إنك هنا، وليس هنالك.. إنك في وطننا حيث الوصم و التهميش والتمييز الذي يلاحق الفئات الأكثر هشاشة ببلادنا، إنك في أجمل بلد في العالم حيث يتعرض المتعاطي المخدرات لكل أنواع التهميش والتمييز لكل أنواع الوصم، الأمر الذي يساهم حسب العديد من المختصين في تدهور نفسية هذه الفئة التي تعتبر جزءا لا يتجزأ من هذا المجتمع، وفئة مواطنة يجب أن تتمتع بحقوق المواطنة الكاملة.
إنك هنا في بلد لا يترك لزواره فرصة الاحتفاء بها، نظرا للعادات و التقاليد التي يتميز بها، ونظرا لجمالية وموقع البلد، بالمقابل تهميش وإقصاء كبير يكرس من طرف سياسيي هذا الوطن في حق المواطنين الذين يعانون الهشاشة و الفقر
متعاطي المخدرات الصلبة(الهيروين-الكوكايين)الأكثر رفضا من طرف المجتمع
أحمد العتابي: لا يمكن الثقة في مستهلك الهيروين.
أحمد العتابي من مواليد 1980 بمدينة طنجة، عمل كمسير لإحدى المحلات التجارية بمدينة طنجة، عاش تجربة مريرة مع أخيه عادل الذي كان يستهلك مادة الهيروين وهو في سن 16 عشر ببرشلونة الإسبانية لمدة تجاوزت 20 سنة، ليعود إلى المغرب حيث حول حياة عائلة بأكملها إلى قهر وجحيم، السرقة بشكل يومي واعتراض سبيل الناس والأكل من القمامة وأشياء أخرى قد لا تخطر على بال البشر.
أحمد وفي معرض حديثه مع موقع “شمال بوست”، عبر وبشكل هادئ أنهم كانوا يتمنون السجن لأخيهم في أوقات عدة وفي أوقات أخرى كنت أتمنى الموت حتى نرتاح من هذا القدر اللعين، لكن هذا لا يخفي خوفنا الدائم عليه ولا يخفي أيضا المحاولات العديدة التي بذلت من أجل توفير العلاج له، حيث عملنا جاهدين على علاجه سواء داخل المستشفيات الخاصة بالمغرب وخارجه لكن لم يكن ذلك حلا.
حدثنا الكثيرون عن ضريح “بويا عمر” وقمنا بالفعل إلى نقله هناك وقضى ما يناهز ثلاثة سنوات، لكن الأمر لم ينفع معه وفور رجوعه إلى المنزل بدأ مرة أخرى يستهلك نفس المخدر وبدأ ينهج نفس السلوك من خلال السرقة المتكررة وغيرها.
انعدام الثقة كانت خلاصة هذه التجربة التي عايشنها قبل أن يرحل عن المنزل ولم يعد لنا أي خبر عنه، وإن كانت بعض الإشاعات من أصدقاء له تؤكد أنه عاد لإسبانيا من جديد.
” المهم هاد الفئة انا والله عمري لا ثقت فيها لأنك مهما فعلت من اجلهم، فلن تلامس التغيير إلا حالات استثنائية، وهي قليلة جدا، فمن الطبيعي ان تكون هذه الفئة عرضة للوصم والتمييز لأنهم هم من يساهمون في ذلك، فاختيار طريق المخدرات وإن كانت دوافع كثيرة تدفع الإنسان لذلك لكن هذا لا يلغي الاختيار الشخص لهذا الطريق.
سارة: تغيير نظرة المجتمع للمتعاطي المخدرات تحتاج إلى عمل كبير و إلى تظافر الجهود الكل.
سارة شابة مغربية تبلغ عقدها الثالث، غير متزوجة، قررت أن تحكي لكم قصتها مع الوصم كمتعاطية سابقة لبعض أنواع المخدرات وكمواطنة شاهدة على واقع المتعاطين.
