عام سعيد للفلسطينيين سمعا وطوعا خصوصا بعد قرار مجلس الأمن الأخير.
عبلة سعدات، شريكة حياة زعيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين المعتقل المضرب عن الطعام، عبلة زارت شمال المغرب الرائع منذ سنوات، نتخيل مربع الوطن في قلبها المناضل كم يكون سعيدا اليوم بالقرار الأممي لفائدة حفدة الفدائيين عندما كان نكران الذات هو العملة المتبادلة بين الختيار وحكيم الثورة الفلسطينية. ولأن خضرة المغرب (الجميل الأوحد في العالم) كان دوما حضنا للفلسطينيين، تذكرت العوني عبد الحميد هنا وعبلة هناك. فكانت الرحلة الحكاية مع سعيد كما يلي.
سألت سعيد: ما هي آخر قراءاتك في الصحافة؟ رد: الأسبوع الصحفي. وحدد “الحقيقة الضائعة” نقطة ارتكاز مفيدة في تنوير معلوماته وكذا المعلومات المزدحمة التي يقدمها العوني في مقالاته الطويلة دوما. بصفته شاب ما بعد حركة 20 فيراير 2011، ربت سعيد على كتفي وذكرني أنه يستفيد أيضا من المدرسة الاتحادية في أسبوعية الأيام عبر افتتاحية نور الدين وصاحب الدصطور المشاكس. ولما أحس بنوع من التبرم من جانبي حسدا لبيضاوة، وسع دائرة العرفان بالجميل ومرة أخرى أكد أنه يتعلم من صحراوة تقنية تشكيل اللغة العربية بمهارة مولاي ادريس، مقهقها أنه يتجاهل ركن الملاحظ تماما…لا أريد استكمال مجاملاته حتى لا أسقط في عيب “شكار راسه بلغ لك السلام”.
من قال إن الإعلام لا يكوّنُ رأيا عاما ولا مدرسة في التثقيف لجيل اليوم؟ حديثي مع سعيد الذي تجاوز الثلاثين بالكاد، تَمَّ في سياقين متوازيين: سياق الحوار الذي انجزه سعيد مفكر مع البرلماني عمر بلافريج، وسياق التحقيق الذي أنجزه سعيد نفسه حول بناء سد مرتيل، ولأنني استفدت كثيرا حول ميكانيزم البناء في عهد محمد السادس، من خلال الحوار (بناء إطار دولة) ومن خلال التحقيق (بناء سد)، ولأنني لم أكن يوما عدميا مقابل الحرص ألا أكون وصوليا ولا انتهازيّا، أتمسك بالاستفادة الميدانية لاستكمال التحقق من المعلومات المحررة على الورق. كان عرض عمر بلافريج بشفشاون مناسبة للإنصات لسليل القيادي في حزب الاستقلال الراحل أحمد بلافريج، أحد رؤساء الحكومات المغربية في فجر الاستقلال. ولأن الطريق ما بين تطوان وشفشاون تمكننا من التوقف عند سد مرتيل قرب جماعة الزينات فقد اتفقت مع سعيد لمعاينة مزدوجة لبناء السد موضوع التحقيق وللاستماع لكلام عمر البرلماني كاتحادي عرّج يسارا هل سيفيد ناخبيه أم يخذلهم؟
قبل الخروج من تطوان، وضعت بعض الأسئلة أمام سعيد ليتمكن من تنويري لأتأكد من عينيتها فوق الأرض. حدثني عن شركة بوشطاط التي تم سحب رخصة عملها كمتخصصة في صناعة الزفت وأشار إلى موقعها على مشارف تطوان في اتجاه شفشاون. وعندما وصلنا سد مرتيل، توقفنا على مشارفه جنب الطريق وأشار لآليات مجمعة حول بناية صغيرة كلها بلون أصفر وأكد كيف عملت شركة سينترام على بناء “معمل سري” داخل حوض السد لصناعة الزفت. ودقق وصف تبعات تسرب مادة الأمونيا التي تنفثها الآليات الضخمة المستعملة في مسلسل تصنيع الزفت وخطرها الأبدي على مياه السد وبالتالي على صحة سكان المنطقة. استخلصت في نفسي “لو لم تكن السلطات تغمض العين عن هذا الخرق البيّن لمقتضيات البيئة والصحة ما كانت الشركات تشتغل ضاربة عرض الحائط بمعايير احترام البيئة وصحة الإنسان”. ثم تذكرت كيف تحدث سعيد في تحقيقه الصحافي عن مسألتين: عندما تحدث سائق شاحنة سابق – ضمن التحقيق- عن نقل منتوجات صخرية يومياً بمئات بل بآلاف الأطنان من سد مرتيل إلى أوراش خط TGV. وعندما تم التعبير – ضمن التحقيق أيضا- عن تمكين شركة سينترام من رخصة مقلع لاستخراج المواد الخام الصخرية وكذا سحب رخصة سابقة لصناعة الزفت. رخصة مقلع رغم أنف السكان المجاورين و طز في البيئة (حاشاكم).
تمعنت ساعتها في القول كون شركة المعلم ميلود (سينترام) التي لم يسبق لها أن بنت سدا من قبل، ثم تساءلت: هل يحق لها بناء سد مرتيل باقليم تطوان أم ستمارس في المنطقة الشمالية “تعلم مهنة الحجامة في رؤوس اليتامى”؟
ولأنني لست عدميا، أراجع دروس الأمس وأكرر حفظ الحكمة التي ورثناها من المغاربة الأجداد، كي نحافظ على الممتلكات التي تركوها لنا والمسجلة في “زمام المتروك” في حيازتنا، نحن مغاربة اليوم لنسلمها للمغاربة الأحفاد ومعها المؤسسات المُحَفّظَة تحت ماركة “صنع في المغرب” (made in Morroco). ولأن تقوية الدولة الموروثة بالأسمنت المسلح المسمى القانون مسلسل متدرج ما بين الممارسة والتصويب المبدئي وفق سيادة الشعب، لي تفاؤل مشترك مع هذا الآتي من المدرسة الاتحادية (عمر بلافريج) لبلورة “عقد اجتماعي” (حسب حواره مع الأيام).
