقليم العزيز من أقاليم المملكة.
قصدنا بهذه السلسلة الجديدة لا يختلف عن سابقه، ولا نهدف سوى المساهمة في تنوير الرأي العام الشمالي بما يجري في سراديب التدبير الادإداري والسياسي لعمالتنا، وأن ننقل بأمانة منزلقات واختلالات وأسرار تدبير الشأن العام في هذا الاقليم التاريخي من مملكتنا، لن نكتفي كما هي عادتنا بالكشف عن الاختلالات بقدر ما نصبو إلى التعريف بالجهود المبذولة وبالإيجابيات المرصودة إن وجدت. هدفنا نقل الخبر وتنوير الرأي العام الشمالي والمساهمة بذلك في دعم جهود التغيير والتطوير والبناء التي لا نشك في أنها من أهداف الدولة والعامل الجديد المكلف بهذه المهمة السامية في هذا الإقليم والله على ما ننقل لكم شهيد.
ارتأينا أن نفتتح سلسلتنا هذه بالكشف والتنقيب في خبايا أحد الأقسام الحساسة في الخريطة الإدارية لكل المؤسسات العمومية والمتعلق بالميزانية والصفقات في عمالة تطوان، وعن خباياه تتحدث ساكنة تطوان بشغف وتتفرخ العديد من حكايات التدبير والتسيير تحت عنوان ” أسرار على كل لسان”.
يعتبر قسم الميزانية والصفقات من أهم الأقسام التي تعتمد عليها العمالة في تدبير شؤون الاقليم، والقلب النابض الذي يضخ الحياة في شرايينها، والمربع الضامن لتنفيد مشاريع التنمية والبنية التحتية والتسيير اليومي لمرافق العمالة وملحقاتها. وتحكي مصادرنا الموثوقة أن رئيس هذا القسم حاليا وفي غياب قرار رسمي بالتعيين (ع. ب) هو بطل رواية محاولة سرقة كؤوس بلورية في ملكية وزارة القصور والتشريفات الملكية أثناء إحياء إحدى حفلات عيد العرش.
من صلاحيات هذا القسم الإشراف على أسطول سيارات الخدمة وتوزيعها على المستحقين من الموظفين والمسؤولين، وتؤكد البيانات الداخلية أن هذا القسم ورغم أن أغلب أنشطة موظفيه داخلية يستفيد بأكبر عدد من السيارات ومن أكبر ميزانية محروقات تُصرف بالعمالة، ويتساءل أحد الموظفين بالعمالة ” كيف يعقل أن قسم الجماعات المحلية حيث أغلب مهام موظفيه خارجية ومرتبطة بالجماعات والإقليم يستفيد من سيارة واحدة مقابل العدد الضخم من السيارات التي يستفيد منها هذا القسم المحروس والموزعة على هوى صاحبنا المحظوظ”، ومن نماذج هذا التوزيع لسيارات الخدمة توصلنا من مصادرنا بما يلي:
– استعمال المكلف بالمرآب لسيارة فخمة كانت في حوزة مدير الديوان السابق.
– استعمال المكلف بالمداخيل (م. ش) والذي لا حق له في سيارة الخدمة، لسيارة فخمة من الصنف الذي يسلم للكتاب العامون، وهي نفس حالة المكلف بمصلحة الصفقات (ه. ش)، وموظف الحسابات بقسم الميزانية والصفقات (ج. ع).
هذه الحالة الموصوفة بالتسيب من طرف بعض الشرفاء من موظفي العمالة تزداد خطورة بما تؤكده مصادرنا من استمرار استفادة بعض الموظفين من سيارات العمالة رغم انتقالهم الى مؤسسات أخرى، نموذج موظفة في قسم العمل الاجتماعي (أ. ب) التي انتقلت بسيارة الخدمة إلى المركز الجهوي للإستثمار، وموظف في قسم العمل الاجتماعي (م. ب) الذي انتقل هو الآخر بسيارة العمالة إلى مؤسسة محمد السادس.
يُعلق أحد متتبعي شأن العمالة التطاونية بما يلي: ” توزيع سيارات الخدمة يتم حسب درجة رضى صاحبنا مسؤول قسم الميزانية على الموظف المستفيد، والرئيس المزعوم لا يحتكم في ذلك لقانون ولا مسطرة ولا حتى منطق التدبير المعقلن لما هو ملك للدولة، والأدهى من ذلك أن صاحبنا (مول الكؤوس البلورية) لا يعدو أن يكون رئيسا عرضيا مؤقتا لايتمتع بصلاحية استغلال وتوزيع أسطول السيارات ووصولات المحروقات”.
حالة التسيب في هذا القسم لم تقتصر على توزيع الامتيازات وسيارات الخدمة، بل تناولت تدبير الموارد وتوزيع فائض استغلالها، تذكُر منها مصادرنا وصولات المحروقات التي تُوزّع في غياب تام لمعايير مضبوطة تحدد معدل البنزين المخصص للاستهلاك في الكيلومتر عن كل مهمة والتي غالبا ما تضاعف القيمة الحقيقية، نتناول منها نموذج التعويض عن رحلة الذهاب والإياب من تطوان إلى الرباط والتي يتسلم عنها بعض المستفيدين ما قيمته 700 درهم.
يعلق أحد الظرفاء من العارفين بالموضوع ” إذا غاب الديب الأرنب كيعمل الغطاية ” في إشارة إلى ما وصل إليه تدبير الصفقات واقتصار هذه الأخيرة وبشكل مثير للشك على نفس الممونينن تذكر منها مصادرنا صفقات التغذية التي ينفرد بها دائما مطعم “لادورادا” ومطعم “عمر”، وفي حفلات الشاي التي ينفرد بها ممونا الحفلات “امفضل وأنور”، وفي الإقامة ينفرد كل من فندق “شمس” و”دريم” بالصفقات، وفي الإعلاميات شركة “صاني بيرو”، والإشهار من حظ شركة “رحاب”، أما في الأدوات المدرسية تفيد مصادرنا أن شركة “سوتيفيب” استفادت بمفردها بصفقة تجهيز مليون محفظة ، وكلها صفقات لم تتم في إطار الشفافية التي ينظمها القانون وخارج مبدأ التكافؤ بين المقاولات والشركات بالمدينة.
مصادرنا تؤكد أن جناب العامل الجديد لا يعلم بتفاصيل روايتنا وتفاصيل ما يجري في عمالته، وأنه لم يتوصل لحد الآن بما يكفي من تقارير هذا القسم وأخرى قادمة، وأنه لم يتوصل بالتقارير الكافية في الموضوع من طرف رئيس القسم المذكور والكاتب العام. ثقتنا في عاملنا المبجل بما نعرفه عنه من كفاءة في مهامه السابقة وللثقة التي حظي بها من طرف عاهل البلاد، ويقيننا أنه سيتابع هذا الموضوع بما يستحق من اهتمام وصرامة، هذا إن كان يعلم، أما فرضية أنه لا يعلم فهي أسوأ الاحتمالات الغير منتظرة من أعلى سلطة في الإقليم.
موعدنا قريبا بعد الانتهاء من قسم الميزانية والصفقات مع معطيات مثيرة عن قسم التجهيز وعنوانها ” ما لمهندس البارد والسخون في قسم التجهيز من شؤون”.