دخلت أزمة انقطاع الماء بتطوان شهرها الثاني، ولا بوادر تلوح في الأفق بقرب انفراج الوضع الذي لم تعرف المدينة التي سميت ” تطاوين ” نسبة لكثرة عيونها المائية، له مثيل منذ ثمانينيات القرن الماضي حين ضرب الجفاف جميع مناطق المغرب لحوالي أربع سنوات متتالية.
منذ الإعلان المشؤوم عن انقطاع الماء بتطوان تناسلت الكثير من الاتهامات التي صوبت في اتجاهات متعددة ومختلفة محملة جميع الجهات المتداخلة في الموضوع مسؤولية هذه الأزمة التي تعيشها المدينة بشكل استثنائي على مستوى ربوع المغرب.
ما بين شركة أمانديس ووكالة الحوض المائي اللوكوس ومندوبية وزارة التجهيز وعمالة تطوان والمكتب الوطني للماء ضاعت الحقيقة، وتاهت جميع الأسئلة المرتبطة بهذا المشكل، بين بلاغات تحججت بكون نقص ونذرة المياه بسدود المنطقة أحد العوامل بل العامل الأساسي في انقطاع المياه عن الساكنة، ودعت البلاغات السكان إلى استعطاف السماء وطلب الغيث والرحمة لعلها تجود بما يمكن معه إنقاذ الوضع.
حملت السماء مؤخرا من التساقطات ما لم تتوقعه لا الساكنة ولا مديرية الأرصاد الجوية، وبدت ملامح السرور والانشراح تعلو محيا المواطنين بقرب انفراج الأزمة التي كلما اشتدت زاد معها الاحتقان والغضب الشعبي، إلا أن المشكل ظل على حاله وظلت معها الجهات المسؤولة تطبق صمت القبور بخصوص الموضوع.
لم يكن جل المسؤولين عن ملف انقطاع الماء بتطوان يعتقدون ولو لوهلة أن تدوينة سيخطها محام بهيأة تطوان عبر جداره الفايسبوكي الأستاذ ” عبد القادر الصبان ” ستحمل في طياتها من الدلائل ما يمكن أن يشكف أن أحد الأسباب المرتبطة بانقطاع الماء بتطوان والنواحي والمتعلق أساسا بمشكل تأخر إنجاز سد مرتيل، وهي الحقيقة التي طالما حاولت الجهات المختصة لفت الأنظار عنها وتحويل مشكل انقطاع الماء صوب قلة التساقطات وتراجع حقينة السدود.
ويبدو أن السلطات المختصة وكل من له علاقة بإنجاز سد مرتيل يحاولون قدر المستطاع عبر بلاغات مضللة تحويل الأنظار عن تأخر إنجاز السد خوفا من افتضاح أمرهم وهم الذين تعهدوا أمام الملك بالانتهاء من أشغاله سنة 2013، فيما اقتربت سنة 2016 من نهايتها وما زالت الأشغال جارية ولا يعلم موعد نهايتها، دون أن تكلف الجهات المسؤولة سواء وزارة التجهيز أوولاية الجهة على اعتبار أن الوالي ” يعقوبي ” المشروف الأول عن الأوراش الكبرى بالمنطقة وكذا الشركة المكلفة بالمشروع عناء إصدار بلاغ يشرح أسباب تأخر إنجاز السد الذي يعتبر دعامة أساسية في تزويد تطوان ومنطقتها الساحلية بالماء الصالح للشرب إلى ما بعد أفق سنة2030 ، والمساهمة في حماية المدينة ووادي مارتيل من الفيضانات الجارفة المترددة.
ما كشف عنه خبر شمال بوست الأخير بالصورة والفيديو حول سد مرتيل، يغنينا عن طرح الأسئة والاستفهامات بخصوص انقطاع الماء بتطوان، ويحمل شركة “SINTRAM” لصاحبها “المعلم ميلود” المسؤولية الكاملة عن الموضوع، مادام أنها لم تفي بوعودها بتسليم السد في موعده المحدد أي سنة 2013، وظلت لحدود الساعة تستغل الثروات الطبيعية بالمقالع القريبة من السد، حيث تحول منخفظ السد (قاعدة أو مكان تجميع المياه) إلى ورش كبير لآلات إعادة تدوير الصخور لإنتاج مواد البناء والتجهيز المستعملة في مشاريع لا علاقة لها بورش تشييد السد، إضافة إلى آلات أخرى لإنتاج مادة “الزفت” !! رغم خطورته على البيئة المرتبطة بالحياة الطبيعة بالسد وجودة مياهه. بل الأكثر من ذلك أطلق المسؤولون عن إنجاز سد مرتيل يوم الأربعاء فوهات منافذه الاحترازية لتفريغ المياه التي تتجمع به، خوفا من وصولها إلى الآليات الموضوعة في منخفظه (مكان تجميع المياه) بسبب الأمطار الغزيرة التي تعرفها المنطقة.
وفي الوقت الذي تطبق فيه وزارة التجهيز عبر مندوبيتها بتطوان ومسؤولي عمالة تطوان الصمت بخصوص عدم تسليم سد مرتيل من طرف الشركة المكلفة بإنجازه في وقته المحدد، فإن ذلك يدعونا إلى التساؤل أيضا حول أسبابه ودواعيه، وإن كان الأمر مرتبط بمكانة خاصة وحظوة مميزة ورضى تام تحظى بها الشركة لدى مسؤولي الوزارة والعمالة. أم ان الأمر مرتبط رغبة شركة “SINTRAM” في استغلال الثروات الرملية والأحجار بمحاذاة السد.
ساكنة تطوان ربما تنتظر غضبة ملكية تطيح بالرؤوس وتكشف المستور بخصوص موضوع تأخر إنجاز السد وتسليمه في موعده المحدد على غرار غضبات ملكية مشابهة، لعلها تفرِّجُ عنهم ” الأزمة ” التي كلما طالت كلما اشتدت.
شمال بوست ستنشر قريبا تقريرا مفصلا يكشف دلائل وحقائق مثيرة عن تأخر إنجاز سد مرتيل