لنفهم السياق أولا..
ليس أمرا طبيعيا أن يفقد الفريق المغرب التطواني المدرب الذي اختاره وفق رؤية تقنية بمجرد إقصائه من كأس العرش، وحتى قبل انطلاق البطولة، وليس مهما إن كان تم فسخ العقد عبر الإقالة أو بالتراضي أو حتى نزولا عند رغبة الصحابي نفسه، فالطرفان مرتبطان بعقد وليس بوعد شفوي بالتدريب.
والأكيد أن تعاقد فريق من حجم المغرب التطواني مع الصحابي له أسباب ومبررات، أهمها أن الفريق عانى طيلة السنتين الاخيرتين من أزمة مالية بسبب ارتفاع نفقاته،التي من بينها أجوراللاعبين والمدرب الإسباني سرخيو لوبيرا 27 مليون سنتيم، غرامات وجزاءات مالية بسبب نزاعات مع لاعبين منتدبين أجانب ومغاربة. زد على ذلك صعوبة فك الارتباط مع المدرب الإسباني أولا بسبب طبيعة العقد الاحترافي الذي كان يحميه، وبفعل ارتفاع الكلفة المالية للإقالة.
هذا الموسم، رفع النادي شعار ترشيد النفقات، وتقليص كتلة الأجور وميزانية التسيير إلى مايناهز 2 مليار ونصف، وخفض قيمة الانتدابات الجديدة التي لم تتجاوز 400 مليون مقابل 8 لاعبين جدد . وفي هذا السياق وقع الاختيار على الصحابي كمدرب لن يتجاوز عقد 10 ملايين سنتيم، ولكون الصحابي من المدربين الذين لايلجؤون إلى المحاكم الرياضية لا الدولية ولا الوطنية في حالة النزاعات، يغادر الفرق دون بعد بضع مباريات من انطلاق الدوري، او يكمل ما تبقى من مبارياته في الدورات الأخيرة، وهو على هذه الحال وديع متفاهم مع كل المسيرين في الكرة المغربية، على الاقل هذه صورته في الكرة المغربية.
المغرب التطواني يحتاج إلى مدرب كبير
لا يختلف اثنان أن بطل المغرب لنسختين على زمن الاحتراف، وممثل المغرب في مشاركتين أفريقيتين وفي بطولة العالم للأندية، ونادي بوابة المغرب على أوربا
يستحق مدربا من طراز خاص، ماركة مسجلة وطنية أو أجنبية، وهذا الأمر ليس طارئا أو جديدا، مادام الفريق على عهد “ظاهرة أبرون” ضاعف ميزانية تسييره 20 مرة، وتمكن ان يتعاقد في انسجام مع موارده المالية مع أكثر من 12 مدربا تتفاوت قيمتهم ، (يوسف المريني، محمد سهيل، السكيتيوي، عبد الغني الناصري، امحمد فاخر، جودار، تودوروف، عبد الرحيم طاليب، امحمد فاخر مرة ثانية، عزيز العامري، سرخيو لوبيرا، وأخيرا فؤاد الصحابي) .
الآن وفي إطار ظلال الأزمة، وفي ظل شعار ترشيد النفقات وتقليص ميزانية التسيير، والقيمة التقنية للاعبين الذين انتدبهم الفريق لهذا الموسم، يبقى التعاقد مع العلامة المسجلة والفارقة من المدربين مجازفة خارج التوقعات المالية للموسم، ومغامرة تقنية لمدربين ذوي مكانة دولية ووطنية.
فهؤلاء، أجورهم مرتفعة، شروطهم ذات سقف محدد، يتدخلون في تحديد لائحة الانتدابات وترسانة اللاعبين، يفرضون عناصر طاقمهم التقني على الفرق، يلعبون من أجل الفوز بالبطولة والكؤوس، أو احتلال المراتب الأولى، لا يقبلون أن تقحم تجربتهم في الإشراف على فرق تعاني ضائقات مالية، تلعب من أجل احتلال مواقع في وسط الترتيب أوتفادي السقوط إلى الدرجة الثانية، ويفضلون إعداد فرقهم في الفترة الصيفية قبل انطلاق مباريات الموسم الرسمية.
ومع ذلك، فالمغرب التطواني يستحق مدربا من طراز رفيع ، إطارا دوليا بحجم طموحه ومكانته الراهنة في الدوري، على حد تصريح في – حديث غير رسمي -لصديقي المسؤول الكفء بالمكتب المسير للنادي.. وفي هذه الحالة على الجهات الداعمة في المدينة والمستشهرين والمنخرطين والجمهور أن يتحملوا كل من موقع مساهماته ، الكلفة المالية لتحقيق هذا الهدف، هدف استقطاب مدرب دولي مجرب وفائز بألقاب، له شروط لا يقبل التنازل عنها في تعاقده مع الأندية. من قبيل بن شيخة الذي رفض تدريب الرجاء البيضاوي، وامحمد فاخر الذي لايقبل المساومات على حساب كل الاجواء والجوانب المرتبطة بعمله كجنيرال متفرد للنادي..
الخيارات الواقعية
والآن، إزاء التوقعات المالية للفريق للموسم الحالي، وسقوط اختيار فؤاد الصحابي مدربا لهذا الموسم ، وأمام واقع الانتدابات التي استقدمها الفريق تحت وطأة الإكراهات المالية، وبعد أن غادرت النواة الأساسية من اللاعبين صفوف النادي ، لا يمكن للمكتب المسير أن ينتحر ماليا لتغيير كل هذه الحقائق، ويدخل مرة أخرى في متاهات غير محسوبة للإنفاق والانتداب والنتائج.
بقدر ما عليه أن يرسم أهدافا مرحلية على مقاس واقعه المالي، وقدرات لاعبيه التقنية، وأن يختارمدربا على مقاس الفريق والمال، عارف بخبايا ودواليب النادي، مسكون بطموح فرض اسمه وتكريس في البطولة، وقادر أن يعمل في إطار من نكران الذات، ويخلق الانسجام بين من تبقى من أبناء مركز تكوين النادي في الفريق الأول والوافدين الجدد..وفي هذا السياق لاحت أسماء في الافق من قبيل يوسف فرتوت، وفوزي عبد الغني، وعبد الواحد بن حساين ، وتفاعل قطاع واسع من الجمهور التطواني مع المواقع والمنابر الرياضية والصفحات الإلكترونية مع مقترح بن حساين كأول إطار تطواني حاصل على دبلوم درجةأ ضمن نفس دفعة يوسف فرتوت، والسكيتيوي، ووليد الركراكي، والدميعي، وسمير يعيش وغيرهم..
وضمن مخاض اختيار مدرب من طراز رفيع ، مجرب وفائز بألقاب من قبيل بن شيخة وامحمد فاخر أو أجانب او مدرب على مقاس الواقع الراهن للفريق، تبقى كل أراء الجمهور والمتتبعين مجرد اقتراحات وتحليلات ضرورية في النقاش الرياضي، علما أن قرار اختيار المدرب من اختصاص رئيس الفريق واللجن التقنية العملة تحت إمرته.