سارة وهي تحتسي كأسا من النعناع الطنجي بمقهى الحافة، وعيناها لا تفارق النظر إلى البحر في لحظة غروب وسكون، تحكي لموقع “شمال بوست” و الدموع لا تكاد تفارق عيناها ” الآن يمكن أن أجزم إليكم أن فكرتي على متعاطي المخدرات أو “الجانكي” بدأت تتغير وبدأت أعذر المواطن على مواقفه ضد المتعاطين لأنه ما يصدر منا من سلوكيات تجعل الأخرين يتهربون منا، لكن بالمقابل لا يمكن أن نحمل كل شيء لهذه الفئة فالدولة بكل أطيافها يجب أن تتحمل مسؤوليتها الكاملة بدلا من الهروب إلى الأمام “.
تضيف سارة قائلة : ” شخصيا لا يمكن أن أحمل ما يتعرض له المتعاطي من وصم من طرف المجتمع للمجتمع، في ظل غياب حملة تحسيسية كون هذه الفئة المهمشة والموصومة هي جزء لا يتجزأ من هذا المجتمع فهم مواطنون كاملي المواطنة، وهذا المر يجب أن يلقن للمواطن في الإعلام في المناهج التعليمية وغيرها “.
سارة تقول نظرة المجتمع للمتعاطي وإن كانت مبالغ فيها وغير منطقية في بعض الأحيان إلا أنها تبقى عادية في ظل غياب إرادة حقيقية من طرف الدولة والمجتمع المدني والمتعاطين أنفسهم في تضافر الجهود من أجل تغييرها، فتغيير نظرة المجتمع للمتعاطي المخدرات تحتاج إلى عمل كبير وإلى تضافر الجهود الكل.
“العبدلاوي.م”: إن المجتمع يجب أن يتق في فئة المتعاطين حتى يغير نظرته إليهم.
شاب مغربي متشبع بثقافة التضامن والتسامح من مواليد 1975 بمدينة طنجة يعمل كصحفي مستقل بمدينة الرباط، يؤكد لموقع “شمال بوست”: “من الصعب أن نتحدث عن نظرة المواطنين لمتعاطي المخدرات في ظل غياب استراتيجية واضحة للدولة تعمل على بلورة عملها عن قرب مع هذه الفئة التي تعاني الهشاشة و الفقر و التهميش.
العبدلاوي يعتبر أن تغيير نظرة المواطن للمتعاطي مرتبطة بتغيير النمط الثقافي السائد حاليا ببلادنا فموقف المواطنين هو موقف استهلاكي لما يروج لهم، فالدولة لا تعمل من أجل تغيير هذه النظرة، التي يجب أن تغير انطلاقا من الإعلام باعتباره السلطة الرابعة في البلاد، فما دام الإعلام يعتبر المتعاطي منحرف ومجرم ويتبين ذلك من خلال العديد من التغطيات الإعلامية خصوصا المتعلقة بالإجرام فكيف يمكن أن نتحدث عن مواطن يعتبر المتعاطي مواطن كامل المواطنة.
يضيف العبدلاوي لـ “شمال بوست” ” إن المجتمع يجب أن يتق في فئة المتعاطين حتى يغير نظرته إليهم و الثقة تكتسب و لكي تكتسب يجب أن توفر لهذه الفئة كل الإمكانيات خصوصا الدعم النفسي والمعنوي و المادي “.
نسرين بن عبد الله : يجب على الأمن أن يتحمل مسؤوليته.
نسرين معلمة تعمل بإحدى المؤسسات التعليمية بإقليم طنجة أصيلة تحكي لموقع “شمال بوست” عن رؤيتها للمدمنين،حيث اعتبرت أن الموقف منهم جاء بعد أن انتقلت الى مدينة طنجة حيث تعمل بها و تسكن بمنطقة بئر شيفاء، المنطقة التي أصبحت ملجأ للمنحرفين والمجرمين والمدمنين.
نسرين وبحسرة كبيرة تقول : ” ما عانيته مع هذه الفئة يجعلني في بعض الأحيان أحقد عليهم، فأنا تعرضت للسرقة مرات عدة وكنت على شفى أن أفقد حياتي، لم أعد أستطيع الخروج و الذهاب إلى العمل بحرية، لم أعد أستطيع الجلوس في المنزل مع عائلتي بسبب الألفاظ النابية التي نسمعها كل يوم صباح مساء ليل نهار “.
و تضيف نسرين في ” نظري يجب على الأمن أن يتحمل مسؤوليته من خلال ردع ومعاقبة هذه الفئة التي أصبحت تشكل خطرا علينا، كما يجب محاسبة كل شخص يقوم بإدخال هذه المواد السامة إلى بلادنا “.
