Web Analytics
أخبار الشمالمقالات الرأي

“فيسبوك” و”يوتيوب” من العوامل الحاسمة في نتائج الانتخابات التشريعية المغربية

يشهد المغرب يوم الجمعة المقبل 7 تشرين الأول / أكتوبر الجاري انتخابات تشريعية هي الثانية بعد اندلاع الربيع العربي، وتتميز هذه الانتخابات لأول مرة باستعمال ما تتيحه الإنترنت من عالم رقمي للتواصل والتأثير سواء الصحافة الرقمية أو وسائل التواصل الاجتماعي مثل يوتيوب وأساسا فيسبوك الى مستوى تحول الرقمي الى عامل حاسم نسبياً سواء في الفوز أو في الدعوة الى المقاطعة.

ومنذ ظهور الإنترنت كأداة تواصل اجتماعية مفتوحة وبدون مراقبة تقريباً، تحولت الى أداة رئيسية للسياسة وخاصة تشكيل الرأي العام أو مخاطبته.
وكانت البداية مع الاستعمال القوي من طرف الأحزاب للبريد الالكتروني في إيصال الخطاب السياسي للناخب، لكن التحول الحقيقي سيحصل مع ظهور شبكات التواصل الاجتماعي مع يوتيوب وفيسبوك وتويتر.

واعتمد الرئيس الأمريكي باراك أوباما في حملته للوصول الى الانتخابات الرئاسية سنة 2008 على فيسبوك في وقت كان العالم لم يتعود بعد على شبكة التواصل هذه.

ولم يشهد المغرب قبل الانتخابات التشريعية التي ستجري الجمعة المقبل توظيفاً للإنترنت والبرامج التي تقدمها لاكتساب تعاطف الناخب المغربي لأسباب أبرزها، ضعف انتشار الإنترنت في السابق ثم عدم وعي الأحزاب السياسية بأهميتها كسلاح انتخابي، إذ أن الكثير من الأحزاب المغربية لم تكن لها صفحة على فيسبوك أو حساب في تويتر سنة 2011، تاريخ الانتخابات السابقة.

لكن في الحملة الانتخابية الحالية، تحتل الإنترنت موقعها الطبيعي مثل الكثير من الانتخابات في باقي الدول، ويعود هذا الى عاملين، استمرار هيمنة الدولة المغربية على وسائل الاعلام العمومي، حيث تتحكم في زمن البرامج السياسية ونوعية الضيوف.

وعموماً وسائل الاعلام العمومية التي لا تتيح حضوراً للنقاش السياسي رغم رفع المغرب راية الليبرالية ودولة الاستثناء في محيطه الإقليمي بينما دول الجوار خاصة تونس تقدمت عليه في توظيف وسائل الاعلام العمومية في النقاش السياسي. وبالتالي تلجأ الأحزاب الى البديل وهو الإنترنت.
بينما العامل الثاني يتعلق بانتشار الإنترنت وكذلك الهواتف الذكية الجديدة بين المغاربة، حيث أصبح التواصل مع الناخب والرأي العام سهلاً ويحدث في كل لحظة وبكل حرية.

ويمكن رصد ثلاثة أنواع من الآليات أو البرامج المرتبطة بالإنترنت في هذه الانتخابات التشريعية وهي: الصحافة الرقمية، والمواقع الرقمية للأحزاب ثم المنافسة في شبكات التواصل الاجتماعي.

