في هذه البوابة المغربية الجميلة بمرافقها وحدائقها التعيسة بعذابات نسائها في الديوانة يوميا، وأمام بوابة السجن، أمهات وزوجات وأخوات يحملن القفة لمعتقلي ما ينسب لشمال المغرب من أنشطة الخبز، الأنشطة الكريهة على الضمير والمعول عليها لا مناص منها للرزق اليومي للعائلة وكل مصير محتوم.
في دائرة تطوان الانتخابية، لائحة واحدة كانت لها الجرأة لتمثيل المرأة المناضلة يوميا من أجل الخبز اليومي.. المرأة الشمالية التي كدحت وتكدح وستكدح لتوفير المصروف اليومي وكبش العيد ومصاريف الدخول المدرسي القاهر.. لائحة وحيدة وضعت على رأسها، امرأة مستميتة من أجل المغرب الجميل الذي يهتم بالإنسان بحقوق الإنسان بهموم الإنسان.
تعرفها الطالبات والطلبة تعرفها الأستاذات ويعرفها الأساتذة.. زوجة مناضل راحل من تارجيست الأبية، قضى جزءا من شبابه في سجون سنوان الرصاص.. وأكمل بقية عمره في صفوف العمل النقابي دون كلل أو ملل.. الراحل “مصطفى الخطابي”، الأستاذ الذي لم تفارقه الطيبوبة والابتسامة والتواضع.. لم يتبجح يوما بنضاله / واجبه، ديمقراطي الطبع ونموذج الأب والزوج والصديق…
لائحة واحدة أخرجت فاطمة من عمق صمتها ومن شغلها الدؤوب، وألحت عليها وهي التي لا تحب الأضواء ولم تتسابق يوما على منصب ولا علامة مجد وهي صاحبة الضمير المجيد فعلا وممارسة.إذا كان المحافظون يسيل لعابهم على الزواج بأربع نساء، فيكون الزوج خامسهم، ألا يحق لنساء الشمال أن يجدن بين من يمثلهم في البرلمان امرأة مخلصة صبورة قضت عمرها في تعليم أجيال وأجيال، جربت حمل القفة لزوجها وهو معتقل سياسي أهدى عمره لشعبه كي ينتقل الشعب المغربي من الخوف من الحديث في السياسة إلى حد الكلام المباح اليوم، حد الكذب في الحملات الانتخابية وحد التعاطي الحقير مع مطالب المغاربة وحقوق اليتامى والمطلقات والأرامل والمعوزين والمقصيين من الشغل إلا من رحم ربك عن طريق “أباك صاحبي”.
ألا تستحق “فاطمة الومغاري” مقعدا برلمانيا من النوع الذي دشنه “محمد بنسعيد آيت يدر” صاحب الصوت الصريح الفريد المؤدب والذي ما خاف يوما لومة لائم ولا قمع قامع للجهر بواقعة العار في تاريخ الدولة واقعة مقبرة الأحياء تازمامارت.
“فاطمة” ترمز اليوم إلى كل علامات الرأس المرفوع والكرامة المصونة بالصبر والتواضع.. “فاطمة” لها رسالة الناس المغبونين سيئي الحظ في ظل اقتصاد الريع وسياسة التحايل والاستبداد المبتسم والإفساد اليومي للمعقول في حياة الناس..
الرسالة التي تحملها فاطمة يقتضي الضمير حملها جماعيا عبر التصويت لتسمح القوانين الانتخابية المعمول بها بقراءتها داخل قبة البرلمان، اللهم إذا كان الناخبون يتهربون من مسؤولية ضمائرهم ومن حمل رسالة الحق لتقرأ داخل البرلمان أمام العادي والبادي، فسيكون الناخبون التعساء لأنفسهم أظلم.
ما همونا غير المخلصين لقضايا الشعب إذا أهملهم الشعب وأسقط رسالتهم من يده.. أما الباقي كله يعوض.