“البصاصون في تطوان وحكاية خلية الفواكه”
تغير ذلك الزمن الذي كانت فيه الدولة تُجنذ أجهزتها القمعية لملاحقة الحركات المدنية المعارضة لسياستها، وتغيرت الوسائل والأساليب التي تم نهجها في زمن ليس بالبعيد، لكن القمع ومحاربة كل من يخالف رأي الدولة لم يتغير، وكانت أول مواجهة مفتوحة لهذه الأجهزة في بداية سنة 2011 مع حركة 20 فبراير، حيث برعت الولاية الشريفة بإشراف الوالي اليعقوبي في اختراع آليات ووسائل خاصة ومثيرة للضحك بقدر ماهي مثيرة للسخرية.. حيث جندت أجهزة الولاية بالتنسيق مع أجهزة التخابر التقليدية الصحفيين أو أشبهاهم، والموظفين والسياسيين وبعض المناضلين أو المحسوبين على ذلك وكذلك نشطاء المجتمع المدني المصنف في خانة جمعيات السهول والهضاب، ولم تعد الوسيلة تستدعي الاعتقال والقمع المباشر، بقدر ما ركزت على أسلوب التشويش والتمييع والاختراق وترويج الأخبار الكاذبة، وتشويه بعض المناضلين في حركة المطالبة بالإصلاح والتغيير.
تروي مصادرنا أن قسم الشؤون الداخلية في ولايتنا الشريفة أشرف حينها بتوجيهات من الوالي على تأسيس خلية للتشويش على الحركة الفتية واختراقها، واختار لها اسما مثيرا للضحك، اختار لها إسم “خلية الفواكه“..
ماسرُّ هذه الخلية ؟ وكيف تشكلت ؟ ومن هم أعضائها الأشاوس ؟؟ …
يُحكى أن سر التسمية يتعلق بتعددية عناصرها وتنوعهم، منهم المدوِّن والصحافي والمعلم والاداري والعاطل والتاجر والبائع المتجول والنقابي والحِزبي وغيرهم…، ويحكى أن مثل هذا الكوكتيل أوحى للمشرفين عليها بتسميتها “خلية الفواكه” وهي التسمية التي تبنتها الأجهزة في تقاريرها المرفوعة إلى الجهات المسؤولة.
المسؤولين حينها في الولاية كانوا يجتمعون بأفراد الخلية كلٌّ على انفراد، وبشكل منتظم تحت إشراف الأجهزة التي كانت تؤطر المُجندين فيها، وتحدد لهم مواقع عملهم والأهداف المرسومة لكل واحد منهم بالاضافة إلى ما يكفي من المال لتسهيل تحركهم واختراقهم للمجموعات الشبابية وغيرها.
المجندين في هذه الخلية يتوزعون على قسمين، الأول يتفنن في جمع الأخبار، وأحيانا صُنعها طمعا في المزيد من رضى مُشغليه، وغالبا ما ينحشر في كل جلسات المقاهي والندوات والنشاطات بحثا عن كواليس الحدث، وهؤلاء لا يترددون في النبش في حياة من أوصتهم الجهات الولية بمتابعتهم، أما القسم الثاني فيتكون من أطر مختلفة بعضهم داع صيته بالمواقف الراديكالية ورفع السقف في نقاشات المقاهي هدفها استدراج المعنيين بالمتابعة إلى التصريح عن آرائهم، وبعض هؤلاء تجدهم من الصف الأول ببعض النقابات وبعض الأحزاب، وتحكي مصادرنا أن أحدهم كان مسؤولا عن شبيبة حزبية بتطوان تمتد في تاريخها إلى المعارضة الشرسة على عهد الحسن الثاني، ولم يكن يُخفي على بعض أصدقائه ما كان يتوصل به من إتاوات لا تتعدى 200 درهم وبعض قارورات الجعة المدفوعة الثمن في الحانات الرديئة، والتي كان مصدرها قسم بولاية تطوان يشرف على طابور البصاصين بالمدينة.
تروي مصادرنا أيضا أن احد أبرز مُجندي هذه الخلية كان موظفا بالجماعة، تم اختياره بعناية، لتاريخه “المشرق” في مجال (البصاصة) ولهوسه الشخصي بتقمص دور المخبر ولشغفه بالتقرب من الوالي.. كما شفعت له تجربته الشخصية منذ أن كان طموحه العمل عونا للسلطة (مقدم)، حيث نجح بامتياز في اقتحام جمعية المعطلين بتطوان أيام مجدها، ونقل عن اجتماعات وتحركات مناضليها حينها كل أسباب رضى رجال السلطة عليه.. الطموح بمنصب تمقدميت سيتلاشى مع أول فرصة للعمل بالجماعة، وهو ما شكل قفزة نوعية في مسار هذا المجند الصغير، ومن حينها وهو يتدرج ويتنقل في المناصب والمسؤوليات بالجماعة مستعينا بخدماته للسلطة وإتقانه للعب دور العبد المطيع والبصّاص الفصيح.. سنتين بعد تقربه من أحد باشوات تطوان وعمله اللصيق معه، ستنطلق شرارة حركة 20 فبراير، حيث سيظهر مخبرنا الدائع الصيت بعلاقته بعدد غير قليل من ملفات الفساد عندما كان بصاصا رسميا في ديوان الرئيس السابق للجماعة الحضرية لتطوان، وسيتقمص صاحبنا وجه المناضل الجسور المدافع عن قيم الديمقراطية والحداثة وتغيير النظام (سقف مطالب حركة 20 فبراير).. شارك بفعالية في المسيرات والوقفات ودافع باستماتة عن الحركة في النقاشات !! مستغلا جهل جيل من الشباب المتحمس للحرية والعدالة الاجتماعية بماضيه..