وتاريخياً، تميزت الأحزاب المغربية بإصدار جرائد تكون معبرة عنها وتحولت في وقت ما الى الأكثر مبيعاً مثل حالة جريدة العلم أو جريدة المحرر ولاحقاً الاتحاد الاشتراكي، وعموما تاريخ الصحافة المغربية هو تاريخ الصحافة الحزبية حتى نهاية القرن العشرين مع بعض الاستثناءات.
وحاليا تراهن الأحزاب المغربية على مواقعها الرقمية لمخاطبة الرأي العام خاصة الانتخابي منه. في هذا الصدد، تفوق حزب العدالة والتنمية على باقي الأحزاب الأخرى بما فيها القديمة جداً، فقد حول موقعه الرقمي الى مصدر رئيسي للناخبين والإعلاميين والمهتمين عموماً، حيث يزوره أكثر من عشرين ألفاً في اليوم وهو رقم مهم مقارنة مع باقي الأحزاب الأخرى. ويأتي حزب الأصالة والمعاصرة في المركز الثاني ولكن بثلاث مرات أقل من الأول ثم باقي الأحزاب على التوالي وفق نسب القراءة، التقدم والاشتراكية ثم حزب التجمع الوطني للأحرار ثم اليسار الاشتراكي الموحد ويليه الاتحاد الاشتراكي بينما حزب الاستقلال هو الأخير ضمن الأحزاب الكبرى.
الصحافة الرقمية : تلعب الصحافة الرقمية مثل هسبريس وبديل ولكم والأول دوراً هاماً في تغطية الانتخابات من منطق يمكن اعتباره محايداً بينما الكثير من العناوين الأخرى انحازت لهذا الطرف أو ذاك. ولأول مرة، تقدم جريدة رقمية على إجراء حوارات وبثتها مباشرة عبر موقعها وهي جريدة هسبريس وتميزت أكثر من خلال استضافة الأحزاب المشاركة وكذلك حزب النهج الديمقراطي الذي يدعو للمقاطعة.

معارك شبكات التواصل الاجتماعي

وتبقى المعركة الحقيقية هي التي تجري في شبكات التواصل الاجتماعي وخاصة فيسبوك ثم يوتيوب بحكم محدودية انتشار تويتر في المغرب. وهذه المعركة خاصة لا تتعلق ببرنامج الأحزاب بل بالمنادين بالمقاطعة والمنادين بالمشاركة في الانتخابات. ويبقى حزب العدالة والتنمية هو الوحيد الذي يدافع بقوة عن المشاركة ويناهض المعارضين. وهو يتوفر على ما يطلق عليه «الكتائب الرقمية لحزب العدالة والتنمية»، وهم مئات بل آلاف من أعضاء الحزب الذين ينشطون في فيسبوك للدفاع عن الحصيلة الحكومة لزعيمه عبد الإله بن كيران الذي ترأس الائتلاف الحكومي، ويحاولون تفنيذ حجج وبراهين المقاطعين.

لكن أنصار حزب العدالة والتنمية، يواجهون جيشاً من الغاضبين من الدولة المغربية بكل مكوناتها، حيث يوجهون انتقادات قوية للعمل الحكومي بل وتمتد انتقادات البعض منهم الى الملك محمد السادس ومستشاريه، إذ يعتبرون الحكومة واجهة فقط. ويستفيد المنادون الى المقاطعة من عاملين، الأول وهو وقوف نشطاء اليسار الراديكالي مثل النهج الديمقراطي ووقوف نشطاء جماعة العدل والإحسان وراء المناداة بعدم الذهاب الى مراكز الاقتراع للتصويت، ويتعلق الأمر بنشطاء لهم تجربة قوية في الاشتغال في شبكات التواصل الاجتماعي لاسيما وأن الدولة تمارس عليهم تضييقاً سياسياً وحصاراً في الاعلام العمومي. كما يوجد آلاف الناشطين غير المتحزبين، ومن أبرز الأسماء الناشطة الفيسبوكية مايسة سلامة التي يتقاسم مقالاتها وانطباعاتها قرابة ألفين عند نشر كل مقال. وهكذا، يجري مئات الشباب يوميا بثاً مباشراً في فيسبوك لشرح المقاطعة.

والعامل الثاني يتجلى في تردي الوضعية السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المغرب في الوقت الراهن بشهادة المغاربة والتقارير الدولية، الأمر الذي يجعل أطروحات مثل هذا التساؤل: لماذا الذهاب الى صناديق الاقتراع إذا كانت الانتخابات لا تحل المشاكل بل تزيد في تدهور البلاد؟ تجد أنصاراً كثراً في فيسبوك ويوتيوب.

وهكذا، فشبكة الإنترنت تحولت في الانتخابات المزمعة الجمعة المقبل الى أداة هامة في تغليب كفة هذا الطرف أو ذاك، وهو ما استوعبته بعض الأحزاب ولم تستوعبه أحزاب أخرى.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى