ارتأينا في شمال بوسط أن ننقل لكم أجواء الانتخابات التشريعية الاسبانية ليوم الأحد 20 ديسمبر، سننقلها لقراءناعبر موفدنا إلى مدريد بتفاصيل أحداثها ، ومن داخل مقرات الأحزاب المشاركة. ارتأينا ذلك لما نعتبره من أهمية هذه المحطة الانتخابية في الجارة الاسبانية، وأهمية علاقتنها بالمغرب وبقضاياه الحيوية الترابية منها والاقتصادية والأمنية.
لم تعد فرنسا في تقديرنا الحليف الوحيد الذي تتعلق به مصالح المغرب، خصوصا وأننا نعيش تطورا غير مسبوق في ميزان العلاقات التجارية والاقتصادية بين المغرب وجارته الايبرية، إضافة إلى تطور التنسيق الأمني بين البلدين، هذا التطور الذي ينذر بتحولات في العلاقات والمواقف من قضايا حيوية بالنسبة لأمننا القومي.
لن يفوتنا طبعا أن نشير إلى ما تتميز به هذه الانتخابات التشريعية في تاريخ اسبانيا منذ استرجاعها للديموقراطية سنة 1978، وتعتبر هذه الانتخابات الأولى من نوعها من حيث ما أثارته من اهتمام الناخب الاسباني منذ سنة 1979، والأولى التي تنذر بنهاية القطبية أو الثنائية الحزبية بعد بروز أحزاب جديدة يسارية معتدلة ويمينية ليبيرالية، ويعرف المشهد الحزبي الاسباني بروز حزب يساري ديموقراطي خرج من بطن الحراك الشعبي الذي انطلق سنة 2011 ، حزب بوديموسPodemos الذي ينافس الحزب الاشتراكي العماليPSOE في الوسطية والاعتدال دون التفريط في الدفاع عن الطبقات الضعيفة وعن برامج الدعم الاجتماعي وتأمين الصحة والتعليم للجميع، واسترجاع الحقوق الاجتماعية والعمالية التي عصفت بها تشريعات اليمين وقبلها الاشتراكيين، وعلى يسار الحزب الشعبي يبرز بقوة حزب سيودادانسCiudadanos الليبيرالي الذي ينافس الحزب الشعبيPP في مساحات ومناطق تأثيره التقليدية،ويهدد تمثيليته للناخب اليميني.
هذه الأسباب وأخرى تستوجب في تقديرنا أن نتابع عن كتب أجواء هذه الانتخابات في الجارة الاسبانية ونتائجها التي تنذر بنهاية القطبية في اسبانيا وبروز حكومات ائتلافية قد تساهم سلبا أو إيجابا في العلاقات المغربية الاسبانية.
اليوم جمعة 18 ديسمبر آخر يوم من الحملة الانتخابية باعتبار أن اليوم الموالي بموجب القانون الانتخابي الاسباني يوم تأمل قبل فتح مكاتب الاقتراع يوم الأحد 20 ديسمبر تمنح فيه الحملة الانتخابية، وأمسى الرأي العام الاسباني اليوم على صورة رئيس الحكومة ماريانو راخوي وهو يتلقى لكمة من قاصر أثناء إحدى جولاته الانتخابية في شوارع أورنسي بغاليسيا، الصورة خلفت ردود فعل وطنية وأوروبية ومكنت الحزب الشعبي من استعادة بعض التعاطف من مناصريه، وأثرت سلبا على منافسه من اليمين اللبيرالي سيودادانس، كما تعرف الحملة مواجهة عنيفة بين الحزب الاشتراكي العمالي وحزب بوديموس، هذا الأخير أصبح محط هجومات قوية من طرف قيادي الحزب الاشتراكي بعد استشعاره لخطر هذا اليسار المتجدد والمؤثر بخطاب ينافس اليسار التقليدي في مواقعه التاريخية كالأندلسAndalucia أو اكستريمادوراExtramadura.
كل القيادات البارزة في الحزب الاشتراكي بداية بالأمين العام بيدرو صانشيس Pedro sanchezوبالزعيم التاريخي فيليبي غونصاليصFelipe Gonzalez هاجمت بقوة حزب بوديموس وقيادته الشابة وتركت جانبا غريمها التقليدي الحزب الشعبي. في مقر الحزب الاشتراكي حدثنا أحد البارزين من القيادات الشابة عن تخوف الحزب من نزيف في التصويت لصالح بوديموس الذي تؤكد استطلاعات الرأي أنه يزحف بقوة في أوساط الناخب التقليدي للحزب الاشتراكي. ومن مستملحات الحملة الانتخابية للحزب الاشتراكي دعوة زعيم الحزب بيدرو شانشيص في برنامج تلفزيوني بقناة أندلسية للعزف على الغيثارة واكتشافه أثناء العزف أن القيثارة التي كان يعزف عليها تحمل علامة دعائية لغريمه بوديموس.
سنتحفكم في الحلقات القادمة بتفاصيل مثيرة من أجواء الانتخابات الاسبانية ،وعن حضور المغرب في ثناياها، وعن دور المغاربة الاسبان،وعن ونتائجها يوم الأحد 20 ديسمبر.