تَحكُم الأنظمة المستبدة قبضتها على الشعوب بجهازي الايديولوجية (الدين والافكار الرسمية) والعسكر (البوليس وباقي القوى العمومية)… وفي حالة النظام المغربي بدأ يظهر جليا أنه فقد زمام التحكم في جهاز الايديولوجية، وأصبحت غالبية شرائح الشعب متذمرة وغاضبة ولا تصدق كلام النظام وأبواقه سواء الرسمية (خطب الجمعة، الخطب الرسمية، التلفزة، الاشاعات الموجهة…) أو المحسوبة على الشعب (احزاب، نقابات، جمعيات، مثقفين…) بل تسخر منه وتحوله الى نكات ومواد للتنذّر والضحك الاسود.
وفقدان النظام لسلاح الايديولوجية أمر خطير لا بل أمر جلَل، لأن سلاح العسكر لا يمكن المراهنة عليه لوقت طويل خاصة أن هذا الجهاز وإن كان يُعتقد أنه خاضع ومنضبط للأوامر فإن التجارب القريبة (تونس، مصر…) أظهرت أنه سرعان ما يتفكك وينهار وينحاز أفراده (غير المتورطين في جرائم) إلى الشعب، بل إن جيوشا انقلبت على الحكام لحماية مصالح معينة أو لانحيازها إلى الجماهير في حالات أخرى.
وارتباطا بجهاز الأيديولوجية الذي نجح النظام المغربي منذ ما قبل الاستقلال، الغير المتوافق عليه، في إدارة دفته وجعل الغالبية الساحقة من الجماهير مؤمنة بمختلف ما يتم تعبأتها به (ظهور وجه السلطان في القمر، كل معارض بالضرورة هو عميل للبوليساريو والجزائر، السلطة مستمدة من الاله، الاستثناء المغربي، الفتنة…)، فإن هذا النجاح تراجع خلال السنوات السبع الاخيرة بشكل دراماتيكي إلا درجة الانهيار مع أحداث الريف حيث فشل القائمون على إدارة جهاز توجيه الناس في كل الاشاعات التي سعوا من خلالها إلى تشويه حراك الريف وتسفيه وشيطنة قادته ووأده، بل أكثر من ذلك نجحت الجماهير، رغم أنها غير منظمة، في سحق كل أطروحات وإشاعات النظام بدون استثناء وتحويلها إلى أسلحة في يدها ضد النظام (الانفصال، الدعم الخارجي، تشويه قادة الحراك “تعرية الزفزافي وحمل سيليا”…).
هذا الانهيار والفشل الذريع في جهاز الايديولوجية جعل القوات العمومية فجأة وجها لوجه أمام الساكنة، (باعتراف من عاهل البلاد في خطاب العرش)، عارية من كل قدسية أو احترام لأنها انزاحت في نظر الناس – الساكنة عن مهامها في حمايتهم إلى دور آخر هو حماية من يطالب الشعب بمحاكمتهم لأنهم تسببوا في فشل الديموقراطية والتنمية بالبلاد (التي اعترف عاهل البلاد أيضا بفشل تدبيرها)، بل أكثر من ذلك اجتهد المسؤولون عن تلك القوات في دفعها إلى سحل واعتقال وضرب وإهانة الناس بل وقتلهم.
الاعتماد على القوات العمومية في حماية استمرار نظام ما هو بمثابة تعلق بحصان خاسر، في زمن يعرف تحولات سريعة وتطور رهيب في تداول المعلومة لصالح رفع منسوب الوعي والمعرفة لدى الناس وإطلاعهم على نماذج راقية للمستوى الذي يجب أن يعيش فيه الانسان، ولا حل أمام المراهنين قبل أن يخسروا كل شيء إلا المساهمة بجدية إلى جانب الناس في تطوير مستوى الحياة والتصالح حقيقة مع الواقع المفروض قبل أن يخسروا كل شيء، كل شيء.
ما كان يقال بالأمس سرا.. صار اليوم يقال علنا، وانهيار جدار الايديولوجية بالضرورة يتبعه انهيار باقي الجدران، خاصة أن الجماهير صارت تقرع الجدران بقوة.
منسوب الوعي الذي يتحدث عنه الكاتب غير دقيق .فنقل المنعلومات عبر الشبكة العمبوتية السريع الإنشار خلق نوع من نقل المعلومة دون التأكد من مصدرها وقد تكون شائعات لخلق البلبلة في وسط الجهلاء بصفة متمدرسين من كل الأعمار وهذا لا يعبر عن الوعي بل يعمي البصيرة بعدها ترتكب ردود فعل غير واعية يتضرر منها الجميع دون تحديد موطن الداء بعدها تكون ردة فعل غير واعية أيضا وهو رمي اللوم على من دفع الأمور إلى التدهور دون تحديد من المسؤول فيخسر الجميع وهذا ما لا اتمناه ان يحدث في وطننا فتغليب الحكمة هو الحل وغذا غلبت الحكمة لحل المعضلات مع محاسبة من دبر المكيدة دون تمييز بين الصغير والمتوسط والأعلى .فالإصلاح يكون منتظرا بلا إزهاق الأرواح .