كانت التوجيهات أن يخترق ويحتوي بعض الشبان الذين وثقوا في نضاليته بالتنسيق مع باقي أعضاء خلية الفواكه الذين نجحوا بدورهم في عمل نفس الأمر مع شبان آخرين، لتنطلق المرحلة الثانية من المهام الموكولة له والمتعلقة بإنشاء عدد من الصفحات الوهمية بموقع فايسبوك، الغرض منها مهاجمة كل من لم يتم احتوائه وتشويهه وتمييع مبادراته وتسفيه أفكاره… بعد نهاية المرحلة الأولى من الحراك سيتم تكليفه بمهمة متابعة الشأن السياسي في الانتخابات البرلمانية ل2011 والاستفاذة من فتوحاته الفايسبوكية وعدد منخرطي إحدى الصفحات المشهورة حينها والتي يديرها رفقة أشخاص آخرين أغلبهم لا يعرفون مهمة صديقهم، إضافة إلى إعداد تقارير يومية عن مرشحي الأحزاب وتحركات منخرطيها وحملتهم الانتخابية وتشويه المرشحين المغضوب عليهم من الولاية الشريفة.. وسيحضى الملقب ب”البوطيخو” بترقية مهنية مكافأة له على خدماته..
ليس العيب في أن تكون للدولة عيون، وأن تُجند البصاصين والمخبرين لمحاربة الجريمة و الارهاب، والسهر على الأمن والاستقرار، لكن أن تصبح هذه الأدوات وسيلة للارتزاق ولتصفية الحسابات الشخصية ولمواجهة فعل مدني أو رأي مخالف أو حراك اجتماعي مدني يهدف الاصلاح ويحمينا من أخطار التطرف والاحتقان، فهي الكارثة، وأن تُجند هذه الجهات سربا من الأشباح يجلسون وراء حواسيبهم يشتغلون ليل نهار على تشويه الشرفاء من أبناء المدينة ويختلقون بأمر من الجهات الصانعة لهم أكاذيب وإشاعات، ويختلقون أحيانا بعد إدمانهم على البقشيش روايات كاذبة تعود بعد مدة بأشد الأضرار علينا وعلى الدولة ومؤسساتها المحترمة، فهو عينُ المقامرة بأمن المملكة.
مثل هذه الخلية، ومثل أعضائها من المُجندين بأبخس الأثمان عوّضوا الأجهزة التقليدية والرسمية في مراقبة الحراك الاجتماعي الذي أزعج الدولة العميقة وبعض النافدين في أجهزتها المحلية، وبمثل هؤلاء حاولت بعض الأجهزة الولائية التحكم في الحراك الاجتماعي، وتكميم الأفواه، ومثل هؤلاء يتكلفون اليوم بالتشويش على أي عمل صحفي هادف ورزين، بل نعرف أن جهات في الولاية جندتهم للتشويش علينا غضبا على هذه السلسلة التي نقلها أستاذنا أحمد الخمسي إلى الوطنية عبر مقاله القيم في جريدة الأيام، وقريبا سيُصبحُ لها صدى دولي.. أحد هؤلاء المجندين معروف بلقب “الشطاّحٌ” وهو رئيس ل”جمعية حقوقية” رغم أنه لا يتقن الكتابة والقراءة، رصدته مصادرنا وهو يتردد بإسراف على مقر الولاية بطنجة، مستغلا علاقته ببعض المقربين من جناب الوالي، ليعرض عليه مساعدته بتكميم هذا الموقع بعد أن استطاع بطرق هي موضوع التحقيق استصدار حكم غيابي ضد موقعنا بعد شهرين من وضع شكايته الكاذبة بالمحكمة !! مستعملا كل وسائل التزوير والتدليس والكذب على القضاء.. وبالمناسبة نحن في موقع شمال بوست لانهاب مثل هذه الشطحات بالقدر الذي نثق برزانة السيد الوالي وبتفاعله الايجابي مع هذه السلسلة من ولاية يعقوبيان التي أوضحنا في انطلاقتها أنها لا تستهدف شخص الوالي المحترم ولا مؤسسات الدولة، كما لانتصور أن جنابه سينزلق في مطبات اللعب الصغير. ومهما يكن سنواصل عملنا بمهنية ومسؤولية وتصميم.
مهما كان، لن نسقط في فخ ردود الفعل، ولا الرد بالتشهير والقدح والتشخيص، وسنستمر على خطنا الملتزم بمبادئ الصحافة، والقيام بدور المتابعة والتحقيق ونقل الخبر دون المس بالاشخاص أو بالمسؤولين، ونُجدِّد التزامنا بتثمين الايجابي من عمل المسؤولين والتعريف بالسلبي من قراراتهم، التزاما بتعاقدنا مع الوطن والمواطنين.
سنتحفكم في حلقات قادمة بالمزيد من الفواكه، بعضها مثير وساخر.