يتامى المقاولات الذين تسحب منهم الرخص لفائدة مقاولات أخرى، دون أن يتكلموا يخافون من غضبة الوالي محمد اليعقوبي حسب التحقيق. ويتامى الأحزاب الذين تصنع بهم قياداتهم الأفاعيل دون أن يجدوا الميكانيزم الملائم لإزاحة تلك القيادات الصدئة المهترئة يخافون من يُتْمٍ مضاعف. في الحالتين، تعاني المقاولات من الخوف لأنها تشتغل بلا غطاء الضمانات القانونية يوفر لها مناخ المنافسة النزيهة. وتعاني الهيئات الحزبية من تجديد نخبها لأنها لا تجد ضمن الأحزاب الكبيرة غطاء القدوة الحافظة للقيم البديلة.
تذكرت لينين في وصفه للعدد الوفير من الناس الذين يملأ قلبهم الخوف، كيف يتحولون من بشر إلى أكياس بطاطس حتى ولو كانوا في مواقع أطر الدولة أو أطر أحزاب. عظمة الحسن الثاني في هذا الباب كون عناده الصنديد خلق في مقابله معارضة عنيدة مقاومة.
اليوم وقد سقطت الكثير من جدران الخوف بين جموع الشباب والنساء، لا مجال لاسترجاع التهور المتطرف لأنه صنو الشعبوية الكاذبة ولأنه يقتل التفاؤل في رحم المجتمع قبل الاحتراز الذي تحتفظ به الدولة للدفاع عن مؤسساتها فتنزلق نحو القمع المنتج لليأس. فالعقلانية والتعاقد سلاحان لبناء مشترك أفضل، سواء لدولة القانون أو لدمقرطة المجتمع.
عندما وصلت رفقة سعيد حيث عمر بلافريج يحاضر بشفشاون، كان بعض المتدخلين يشيدون بدور السيدة التي مثلت وكيلة لائحة فيدرالية اليسار. ومقابله تدخل آخر لينتقد اليساريين كونهم لا يصححون مسارهم بواسطة النقد الذاتي…
كان طنين كتاب “الليبرالية وحدود العدالة” للأمريكي مايكل ساندل عندما كان طبيبان شابان يفسران ملابسات التحاقهما بفيدرالية اليسار من داخل الاشتراكي الموحد بعد الانتخابات الأخيرة. عجيب أمر هؤلاء الأمريكان في الجامعات العتيدة التي توفر للحزب الديمقراطي الزاد النظري للتفصيل في شرح ملابسات السياسات العمومية مع الرجوع إلى هوس الحفظ على النموذج الأمريكي الذي تقتنص الشركات العابرة للقارات كي تمارس قرصنة الديمقراطية والرأسمالية معا ضمن جمع الثروات بلا حساب.
يرصدون تحول الشعب الأمريكي من طليعة الشعوب الحرة الحديثة المؤمنة بالديمقراطية إلى شعب يتيم تتركه نخبه بين مخالب الوحوش المالية تستأسد عليه لتسلم مصيره للميليارديرات المتوحشين. ولذلك، أمثال مايكل ساندل الباحثين عن مسارات الإقناع النظري الأكاديمي، يتبادلون الحديث فيما بينهم حول مصير العدالة كونها إنصاف (جون رولز) أو كونها تعاقد ضمن شروط اجتماعية مسبقة (حسب الجماعاتيين اليمينيين communitarists)، ويذهب ساندل كما لو كان المُنَظّر خلف المرشح الديمقراطي اليساري (ساندرز)، ليعيد فكرة العقد الاجتماعي والاشتغال السياسي وصوغ الأهداف بناء على القيم الأولى كقاعدة لتوليف السعي الحثيث في نفس الوقت من أجل الحقوق الفردية ومن أجل تنمية الخير العام.
الخلاصة العامة للحديث مع سعيد، مع الـتأمل في أطروحة بناء عقد اجتماعي لعمر بلافريج، واستدراكا لموقف إدارة أوباما لفائدة الشعب الفلسطيني (حل الدولتين وإيقاف الاستيطان)، جدد فيّ العزم والتفاؤل لبناء مغرب أفضل تضيق فيه شيئا فشيئا دائرة من يتعلموا “الحجامة في رؤوس اليتامى”.
تقسيم فلسطين بين المسلمين واليهود يعتبر إعترافا بالدولة اليهودية من قبل الساسة العرب والمسلمين ، وهل من حقهم أن يسلموا شبرا من أرض فلسطين للمحتل اليهودي المغتصب لأرض فلسطين .رحم الله الخليفة (عبد الحميد ) .. حين عرض عليه اليهود الإعتراف بحق اليهود في فلسطين والنهوض بالإقتصاد المنهار للخلافة الإسلامية العثمانية .فما كان الرجل أن قال لليهود أرض فلسطين ليس أرض ل.عبد الحميد . بل هي أرض للمسلمين ولا يحق لي ألتصرف فيها . أما ساسة العرب والمسلمين اليوم ينبطحون تحت أقدام الإحتلال اليهودي وحتى ثلة من الفلسطنيين يطبعون مع الإحتلال والتنسيق معهم لطمس الهوية العربية والإسلامية لفلسطين . .