لطفي: شكون المسؤول حتى يولي مواطن مدمن.
لطفي شاب مغربي معطل يقطن بحي كسابرطا، أبى إلا أن يدلو بدوله حول نظرة المجتمع لمتعاطي المخدرات لجريدة نقطة التحول.
لطفي يحكي لــ “شمال بوست” انا إبن حي شعبي، ابن منطقة فلوجة بكسابراطا تربيت مع المدمنين أو “جناكا “ومعهم عايشت مشاكلهم ومعاناتهم سواء مع الإدمان (المونو ) ومصروف السخرة أو من خلال الحكرة التي يتعرضون لها بشكل يومي من طرف المخزن والبزناز والعائلة والجيران وكل فئات المجتمع”.
ويضيف لطفي ” بالنسبة لي أتفهم الوضعية التي تعيشها هذه الفئة وأرفض الحكرة التي يتعرضون لها، لكن في نفس الوقت افتهم أيضا العائلة والجيران، فحالة الرفض والإقصاء لهم ناتجة عن معاناتهم مع المدمنين فالسرقة والسب والقدف والدخول المتكرر للسجن وإنعدام النظافة وغيرها كلها أشياء تجعلك تفقد الثقة فيهم، فهم مساهمون في النظرة المجتمعية التي تنظر إليهم، لكن بالمقابل على المخزن أن يغير معاملته لهم وعليه أن يتحمل المسؤولية حتى يلقي القبض عن من كان السبب وراء تحول هؤلاء الشباب المواطنين إلى مدمنين.
لطفي وبنظراته الحادة وبحسرة الشاب المعطل، يقول ” ما نعيشه اليوم ناتج عن سياسة واعية من طرف المسئولين المغاربة حتى لا نتمكن من التفكير في حقوقنا ومطالبتنا بها، و هذا لا يتسنى لهم إلا من خلال نشر ثقافة غريبة علينا ثقافة الوصم والإقصاء و التهميش”.
كريم: لا أعرف معنى الوصم لكن المدمنون يشكلون خطرا على المجتمع.
كريم شاب يافع لم يبلغ بعد سن الرشد ينحدر من جبال الشمال ترعرع في مدينة “الفنيدق” التي لا تبعد إلا بمئات أمثار عن مدينة سبتة المحتلة من طرف الإسبان، لا يعرف جيدا المخدرات الصلبة ولا المخاطر المرتبطة بها، لكنه يمتلك حكما على مدمني المخدرات القوية بسبب ما يسمعه عنهم، فكان له هذا التصريح لـ”شمال بوست”:” لا أعرف معنى الوصم، لكن إذا كان يعني الإقصاء و التهميش، فأنا لا أرى ذلك لأن الحكم الذي يحكمه المجتمع على المدمنين هو حكم منطقي ناتج من سلوكياتهم و تصرفاتهم المنحرفة و التي تكل خطرا على المجتمع نتيجة الجرائم التي يرتكبونها.
كريم يضيف صحيح إنني لا أعرف جيدا أنواع هذه المخدرات وليست لدي معرفة أو دراية بالمدمنين، لكن ما أسمع من الناس أو ما أقرأه في الصحافة يجعلني انحاز لرأي الأغلبية، لأنهم يشكلون خطرا علينا.
شطيبات: متعاطي المخدرات مواطن كامل المواطنة.
الإعلامي الطنجي المعروف “خالد شطيبات ” يعتبر أن متعاطي المخدرات هو مواطن كامل الأهلية والمواطنة وهو إنسان مريض يجب الاهتمام به وتوفير له الشروط الكاملة للخروج من دوامة الإدمان.
شطيبات الإعلامي بإذاعة طنجة يعتبر أن الوصم الذي يتعرض له متعاطي المخدرات من طرف المجتمع هي صورة نمطية لا تعكس الحكم على الفعل الممارس فقط، دون الوقوف عند الأسباب والمسببات والوقوف عن من هو المسؤول.
خالد يؤكد لشمال بوست، لا يمكن تغيير نظرة المجتمع للمتعاطي المخدرات، خاصة القوية منها، دون محاولة تغيير التفكير السائد وذلك من خلال خلق برامج توعوية تحسيسية لكافة أفراد المجتمع.